2025- 04 - 02   |   بحث في الموقع  
logo المهندس وليد كرامي: كفاكم تزييفا logo نائب حزب الله يردّ على زميله القواتيّ.. ماذا قال له؟ logo جلسة لمجلس الوزراء يوم الجمعة logo نتنياهو: بدأنا السيطرة على محور "فيلادلفيا الثاني" logo متعاقدو الأساسي: استمرار تعليق الإضراب بانتظار إقرار الدراسة المالية لوزيرة التربية logo خاص - جلسة محاكمة لرجّي في مجلس النواب: ارتباك وقلة حيلة! logo تحية من وهاب لأهل السنة في الساحل السوري logo الرسوم الأميركية تدفع المستثمرين باتجاه الذهب
الفطر بدمشق: السوريون يعيدون كتابة الحكاية بعد الأسد
2025-04-01 00:56:59

تكبيرات الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر تطير كاليمام وتلف قباب الجوامع. تغمر سماء متعبة، معلنة قدوم العيد، بعد أن حملت دمشق على كتفيها وزر سنوات عجاف طويلة من الاستبداد والظلم واليأس في عهد الأسد، ها هي اليوم تفتح أبوابها السبعة من الباب الشرقي، الى الباب الصغير، مروراً بباب توما وباب الفرج، الى باب الفراديس، تستقبل عيدها وفردوسها المنهوب، وضيوفها وأهلها الغائبين عنها.
مع انتهاء شهر رمضان، احتفل السوريون في دمشق بعيد الفطر الأول. عيدهم هذ العام كان مختلفاً. عيدهم هذا العام بلا بشار الأسد وأبيه وعائلته، صلاة السوريين كانت على كتف قاسيون، أقرب إلى الله، بعد سقوط حواجز ليست اسمنتية فحسب. حواجز ثقافية، واجتماعية كثيرة، اشتغل عليها نظام البعث منذ 60 عاماً تقريباً.
عيد وصلاة على سفح قاسيون
بعد الزلزال السوري الذي وصلت ارتداداته الى كل البلدان المجاورة، "يجمع عيد الفطر عائلات دمشق والأصدقاء، هو عيد للجميع هذا العام"، يقول محمد الشاب الأربعيني لـ"المدن"، مضيفاً أن "السنة الحالية هي سنة مباركة، لأنه العيد الأول بدون بشار الأسد.. بشار الظالم"، مؤكداً "أن السوريين جميعهم فرحون. الدمشقيون، وأهل ريف دمشق، فالنصر السوري ليس لأهل الشام وحدهم، هو فرحة لكل العالم، لزوال الظلم، وأطلب من الجميع أن يعيّدوا كما يشاؤون فنحن أصحاب العيد".
في بداية العيد، الذي يحتفل به السوريين بطريقة مختلفة وشعائر مختلفة، أقيمت هذا الصباح صلوات جماعية، في مساجد دمشق.
في أيام النظام البائد، كانت صلوات العيد مضبوطة بشكل كبير من قبل عناصر الأمن، خصوصاً بعد بداية الاحتجاجات، في العام 2011 فكان الناس يحاولون توقع المكان الذي سيصلي فيه الأسد، كان رجال الأمن ينتشرون في أماكن مختلفة، ليظن الجميع أن الأسد سيصلي في احداها صلاة العيد، ليتفاجأ الناس في صباح العيد، أن الأسد قد صلى خارج دمشق أو في ريفها، أو في محافظة أخرى.
أما اليوم فقد سقطت هواجس أمنية كثيرة، ففي صباح اليوم الأول جهزت عناصر الأمن العام، ومحافظة دمشق، الكثير من الساحات للصلاة جماعة، واجتمع الآلاف بالقرب من ساحة الجندي المجهول. بدت الفرحة ظاهرة على وجوه الكثيرين، الذين عبّروا بعد نهاية الصلاة عن فرحة لا توصف، بعد تلك الصلاة المفتوحة على سفح جبل قاسيون، وهم ينظرون إلى دمشق، وكأن روح دمشق خارجة من قمقم أبدي. بعد نهاية الصلاة يقول أحد المسنّين "إنه العيد الأول بلا إجرام، وبلا خوف، وبلا براميل الموت".
عادات.. وبهجة
تتبع صلاة العيد في ساعات الصباح الباكر، سلسلة من العادات التي تعطي العيد حيوية، وبهجة، فبعد خروج المصلين من جامع أرسلان الدمشقي بالقرب من باب توما، حملوا أغصان الآس الخضراء ليزوروا أمواتهم في المقبرة القريبة.
يقول أحمد صاحب محل الاقمشة في سوق الحرير، لـ"المدن": "بالنسبة إلى الكثيرين فإن يوم العيد يمثّل قيمة القيم، التي تم تسليط الضوء عليها خلال شهر رمضان ومنها الرحمة والصبر، ويضيف "كانت الأعياد في العقود الماضية تمر بشكل عادي، أما هذه المرة وبعد سقوط النظام، فلم تكن تقليدية أو عادية، هو عيد حقيقي بكل ما يحمله العيد من معانٍ مختلطة، هناك شعور ما يختبئ داخلنا، لا استطيع وصفه ربما".
يؤكد أحمد "أنه منذ ثلاثة أشهر استطاع أن يذهب إلى مدينته دوما شرق دمشق، من دون أن يوقفه أي حاجز، فقط كان يرمي السلام على بعض عناصر الأمن المنتشرين، على جوانب الطريق، في دمشق، وحولها".
إحدى السيدات أمام الجامع الأموي، لم تستطِع إخفاء فرحتها الغامرة في هذا العيد، المختلف و"هذا النصر الكبير، الذي أنعم الله به على السوريين في سوريا العظيمة". كذلك صبية جميلة، حاولت بضحكة أن تخرج عن بعض حيائها وخفرها، لتنقل فرحة لا توصف، معايدة كل السوريين بأطيافهم، ومشاربهم.
وردة غياث البيضاء
في أول أيام عيد الفطر، خرج أبو يامن منذ الصباح من جرمانا، إلى حران العواميد في الريف الدمشقي والتي تقع بجانب مطار دمشق الدولي، ليزور بلدته للمرة الأولى منذ 12 عاماً، بعد أن سوّى طيران الأسد وبراميله، نصف مدينته بالأرض، عند الظهيرة عاد أبو يامن، يرافقه فرح غريب، كان قد فقده بعد أن تمكّن من زيارة قبر والديه، وهو يتمتم ويقول: "الحمدلله الحمدلله، عشنا وشفنا، سوريا بدون بطش واستبداد عائلة الأسد".
في "سوق الجمرك القديم" داخل سوق الحميدية، وبالقرب من الجامع الأموي، التقت "المدن" بأحد أبناء داريا الذي استذكر الناشط السياسي الشهيد غياث مطر: "واجه رصاص قوات الأمن السورية بالوردة البيضاء وزجاجة ماء"، في بداية الاحتجاجات التي شهدتها داريا وكافة المدن السورية في العام 2011، ويضيف الشاب الأنيق بغصة، ودمعة، "استشهد غياث أثناء تحقيق الأمن معه، لكنه سيبقى أيقونة للثورة التي انتصرت بعد كل سنوات الألم الطويلة".
في زحمة العيد لم يهتم أهل دمشق كثيراً بالأسماء في الحكومة التي أعلنها الشرع أمس الأول. فقط لفت انتباه الفنان التشكيلي نسيم إلياس، والذي كان يشتري بعض البهارات واللوز من البزورية، "أن الوجود النسائي في احتفال إعلان الحكومة الانتقالية كان نادراً ليظهر الرداء الأبيض لوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل الجديدة، واضحاً جداً أمام الغلبة الذكورية على الاجتماع"، يضحك نسيم قائلاً: "على كل حال اليوم عيد، لنترك السياسة، وأسرارها".
بعد الأسد.. معجزة في دمشقأما أيمن الشيخ قاسم الصحافي السوري فهو لم يصدق، أنه يصلي صلاة عيد الفطر، في أحد الجوامع القريبة من منزله في برزة الضاحية القريبة من العاصمة، بعد أن فرّ إلى لبنان، بعد خروجه بأعجوبة من فرع الأمن السياسي. 55 يوماً من الاعتقال قضاها بسبب اتهامات باطلة حول علاقته بتفجيرات في مبنى التلفزيون السوري في بدايات الثورة السورية.
يقول أيمن: "كم كان النظام يكره هذا البلد، وتذكر كيف طرده وزير الإعلام عمران الزعبي من مكتبه، بعد اعتراضه على فصله من الإخبارية السورية، رغم براءته من الاتهامات الموجهة إليه"، ويضيف: "عيد الفطر اليوم هو ليس عيداً للمسلمين السوريين فقط، هو عيد للسوريين جميعاً، لذلك سأعايد السوريين كلهم ليكون اليوم هو عيد للحرية، بعد أن تمكنا من تنفس الصعداء، فقد سرق رجال الأسد من دمشق هواءها النقي. صدقني، بلادنا جميلة جداً، لنعينها مرة أخرى على القيامة من جديد، هي معجزة حصلت في دمشق، لا يمكننا تجاوزها، لا أخاف اليوم من عودة ابني الصغير للعيش فيها".
فرحة بلا زبائن
عشية العيد كان سوق الحميدية يعجّ بالرجال والنساء، وفي محل بكداش الشهير للبوظة، لم يخفِ الباعة هناك، شعورهم أنه رغم نشوة النصر بسقوط النظام الغاشم إلا "أن الوضع الاقتصادي للسوريين بات صعباً، والمحال المجاورة فرغت من الزبائن. لم يتغير شيء حتى اللحظة، وما زال الكثيرون يعتمدون على التحويلات الخارجية"، و"الكثيرون، من الذين يمرّون من هنا لا يستطيعون شراء صحن البوظة الذي نقدمه في محلنا، والذي يبلغ ثمنه 20 ألف ليرة سورية"، (ما يقدّر تقريباً بدولارين أميركيين).
في الطريق إلى جرمانا جنوب دمشق، يشكو سائق باص من قلة الزبائن، ففي ظل غياب زحمة العيد على غير العادة، يذهب هذا السائق براكب واحد ويعود بمثله أو بإثنين.
اليوم بعد أن طُويت صفحة نظام القهر والاستبداد، يحاول السوريون إعادة تأليف حكايتهم والاحتفال بأعيادهم بلا الأسد وزبانيته. يتركون الأحزان خلفهم ويمضون قدماً لرسم وجه سوريا الجديد، وبهذا يعيدون ترتيب حجارة الشارع الطويل، بعد سقوط نظام "البعث" واندثاره في الثامن من كانون الأول/ديسمبر من العام الماضي.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top