بعد ان ألغيت الخلافة العثمانية 1925 تم تقزيم الأراضي التي كانت خاضعة لها الى الحدود الجغرافية الحالية للدولة التركية ، وخضعت تلك الأقاليم الأخرى لتقسيمات كبيرة في المشرق العربي وخارجه ، وإمعاناً في ضرب الثقافة الإسلامية تم نسف الحرف التركي الأول والذي كان يكتب بالأحرف العربية وتحويله الى الحرف اللاتيني ، لمنع الأجيال القادمة من قراءة القرأن الكريم .
واسس نظام علماني قمعي يتماشى مع الخطط الإستعمارية في السيطرة على مقدرات الأمة وتقسيمها ، ومنع كل عوامل الوحدة عبر إيجاد الكيان اللقيط في فلسطين المحتلة .
وفي نفس الوقت إيجاد دويلات رديفة حامية له في أرض الحجاز وايضاً في تركيا ، التي رفض أخر سلاطينها عبد الحميد الثاني الخضوع للحركة الصهيونية بمنحهم فلسطين ، وكانت الدولة العثمانية تعاني في حينها من مشاكل مالية متعددة حيث فرضت الدول الأوروبية الدائنة وجود بعثة مالية خاصة بهم في تركية العثمانية للتحكم باوضاعها الإقتصادية ضماناً لديونهم .
في هذا الموضوع يقول مؤسس الصهيونية هرتزل
إن نحن حصلنا على فلسطين سندفع لتركية كل ديونها المالية وسنأخذ الأراضي التي يمتلكها السلطان ضمن القانون المدني .
لكن السلطان رد برسالة الى هرتزل عبر صديقه نيولنسكي جاء فيها .( إنصح صديقك هرتزل ان لا يتخذ خطوات جديدة حول هذا الموضوع ، لأني لا أستطيع ان اتنازل عن شبر واحد من الأراضي المقدسة لأنها ليست ملكي بل ملك شعبي ، فليحتفظ اليهود بملايينهم ، وإذا مزقت دولتي فمن الممكن الحصول على فلسطين من دون مقابل .
بعد سقوط الخلافة وجدت الدولة الأتاتوركية وأصبحت في خدمة المشروع الإستعماري ، والظهير للحركة الصهيونية عبر سيطرة كبيرة للماسونية فيها .
حالياً حاول اردوغان الدمج بين حماية الكيان وحماية دولته عبر رفع شعارات إسلامية خادعة للعامة من الشعب ولكنه واجه رفض من حراس العلمانية ، وإنقلب على أستاذه الأكبر نجم الدين اربكان . وبعد التطورات الكبيرة في المنطقة والتي أشعل فتيلها بقوة عبر دعمه للإرهاب في سوريا والتي أدت الى سقوط النظام بمؤامرة دولية كبيرة كان هو محورها والتي أدت فيما بعد الى مذبحة الساحل السوري ، مما دفع الحركة المناهضة له داخلياً عبر حزب الشعب العلماني التوجه ، لكنه علوي ايضاً حيث وقعت الواقعة والتي لن يجد لها اردوغان دافعة من إسقاط حكمه ، وهو ما يشابه كثيراً الواقع في الكيان حيث أن القمع الصهيوني لأصحاب الأرض الفلسطينيين ادى الى 7 اوكتوبر المجيدة والتي هزت اركانه بعد عمليات الإسناد الشريفه التي قامت بها قوات محور المقاومة خاصةً في لبنان واليمن العزيز والعراق وعلى رأسهم الجمهورية الإسلامية حيث جعلته أقرب من أي وقت مضى الى الحرب الأهلية . فجن جنون شيطان النتن وبدء حروبه الخاصة التي يظن أنه عبرها يحمي الكيان وسلطته الهالكة ، وذلك بعد أن إجتمعت له كافة قوى الإرهاب العالمي من حزب الناتو الأجنبي والإعرابي لكن دون جدوى وأصبح الكيان برمته على شفى حفرة من الإنهيار كما هو واقع تركيا اليوم ، فأصبح كل منهما في نفس المأزق الوجودي وإن أي وقف للحروب الخارجية تعني النهاية الحتمية لكليهما ..
الباحث السياسي جواد سلهب
طباعة المقال
ارسل إلى صديق
اضافة إلى المفضلة
حفظ الموضوع