انقسمت آراء الفصائل الفلسطينية حول طريقة تعيين السفير رامز دمشقية رئيساً للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني بدلاً من الدكتور باسل الحسن. ووفق أحاديث لـ "المدن" رحبت فصائل بذلك التعيين، فيما رأت فصائل أخرى أن نص كتاب التعيين يتجاهل تسمية لجنة الحوار "وهو ما يعكس توجهاً باستبعاد الفصائل الفلسطينية والمجتمع الأهلي من دائرة الحوار، لتغدو اللجنة لبنانية خالصة مهمتها إبلاغ الفلسطينيين بالقرارات من دون مشورة".
عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين فتحي كليب رحب بتعيين السفير رامز دمشقية كرئيس لفريق العمل اللبناني لمعالجة قضايا اللاجئين الفلسطينيين متمنياً "للسفير النجاح في مهمته الجديدة، لجهة تعزيز العلاقات الفلسطينية اللبنانية على أسس متينة تضمن معالجة كافة الملفات التي ما زالت تنتظر نفض الغبار عنها، ووضعها على طاولة المتابعة الحثيثة".
وشدد على أن يكون الحوار "مسؤولاً بعيداً عن المجاملات السياسية، ومناقشة كل عناوين الملف الفلسطيني، سياسياً واقتصادياً وقانونياً وإنسانياً كرزمة واحدة، تتجاوز الصيغ القديمة بحصر العلاقة بملف واحد دون غيره".
واعتبر أن "السفير دمشقية على اطلاع كامل على حقيقة الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، وهو قادر على أن يحقق اختراقات جدية في جدار الحرمان المرفوع في وجه اللاجئين منذ العام 1948. وإن درايته بالملف الفلسطيني وعلاقاته السياسية الإيجابية مع مختلف الاطراف اللبنانية والفلسطينية، تعطيه هامشاً واسعاً في التحرك وفي طرح استراتيجيته التي يجب أن تستفيد من تجارب الماضي، خصوصاً في كيفية طرح بعض العناوين الحساسة".
وختم بالقول "لنا ملء الثقة بأن التاريخ الوطني للسفير دمشقية سيكون رافعة لتعاون جدي ووثيق بين شعبنا بمختلف أطره وسعادة السفير وفريق عمله في لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني لما فيه مصلحة الشعبين الشقيقين، وعلى قاعدة الحقوق والواجبات المتبادلة". ويُذكر أن الجبهة الديمقراطية منخرطة ضمن إطار منظمة التحرير الفلسطينية.
على الجانب الآخر، يرجع مسؤول فصيل فلسطيني ينتمي لقوى التحالف، إقالة باسل الحسن لعدد من الأسباب، منها أسلوب عمله الذي يستند إلى سيولة في التصاريح والتسريبات الإعلامية، بهدف تهيئة الوقائع، على خلاف سلفه حسن منيمنة الذي اعتمد بشكل أساسي على معالجة المشاكل بعيداً من الأضواء، وهو ما أنتج الرؤية الفلسطينية اللبنانية المشتركة عام 2017.
السبب الثاني، وفق المسؤول الفلسطيني، أن الحسن همّش الأحزاب اللبنانية التي كانت شريكة في إنتاج مشاريع ورؤى مشتركة، الأمر الذي تسبب في تذمّر حركة أمل وحزب الله، ودفع النائب وليد جنبلاط إلى مطالبة الحسن بالاستقالة عام 2023.
ويرى هذا المسؤول أن الحسن كان متفرداً في قراراته الرئيسية، واستبعد الفصائل الفلسطينية عن المشاورات في المفاصل المهمة، وهو ما قاد إلى صدام إعلامي بينه وبين السفارة الفلسطينية في بيروت، وإصدار فصائل منظمة التحرير بياناً ينتقدون بصورة علنية ما عدّوه محاولة تهميش دور المنظمة والسفارة، واعتُبر ذلك سابقة في العلاقة اللبنانية الفلسطينية منذ تأسيس لجنة الحوار عام 2005. رغم ذلك يعترف المسؤول الفلسطيني بأن الحسن كانت له مبادرات وازنة، خصوصاً في تنظيم العلاقة مع وكالة الأونروا.
ويستغرب عدم ذكر لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني في نص قرار تعيين السفير دمشقية، ويقول: "ربما تكون هفوة، لكنها تثير المخاوف من أن نكون مقبلين على مرحلة يجري فيها تجاوز للحوار، لصالح قرارات تُسقط على الفلسطينيين من دون وعي كافٍ بواقعهم، أو حديث مسبق مع مسؤولي الفصائل الفلسطينية الذين هم أكثر إدراكاً بهذا الواقع. وهناك خشية جدية أن تكون الرعاية الدولية للبنان بعد العدوان الأخير دافعة أساسية لهذا التوجه".
ولا ينكر هذا المسؤول أن الانقسام الفلسطيني، وغياب الرؤية المشتركة المعلنة بين الفصائل الفلسطينية، يؤثّر سلباً في الحوار بين السلطات اللبنانية وهذه الفصائل، ويضرب مثالاً في قضية السلاح "فحركة فتح تعلن على لسان رئيسها ومسؤوليها أنها مع تسليم السلاح الفلسطيني، بينما فصائل قوى التحالف تدعو إلى تنظيم السلاح داخل المخيمات. وهناك خلاف آخر حول إدارة المخيمات، إذ ترى حركة فتح أن الفرصة سانحة لتسلّمها إدارة هذه المخيمات، وهي تدرك أن ما جرى في سوريا والعدوان على لبنان، أضعفا قوى التحالف".
ويكشف المسؤول الفلسطيني أن زيارة فريق ماجد فرج للبنان مؤخراً، وليس فرج نفسه كما جرى تداوله بالإعلام، كان بهدف التوصل إلى نقاط مشتركة مع الجانب اللبناني حول إدارة المخيمات، وخصوصاً الجانب الأمني فيها، إذ طرح مبعوثو فرج أن يتسلم الأمن الوطني الفلسطيني أمن المخيمات بالتنسيق مع الجانب اللبناني. ومن المنتظر أن يتم طرح السلاح الفلسطيني في المخيمات وغيره من القضايا خلال الزيارة المرتقبة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للبنان.
ويعتبر مسؤول الفصيل الفلسطيني، ضمن قوى التحالف، أن هناك ضرورة للقاء عاجل لكل الفصائل الفلسطينية، من خلال هيئة العمل الفلسطيني المشترك، لطرح رؤية موحدة "وإلا فإن الحكومة اللبنانية ستنفّذ رؤيتها منفردة، والتي بات واضحاً أنها جاهزة، ووُضع الكثير من بنودها موضع التنفيذ".