تعرض المخرج الفلسطيني حمدان بلال، الحائز على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي عن فيلمه "لا وطن آخر"، لاعتداء عنيف من قبل مستوطنين في منطقة سوسيا جنوب الضفة الغربية، وذلك في حادثة أثارت استنكارًا واسعًا في الأوساط الإعلامية والحقوقية.
حيث أفاد الصحفي الإسرائيلي يوفال أبرهام عبر منصة "إكس" بأن مجموعة من المستوطنين هاجمت بلال، وضربته على رأسه وأجزاء أخرى من جسده، مما أسفر عن إصابته بجروح بالغة. وعند وصول سيارة الإسعاف لنقل المخرج الفلسطيني إلى المستشفى وهو ينزف، اقتحمت قوات الجيش الإسرائيلي السيارة واعتقلت بلال.
منذ ذلك الحين، لم تُعرف أي تفاصيل جديدة حول مكان وجوده، مما أثار القلق بشأن مصيره.
وأكد أبرهام في منشوره أن الاعتداء على بلال هو جزء من حملة عنف ممنهجة تستهدف الفلسطينيين في منطقة مسافر يطا، وهي حملة تهدف إلى تهجير السكان لصالح الاستيطان الإسرائيلي.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي والمستوطنين يعملون بتنسيق تام، حيث يقوم المستوطنون بهدم المنازل بينما يشن الجيش هجمات على السكان الفلسطينيين.
من جهته، صرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأن "مجموعة من الفلسطينيين ألقوا الحجارة على سيارات إسرائيلية قرب سوسيا، مما أدى إلى حدوث اشتباك عنيف بين الجانبين". وأضاف أن "الجيش والشرطة اعتقلوا 3 فلسطينيين للاشتباه في ضلوعهم في إلقاء الحجارة، بالإضافة إلى إسرائيلي شارك في الحادث".
وأكد المتحدث أن الاعتقال لم يتم داخل سيارة الإسعاف كما زُعم، مشيرًا إلى أن الحادث وقع في إطار المواجهات التي تندلع بين الفلسطينيين والمستوطنين.
في تعليقه على الحادث، أكد الناشط المحلي أسامة محامرة أن الاعتداء على بلال كان متعمّدًا بسبب مشاركته في إخراج فيلم فضح معاناة الفلسطينيين في منطقة مسافر يطا تحت الاحتلال الإسرائيلي. وقال محامرة: "الجنود منعوا وصول الإسعاف إلى بلال وشاركوا في هدم منزله، وهذا دليل على التنسيق بين الاحتلال والمستوطنين في استهداف الفلسطينيين".
من جانبها، أعربت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، عن قلق واشنطن من الواقعة، وقالت في مؤتمر صحفي: "نُدين كل أشكال العنف وسننظر في تفاصيل ما حدث. نحن قلقون بشكل خاص من عنف المستوطنين ونرغب في وضع حد له". وأضافت: "الولايات المتحدة تواصل دعم حقوق الإنسان في المنطقة وسنسعى إلى محاسبة كل من ينتهك هذه الحقوق".
فيلم "لا وطن آخر" الذي أخرجته بلال وزميله باسل الأعرج، قد فاز قبل ثلاثة أسابيع بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي، حيث يعرض الفيلم معاناة الفلسطينيين في منطقة مسافر يطا من الاعتداءات الإسرائيلية وعمليات هدم المنازل. ويسلط الضوء أيضًا على العلاقة بين الصحفيين الفلسطينيين والإسرائيليين الذين سعى كل منهم لنقل الحقيقة رغم الانقسام السياسي الحاد بين الجانبين.
تعد منطقة مسافر يطا واحدة من أكثر المناطق الفلسطينية التي تعاني من عمليات الهدم المستمرة والاستيطان الإسرائيلي. وقد شهدت المنطقة في السنوات الأخيرة العديد من الاعتداءات من قبل المستوطنين، بالتزامن مع تعزيز القوات الإسرائيلية وجودها العسكري في المنطقة. وفي الوقت نفسه، يشهد الإعلام الفلسطيني والدولي اهتمامًا متزايدًا بهذه القضية، في ظل محاولات توثيق الانتهاكات عبر وسائل الإعلام والسينما، كما جاء في الفيلم الوثائقي "لا وطن آخر" الذي يُعدّ بمثابة شهادة حية على الواقع المر الذي يعايشه الفلسطينيون.