قالت صحيفة "إسرائيل اليوم" إن إسرائيل ستبدأ في شهر حزيران/ يونيو المقبل، بإنشاء سياج حدودي، يمتد من الجولان المحتل إلى مدينة إيلات، بطول 425 كلم، وبتكلفة تصل إلى 5.2 مليارات شيكل، وسيتم إنجازه خلال ثلاث سنوات.
وتأتي هذه الخطوة تنفيذاً للمخطط الذي كان وزير الأمن الإسرائيلي يسرائيل كاتس، أعلن عنه، خلال جولة قام بها على الحدود الأردنية، في شباط/فبراير الماضي، قائلاً إن "الهدف من الجدار هو منع تهريب السلاح وتشجيع الإرهاب"، متحدّثاً عن أهمية "تعزيز الاستيطان" في الأغوار. وأضاف أنه أوعز بتسريع إقامة مستوطنات جديدة على طول مسار الجدار، في خطوة تهدف إلى تعزيز ما وصفه بـ"السيطرة الإسرائيلية على المنطقة".
وفي توجه واضح لتنفيذ مخططه، قال كاتس، اليوم الثلاثاء، إن إسرائيل لن تسمح للسلطة الفلسطينية بالسيطرة على الضفة الغربية المحتلة.
وأضاف خلال جولة في المنطقة، برفقة وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، "كما نسحق الإرهاب الفلسطيني في مخيمات جنين وطولكرم ونور الشمس، سنمنع أي محاولة من السلطة الفلسطينية للسيطرة على يهودا والسامرة وإلحاق الضرر بالمستوطنات اليهودية".
من جهته، قال سموتريتش إن "عام 2024 شهد العدد الأكبر من عمليات هدم المباني الفلسطينية على الإطلاق في الضفة الغربية المحتلة". وأضاف مستخدماً التسمية الإسرائيلية للضفة الغربية "خلال العام الماضي، حطمنا الرقم القياسي في هدم المباني العربية غير القانونية في يهودا والسامرة ... لكي نكسب هذه المعركة، علينا استخدام أدوات استراتيجية إضافية"، متحدثاً عن التوسع الاستيطاني وبناء مستوطنات إسرائيلية جديدة.
تهجير واسع في شمال الضفة
بالتوازي مع خطة الجدار، تنفذ على الأرض سياسات تهجير قسري واسعة النطاق بحق آلاف الفلسطينيين في شمال الضفة الغربية، وتحديداً في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس. وعبّر كاتس عن ذلك بقوله إن "إسرائيل قامت بتهجير أكثر من 40 ألف فلسطيني من هذه المخيمات"، متباهياً بأنه أعطى أوامر للجيش بالبقاء هناك لمدة عام كامل، لمنع عودة السكان.
كما تم تعطيل عمل وكالة "أونروا" في هذه المناطق، بينما واصلت قوات الاحتلال تعزيز وجودها العسكري عبر وحدات مدرعة وعمليات اقتحام لبلدات مثل قباطية، وسط تصعيد يوحي بخطة طويلة الأمد لـ"تفكيك المجتمع الفلسطيني في الشمال"، بحسب منظمات حقوقية.
ووصف مدير وكالة "أونروا" في الضفة رولاند فريدريك، حجم النزوح بأنه "غير مسبوق"، مؤكداً أن آلاف العائلات أصبحت بلا مأوى.
وفي تقرير صادر عن منظمة أطباء بلا حدود، قال مدير العمليات بريس دو لا فين إن "الضفة الغربية المحتلة لم تشهد تهجيراً قسرياً بهذا الحجم منذ عقود"، مضيفاً أن "المخيمات تحولت إلى أنقاض، والسكان لا يستطيعون العودة بسبب منع الوصول من قبل الجيش الإسرائيلي".
وأشار التقرير إلى أن عشرات الآلاف من النازحين، يفتقرون إلى الخدمات الأساسية والمأوى والرعاية الصحية، داعياً إسرائيل إلى وقف هذه السياسات وتوسيع نطاق الاستجابة الإنسانية.
تسارع غير مسبوق في الاستيطان
في ظل هذه الإجراءات، كشفت وثائق رسمية وتصريحات لمسؤولين إسرائيليين إن الحكومة استغلت الانشغال الدولي بالحرب على غزة لتكثيف وتسريع المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية. فقد صادق مجلس التخطيط الأعلى خلال أقل من ثلاثة أشهر على بناء أكثر من من 9 ألاف و50 وحدة استيطانية في مناطق متعددة من الضفة، في ما يعد وتيرة غير مسبوقة منذ سنوات.
وقالت منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية إن الحكومة انتقلت إلى "نمط المصادقة الأسبوعية" على المخططات، في محاولة لتقليل التغطية الإعلامية والضغط الدولي على ما وصفته بـ"تسارع ممنهج للبناء الاستيطاني". وجاء في تقرير المنظمة أن "هذا ليس تطبيعاً للبناء الاستيطاني، بل فرض لواقع لا يمكن التراجع عنه لاحقاً".
عزل الضفة جغرافياً وديمغرافياً
ويهدف مشروع الجدار، المصحوب بتوسيع المستوطنات وعمليات التهجير، إلى عزل الضفة الغربية عن الأردن وإنهاء أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي. وتخشى منظمات حقوقية أن تؤدي هذه السياسات إلى تفكيك الضفة إلى جيوب سكانية معزولة ومحاطة بالجدران والحواجز، ما يكرس واقعاً استعمارياً طويل الأمد على الأرض.