لم تعتد طرابلس على زيارات المسؤولين في الدولة إلا في زمن الانتخابات النيابية. تفتح لهم أبوابها، فيغدقون عليها الآمال وتكثر الوعود بالإنماء ومشاريعه.تنتهي الانتخابات فتصبح الفيحاء في حكم المنسية. من المرات النادرة التي يزور رئيس حكومة عاصمة الشمال في العهود الأخيرة، ولذا كان لزيارة رئيس الحكومة نواف سلام الصدى الإيجابي في أوساط الأهالي والنواب على حد سواء. كان لمطار القليعات حصة وازنة من الاهتمام، ويمكن اعتبار مشروع إعادة العمل به وضع على نار حامية من قبل حكومة سلام. هذا فضلاً عن الموضوع الأمني، والحدود مع سوريا والتي أعطى سلام توجيهاته للوزراء بالاهتمام والمعاينة عن قرب.على متن طوافة عسكرية وصل رئيس الحكومة نواف سلام، عند العاشرة إلا ربعاً، إلى المعلب الأولمبي في طرابلس، لينتقل بعدها إلى السراي الحكومي ويعقد عند العاشرة، اجتماعاً موسعاً مع نواب طرابلس، المنية والضنية (سجل غياب عبد الكريم كبارة وحيدر ناصر)، ومع القيادات الأمنية في المدينة، ومحافظ الشمال رمزي نهرا.
شكلت الزيارة إلى عكار وطرابلس حدثًا مهماً، وأحيطت باهتمام أمني كبير، وسجل انتشار واسع للأجهزة الأمنية على امتداد الطرقات المؤدّية إلى الأماكن والمحطات التي قصدها سلام. واكب سلام في زيارته حشود شعبية من أهالي عكار والشمال، لاسيما وأن الزيارة تحمل في طيّاتها، أبعاداً أمنية وإنمائية، لناحية المشاريع التي تتطلع طرابلس إلى تنفيذها، ومن بينها والأهم مشروع تشغيل مطار القليعات في عكار. وهي مشاريع مزمنة طال انتظار تنفيذها من عهد إلى آخر ومن حكومة إلى أخرى، وكان من المفترض أن تحتل أولوية لما تحققه على مستوى رفع الغبن الحرمان عن الشمال وأهله.ناشطون من عكار وطرابلس واكبوا زيارة رئييس الحكومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ووجهوا له دعوات بالجملة لزيارة مناطق كالبداوي ليرصد زحمة المدينة، ويمر في ساحة العبدة - عكار،غير أن سلام خالف توقعاتهم وحضر بطوافة عسكرية.
وصل رئيس الحكومة، برفقة وزراء: الداخلية، الدفاع، التربية والأشغال العامة ونائب رئيس الحكومة طارق متري. ويعد ثالث رئيس حكومة يزور عكار، بعد رشيد كرامي وصائب سلام، ولأهداف تنموية، بينما كانت زيارات سعد الحريري إلى عكار وطرابلس ترتدي دائماً الطابع الانتخابي.
في طرابلس، كان التركيز على الهاجس الأمني، إذ وعد سلام بإحلال الأمن في المدينة، وطلب من وزير الداخلية أحمد الحجار، ألا تقتصر الخطة الأمنية التي وضعها على فترة الأعياد وأن تستمر لما يخدم استتباب الأمن في عاصمة الشمال ومناطقها. ومن النواب تلقى مطالب ملحة لتفعيل المشاريع في المدينة مثل المرفأ ومعرض رشيد كرامي الدولي، وهي بحد ذاتها قادرة على أن تشكّل رافعة إقتصادية لطرابلس ولبنان.مطار القليعاتوفي عكار اقتصرت زيارة سلام على مطار رينيه معوض في القليعات. ثلاث طوافات تابعة للجيش اللبناني أقلته والوفد المرافق. عاين أرض المطار والمنطقة المحيطة والقاعة العامة، عقد اجتماعاً مع نواب عكار(باستثناء النائب أسعد درغام)، بحضور مجلس الأمن المركزي.
وعلمت "المدن" أن البحث في الاجتماع تركز على موضوعات الحدود وضبط الوضع الأمني، وملف النازحين. وأبلغ سلام النواب أن الحدود سيدخل في صلب الموضوعات التي سيبحثها وزير الدفاع خلال زيارته إلى سوريا فضلاً عن مسألة الحدود المشتركة بين البلدين.وعلى المستوى الأمني أبلغ وزير الدفاع الذي رافق سلام في جولته "المدن"، بوجود "توجّه لدى قيادة الجيش بإرسال تعزيزات عسكرية إلى عكار، لتساند فوج الحدود البرية الأول، في مهمات ضبط الأمن على الحدود الشمالية مع سوريا، والحد من عمليات التهريب بكل أشكاله".
وتعليقاً على الزيارة قال رئيس لجنة الأشغال والطاقة النائب سجيع عطية لـ"المدن": "لا شك أنها زيارة مهمة، وقد ركّزنا في الإجتماع مع دولة رئيس الحكومة على أهمية وضع آلية محددة لتنفيذ العمل على تشغيل مطار القليعات، وهناك اقتراح من الحكومة أن يصبح المطار امتدادًا لمطار بيروت وهذا الإقتراح أنا رفضته". وعن المهلة الزمنية للتشغيل أشار عطية إلى أن " رئيس الحكومة وعد أن يكون المشروع منفذاً قبل نهاية العام 2025"جولة بالمطاروخلال جولته في أرجاء مطار القليعات، تفقّد سلام الطائرات المروحية التابعة للجيش اللبناني المتواجدة فيه. استفسر عن عددها وعن صلاحيتها للعمل، فأُبلغ بأن اثنين من بينها فقط قيد العمل. ثم انتقل إلى المدرج الخارجي وتفقّد البرج ومهبط الطائرات، مبديًا إعجابه بالمساحات الشاسعة التي يتمتع بها المطار وبجغرافية موقعه.
وفي ختام الجولة همس أحد النواب لرئيس الحكومة قائلاً: "المطار لا يلزمه ميزانية كبرى ليعمل، وكما لاحظت، يمكن أن يعاد العمل به بمبلغ 3 مليون دولار.. فردّ الرئيس سلام بالقول:"يلزمه بحدود 20 مليون دولار عدا التجهيزات. ومشروع كهذا يمكن أن يتأمن عن طريق القطاع الخاص BOT". وقبل مغادرته وعد سلام بمعاودة الزيارة ثانية للمطار بعد انجاز المخططات التوجيهية والهندسية اللازمة لوضعه قيد العمل.
أما وزير الأشغال العامة والنقل فايز رسامني فأشار إلى أن المطار يحتاج إلى شبكة طرق، وقد كُلّفت دار الهندسة، وضع دراسة لأجل الطرقات في عكار وهذه خطوة مهمة لتشجيع الإستثمارات في المنطقة.
سبق زيارة الرئيس سلام إلى طرابلس وعكار، حملة إعلامية مناهضة، وغير مرحّبة، شنتها مجموعات من على منصات التواصل اجتماعي المحسوبة على جهة سياسية معنية، بحجة أن سلام لم يمنح عكار وطرابلس حصتهما الوزارية في حكومته.