قالت مديرة المخابرات الوطنية الأميركية، تولسي غابارد، يوم الأربعاء، إن إضافة رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك" إلى محادثة جماعية على تطبيق "سيغنال" لمناقشة خطط حربية حساسة كانت "خطأ". جاء ذلك خلال جلسة استماع في مجلس النواب الأميركي حول التهديدات العالمية، والتي كانت قد تم تحديدها قبل انتشار خبر المحادثة.
وأضافت غابارد أن قدرتها على مناقشة الواقعة كانت مقيدة بعض الشيء بسبب الدعوى القضائية المرفوعة بشأنها. وكان الصحفي الأميركي جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير "ذا أتلانتيك"، قد كشف في تقرير له أن مستشار الأمن القومي الأميركي، مايكل والتز، قد أضافه على نحو غير متوقع في 13 آذار إلى مجموعة دردشة مشفرة عبر تطبيق "سيغنال" للرسائل، والتي كانت مخصصة لتنسيق التحرك الأميركي ضد جماعة الحوثيين في اليمن، وذلك بسبب هجماتهم على حركة الشحن في البحر الأحمر.
وفي أعقاب ذلك، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، براين هيوز، إن المجموعة كانت حقيقية على ما يبدو، فيما أكد البيت الأبيض أنه يحقق في كيفية إضافة رقم غولدبرغ إلى هذه الدردشة. ودعا بعض الديمقراطيين والجمهوريين إلى فتح تحقيق حول ما بدا أنه خرق أمني كبير.
لكن مسؤولين استخباراتيين في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قالوا، يوم الثلاثاء، إنهم لم يشاركوا أي مواد سرية في هذه المجموعة. وفي المقابل، قلل كل من غابارد ومدير وكالة الاستخبارات المركزية، جون راتكليف، من تأثير هذا الخطأ، وذلك خلال جلسة استماع للجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ.
وفي شهادته، اعترف راتكليف بأنه كان ضمن سلسلة الرسائل النصية لكنه أكد أنها كانت "قانونية"، حسبما نقلت "إن بي سي نيوز". كما أوضح أن تطبيق "سيغنال" كان محملاً على جهاز الكمبيوتر الخاص به في وكالة الاستخبارات المركزية عندما بدأ وظيفته، وأكد أنه كان مسموحًا به كأداة اتصال لأغراض العمل.
ورغم ذلك، لم يتطرق إلى ما إذا كان من المناسب مشاركة الخطط العسكرية التفصيلية عبر تطبيق "سيغنال". أما غابارد فقد أجابت على سؤال حول ما إذا تم مشاركة توقيت ومكان الضربات العسكرية المخطط لها في المجموعة، قائلة: "أستطيع أن أؤكد أنه لم تكن هناك أي مواد سرية أو استخباراتية تم تضمينها في تلك المجموعة في أي وقت".
من جانبه، دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مستشاره للأمن القومي، مايكل والتز، وقال في مقابلة عبر الهاتف مع شبكة "إن بي سي نيوز": "تعلم مايكل والتز درسا، وهو رجل جيد". كما أكد أن وجود الصحفي في مجموعة الدردشة "لم يؤثر على الإطلاق" على العملية العسكرية. وأضاف ترامب أنه لم يشعر بالإحباط مما حدث، مشيرًا إلى أن ذلك كان "الخلل الوحيد في شهرين"، وأنه "اتضح أنه لم يكن خطأ جديًا".
وكانت قد نشرت مجلة "ذي أتلانتيك" اليوم الأربعاء ما قالت إنه النص الكامل لخطة هجوم أميركي وشيك على اليمن، والذي تم تسريبه عن طريق مجموعة دردشة في تطبيق "سيغنال" كانت قد أُضيف إليها رئيس تحرير المجلة عن طريق الخطأ.
وقالت المجلة إن المحادثة التي نشرتها تضمن تفاصيل دقيقة حول الهجوم المزمع، بما في ذلك توقيت الضربات وأنواع الطائرات التي سيتم استخدامها. وأوضحت المجلة أن هذه المعلومات تنشرها لأنها تعتبر أن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب نفت مراراً أن المحادثة غير الآمنة تضمنت معلومات سرية.
الواقعة تكشف عن تسريب معلومات حساسة بشكل غير مقصود، حيث تضمن النص المنشور تفاصيل عن خطة عسكرية أميركية ضد الحوثيين في اليمن، وقد أثارت هذه الواقعة جدلاً واسعاً حول مدى أمان وسرية القنوات التي كانت تستخدمها إدارة ترامب في مناقشة العمليات العسكرية.
من جانبها، انتقدت إدارة ترامب بشدة نشر هذه المعلومات، حيث اعتبر تايلور بودوفيتش، معاون رئيسة المكتب الرئاسي، في تصريحات على "إكس"، أن مجلة "ذي أتلانتيك" "تخلّت عن روايتها" بشأن "خطط الحرب" وأضاف أن المقال الثاني الذي نشرته المجلة يكشف أن الرسائل لم تكن محاطة بمستوى عالٍ من السرية كما كان قد زُعم في المقال الأول.
في وقت لاحق، كتب زعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ الأميركي، تشاك شومر، وكبار الديمقراطيين في المجلس رسالة إلى الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، يحثون فيها على فتح تحقيق من قبل وزارة العدل حول كيفية إدراج الصحفي عن غير قصد في المناقشة الجماعية السرية حول خطط الحرب. وأعرب أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون عن شكوكهم إزاء تصريحات إدارة ترامب، مشيرين إلى أن الصحفي جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير "ذي أتلانتيك"، ذكر أن وزير الدفاع بيت هيغسيث قد نشر تفاصيل عملياتية حول الضربات ضد الحوثيين، بما في ذلك معلومات عن الأهداف والأسلحة وتفاصيل الهجوم.
أعرب أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيون في رسالتهم عن قلقهم العميق من سوء التقدير الذي أظهرته إدارة ترامب ومستشارو الأمن القومي. وتابعوا أن الكشف المتعمد أو الإهمال في مشاركة معلومات سرية قد يُعتبر انتهاكًا جنائيًا لقانون التجسس، مطالبين بالتحقيق الكامل في الحادث.
من جهته، رد الرئيس ترامب على الحادث في فعالية بالبيت الأبيض، حيث أكد أنه لا يعتقد أن فريقه للأمن القومي بحاجة للاعتذار، لكنه أضاف أنه لا يعتقد أن الفريق سيستخدم تطبيق "سيغنال" مرة أخرى قريبًا. كما أشار إلى أنه ستتم مراجعة استخدام "سيغنال" من قبل الإدارة.