التقت المخرجة المسرحية رنا خوري، والممثلتان ميلاني بوكسيير وايلارا لو فلوش، على مقاعد الدراسة المسرحية في باريس. وكانت ثمرة التعاون بينهن مسرحية "contractions" التي قُدمت في مهرجان أفينيون قبل أن تعرض هذا الأسبوع في باريس، وسيكون الجمهور اللبناني على موعد مع عرضَين في 31 آذار الجاري و1 نيسان المقبل في مسرح "مونو".
المسرحية التي ستعرض باللغة الفرنسية، مع ترجمة بالإنكليزية، كتبها البريطاني مايك بارتليت. تقول المخرجة رنا خوري: "اختياري لهذا النص انطلق من حس الكوميديا السوداء الموجود عندي ومن مضمون العرض المكتوب من داخل عمق أزمة الموظف(ة) في أوروبا والى أي مدى يمكن أن يُروّض ويتنازل للحفاظ على وظيفته التي يعتاش منها، ووجدتُ أيضاً أن هذه الظاهرة منتشرة ليس فقط في أوروبا والعالم الذي يعيش عصر النفقات والأزمات الاقتصادية، بل في لبنان أيضاً الذي تركتُه بعد انفجار المرفأ ووسط الانهيار المالي وتوحش المؤسسات الكبيرة على صغار موظفيها وصرف المئات بل الآلاف منهم. كما يُلقي الضوء على الموظفين حول العالم الذين يعيشون تحت عبء الأزمات الاقتصادية والسعي وراء الراتب الذي يكلفهم غالياً من تضحيات في حيواتهم وصحتهم وعلاقاتهم العائلية".عصر الانهيارات
تدور أحداث المسرحية حول موظفة أنيقة تُستدعى إلى مكتب مديرتها. عمل صادم يتألف من شخصيتين، ويروي قصة شابة عُيّنت حديثًا في شركة مبيعات مجهولة الهوية. الموظفة الجديدة تُستدعى لتقييم عملها من قبل امرأة صارمة تُعرف فقط باسم المديرة. وكما هو الحال في إدارات شؤون الموظفين حول العالم، تُوضح المديرة أن عليها واجب رعاية موظفيها ولومهم وحتى التدخل في حياتها الشخصية إذا ما دخلت في عَلاقة مع زميل لها من دون التبليغ الإداري المسبق.تقول رنا خوري: "عندما فكرتُ في عرض هذا العمل بدعم من المركز الثقافي الفرنسي في بيروت، ليعود ريع العروض إلى دعم مهرجان ربيع بيروت التي تنظمه مؤسسة سمير قصير... وجدت هذه المسرحية تخاطب الواقع اللبناني الذي يعيش حالة الانهيار واللاضمان للموظفين في الشركات الكبرى التي لا هم لها سوى مراكمة الأرباح والدوس على أبسط حقوق موظفيها".تثير المسرحية مسألة الخصوصية والحدود التي لا يمكن تجاوزها في عالم الشركات: إلى أي مدى يمكن للموظف أن يقبل التدخل في حياته الشخصية من أجل تطور الشركة؟ هذه المشكلة، خارج الإطار المهني، يتردّد صداها بعمق في عالمنا المعاصر الذي تخيّم عليه الأزمات والبطالة والنمو وهشاشة الموظفين.مسرحية متوترة وسط مواجهة بين مديرة وموظفة تعيش حياتها التي سوف تنقلب تدريجياً.أربعة عشر اجتماعًا هي مدة العرض، وخلالها تُدفع الموظفة تدريجيًا لتصبح موظفة مثالية، في عالم متوحش حيث تُستبعد مختلف أشكال العاطفة والعلاقات الإنسانية. العنوان نفسه يحمل معنى مزدوجاً، يتطور خلال ساعة تقريبًا. فترجمة contractions تحمل معنى "الانقباضات" وكذلك "الانكماشات الاقتصادية". وفي الحالتين، يعيش المتفرج هذا الصراع المُستخرج من شيطان تفاصيل العقد الذي توقعه الموظفة ولا ينتبه كل مَن يوقعونه لتفاصيله الدقيقة التي يُفترض أنهم موافقون عليها بمجرد التوقيع. فينص العقد مثلاً على أنه "لا يجوز لأي موظفة التواصل أو إقامة أي عَلاقة إنسانية أو عاطفية مع موظف أخر يمكن وصفها بالرومانسية من دون إخطار الشركة".تقول خوري: "إنه عرض يعتمد على السخرية السوداء وعلى الإيماءات الصامتة لشخصيتين تدوران حول نفسيهما وحول بعضهما البعض، حتى نشعر بالضيق وتدهور العلاقات الإنسانية والصحة النفسية لنموذج من موظفة تعيش تحت ضغط هذا العالم المتوحش". (*) تعرض المسرحية في مسرح مونو-الأشرفية،بيروت، يومَي 31 آذار و1 نيسان 2025، باللغة الفرنسية، مع ترجمة مباشرة بالإنكليزية.