2025- 04 - 02   |   بحث في الموقع  
logo المهندس وليد كرامي: كفاكم تزييفا logo نائب حزب الله يردّ على زميله القواتيّ.. ماذا قال له؟ logo جلسة لمجلس الوزراء يوم الجمعة logo نتنياهو: بدأنا السيطرة على محور "فيلادلفيا الثاني" logo متعاقدو الأساسي: استمرار تعليق الإضراب بانتظار إقرار الدراسة المالية لوزيرة التربية logo خاص - جلسة محاكمة لرجّي في مجلس النواب: ارتباك وقلة حيلة! logo تحية من وهاب لأهل السنة في الساحل السوري logo الرسوم الأميركية تدفع المستثمرين باتجاه الذهب
التضخّم مستمرّ: ارتفاع كلفة الغذاء والتعليم والصحّة
2025-04-01 14:25:53

منذ بدايات الفصل الثاني من العام 2023، أي منذ سنتين بالضبط، دخلت البلاد مرحلة الاستقرار في سعر الصرف، والذي اتخذ تدريجيًا معالم سعر الصرف الثابت منذ صيف العام نفسه. ومنذ ذلك الوقت، لم يعد ارتفاع سعر الصرف عاملًا مؤثّرًا في رفع كلفة الاستيراد، أي في رفع أسعار السلع والمواد الأوليّة في السوق المحليّة. ومع ذلك، لا تزال معدّلات الضخّم مرتفعة، بمعزل عن هذا الاستقرار النقدي الذي حيّد تأثير كلفة شراء الدولار. وفي بداية هذا العام، بدا أنّ أكثر أبواب الإنفاق حساسيّة، وتحديدًا الصحّة والتعليم والغذاء والإسكان، هي التي تقود مؤشّر التضخّم للارتفاع، وهو ما يدل على التداعيات المعيشيّة التي تتركها هذه الظاهرة.معدّل التضخّم السنويحتّى أواخر شهر شباط الماضي، كانت نسبة التضخّم السنويّة، أي معدّل ارتفاع الأسعار مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي، قد ناهزت الـ 15.64%، بحسب أرقام الإدارة المركزيّة للإحصاء. وهذا ما يمثّل انخفاضًا كبيرًا مقارنة بجميع الفترات المماثلة من الأعوام السابقة: 123.21% في شباط من العام الماضي، و189.67% في شباط 2023، و214.59% في شباط 2022، وقبلها 155.4% في شباط 2021. ولم يقل عن نسبة التضخّم الراهنة، خلال الأعوام الخمسة الماضية، سوى تلك المسجّلة خلال العام 2020، والتي لم تتجاوز الـ 11.36% خلال شهر شباط من تلك السنة. وبهذا المعنى، يمكن القول أن نسب التضخّم الراهنة باتت الأدنى التي يتم تسجيلها منذ العام 2021.
من الواضح أنّ الاستقرار النقدي الذي تشهده السوق حاليًا أسهم في ضبط معدلات التضخّم، بعدما كانت أسعار السوق ترتفع بالتوازي مع أي تدهور في سعر صرف الليرة اللبنانيّة. ومع ذلك، لا تزال نسبة التضخّم مرتفعة مقارنة بالمعدّلات الطبيعيّة، التي تسعى إلى بلوغها عادة المصارف المركزيّة. وبشكلٍ عام، لا تظهر معدلات تضخّم من هذا النوع إلا في الدول التي تشهد أزمات ماليّة أو اقتصاديّة خارجة عن المألوف، خصوصًا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أنّ نسبة التضخّم العالميّة كانت تقارب الـ 5.76% خلال العام 2024، أي ما يقارب ثلث نسبة التضخّم التي تسجّلها السوق في لبنان اليوم.
تتعدّد الأسباب التي تساهم في ارتفاع الأسعار الحالية، وأبرزها استمرار كلفة الشحن والتأمين على الشحن البحري، بفعل الاضطرابات في البحر الأحمر. مع الإشارة إلى أنّ كبرى شركات الشحن العالميّة لا تزال تتفادى المرور بتلك المنطقة، وهو ما يفرض عبورها طرقًا بحريّة أطول بكثير، عبر جنوب منطقة رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا. وبطبيعة الحال، يؤثّر هذا التطوّر على أسعار جميع السلع الواردة من مناطق الخليج العربي والهند وجنوب وشرق آسيا، بما في ذلك الصين. وكانت التقديرات الرسميّة، في بداية هذه الأزمة، تقدّر مرور نحو 30% من الواردات اللبنانيّة في منطقة البحر الأحمر، وهو ما يؤشّر إلى التأثير الكبير لهذا التطوّر على أسعار السوق.
في الوقت نفسه، ثمّة عوامل أخرى رفعت من أسعار السوق المحلّي، ومنها تضرّر النشاط الزراعي في مناطق واسعة من البقاع والجنوب اللبناني، بفعل الحرب الإسرائيليّة على لبنان. مع العلم أن محافظتي الجنوب والنبطيّة تساهمان معًا بنحو 22% من الأراضي الزراعية المستصلحة، فيما تحتويان معًا على 11% من مراكز توضيب وتوزيع المنتجات الزراعيّة. وبمجرّد تضرّر النشاط الزراعي في هذه المناطق، كان من الطبيعي أن يتقلّص العرض، ما يؤدّي إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائيّة، وهذا ما حصل بالفعل. مع العلم أن الاضطرابات التي أثّرت على الشحن البحري رفعت بدورها من أسعار البدائل، التي كانت تعوّض عن نقص الإنتاج المحلّي.
هذه العوامل، تزامنت مع ضعف الرقابة على أسعار السوق، والاحتكارات التي تسهّل تحكّم عدد محدود من المورّدين بالأسعار. كما لا تزال أسعار السوق "تهضم" بعض تأثيرات الأزمة الاقتصاديّة، ومنها التصحيح التدريجي في الأجور، الذي يفرض تلقائيًا رفع الأسعار، وكذلك تصحيح قيمة عقود الإيجار.تأثّر أبواب الاستهلاكالعودة إلى تغيّر أسعار أبواب الاستهلاك، يؤكّد التأثير الاستثنائي لأسعار المواد الغذائيّة، التي ارتفعت كلفتها في السوق بنسبة 20.5% بين شباط 2024 وشباط 2025، وهو ما يفوق نسبة التضخّم العام. وعلى النحو نفسه، ارتفعت أسعار الخدمات الصحيّة، التي تشمل الاستشفاء والدواء، بنسبة 21.32%، بينما ارتفعت كلفة التعليم بنسبة 30.78%. وبدا واضحًا أن ارتفاع كلفة التعليم عائد بشكل أساسي لتصحيح الجامعات والمدارس الخاصّة، وبشكلٍ تدريجي، للأقساط السنويّة، بعدما تدنّت قيمتها الفعليّة طوال سنوات الأزمة بفعل تدهور سعر الصرف.
الإشكاليّة الأساسيّة في كل ما سبق، تكمن في استمرار ارتفاع الأسعار، أي استمرار التدهور في القدرة الشرائيّة للمواطنين، من دون وجود أي تصحيح شامل وجدّي لأجور العاملين في القطاعين العام والخاص. وهذا ما يعني تلقائيًا استمرار الارتفاع في نسب الفقر، واستمرار التقلّص في حجم الطبقة الوسطى، تمامًا كما أشار تقرير البنك الدولي الذي وجد أن نسب الفقر تضاعفت ثلاث مرّات خلال عقد واحد. أمّا ضعف الرقابة على أسعار السوق، وظاهرة الاحتكارات، فستسمحان باستمرار التفلّت الحاصل في تسعير السلع، رغم الاستقرار الحاصل في سعر صرف الليرة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top