ليست القصة مسألة اعتداءات منفردة، أو رداً محصوراً على محاولات مشبوهة لتوريط لبنان. فالجميع يعلم، أن سيف الضغوط سيبقى مسلطاً على لبنان، بين السياسة والنار، حتى محاولة الوصول للأهداف الموضوعة. والأخيرة، تبدأ بمفاوضات سياسية مع إسرائيل وقد لا تنتهي بالتطبيع وحده!هنا يصبح المشهد اللبناني في مكانٍ آخر. ذلك أن استمرار الإعتداءات الإسرائيلية من الجنوب إلى الضاحية فأقصى البقاع، سوف يحول لبنان إلى يوميات الجحيم. فلا قدرة عسكريةً للردع، فيما لا يزال الركام شاهداً على صعوبات إعادة الإعمار المشروط هو الآخر بالمطالب السياسية. أما الرهان على الوحدة الداخلية، فدونه أضغاثُ أحلامٍ ومرارة الواقع.
ففجر الأول من نيسان، استفاقت الضاحية الجنوبية على اعتداء جديد أودى بقياديين في حزب الله. هذا فيما سارع لبنان الرسمي، وتحديداً رئيس الجمهورية جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام، إلى التشاور لبحث احتمالات التعاطي مع العدوان المستمر.
لكن على المقلب الآخر، ترتفع درجة الإنقسام الحكومي بين وزراء حزب الله ووزراء القوات اللبنانية، التي تواصل التصويب على "الحزب" وعلى ضرورة نزع سلاحه بالكامل كشرطٍ لوقف النار. فيما حزبُ الله بيئةً وتنظيماً، يرى في موقف "القوات" تقاطعاً مع الموقف الإسرائيلي وتصعيداً للضغط عليه من اليد الداخلية.
على خط آخر، لفتت مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في المحاضرة التي ألقاها في الأكاديمية الدبلوماسية المجرية في بودابست خلال زيارته الهنغارية أمس الإثنين. ففي استعراض للدور المسحي المستقبلي وتحديداً في مستقبل الشرق الأوسط، أكد باسيل أن المسيحيين اللبنانيين سيلعبون دورًا محوريًا في إرساء سلام دائم، يحترم الجميع، وفقًا لخطة السلام العربية التي أُقرت في بيروت. كما لفت باسيل إلى مسؤولية المسيحيين اللبنانيين في الانخراط في مسار إعادة تأهيل مؤسسات الدولة وبناء نظام قوي وخاضع للمساءلة، ما يسهم في التخفيف من مخاطر الصراعات الوشيكة بين الطوائف الإسلامية المتنافسة، التي تُؤججها القوى الإقليمية.