دحض مصدر أمني لبناني كل الأضاليل التي يروجها رواد مواقع التواصل الاجتماعي منذ يوم السبت، والتي تتهم سوريين بإطلاق صواريخ بدائية باتجاه مستعمرة المطلة من الجنوب، مما أعطى اسرائيل ذرائع لإطلاق أوسع موجة من القصف الجوي، ناهزت الـ80 غارة في ليلة واحدة، وأسفرت عن استشهاد مدنيين.
ومنذ السبت، انتشرت شائعات تتحدث عن القبض على سوري، أو ثلاثة سوريين في روايات أخرى، تورطوا في إطلاق الصواريخ البدائية باتجاه المطلة. الحدث، على خطورته، شرّع حملة عسكرية اسرائيلية، وبالموازاة شرّع خطاب كراهية واسعاً باتجاه العمال واللاجئين السوريين.
واللافت أن بين المزاعم المتداولة في مواقع التواصل الاجتماعي ومجموعات "واتسآب"، ما تحدث عن توقيف سوري تقاضى 500 دولار لإطلاق صواريخ من الجنوب باتجاه اسرائيل. واستفاد مروجو هذه المزاعم من نفي "حزب الله" ضلوعه في الهجمات الصاروخية، فيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنها.
ووضع إطلاق الصواريخ، لبنان، على حافة مخاطر اندلاع حرب جديدة. وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء السابق، النائب غسان حاصباني، أن "قرار إطلاق صواريخ من الجنوب هدفه استجرار حرب جديدة على لبنان ووضع الجيش اللبناني والدولة اللبنانية في حالة اشتباك مع اسرائيل، إضافة إلى ما حصل في الحدود الشرقية، حيث كان الهدف وضع الدولة اللبنانية بمواجهة الدولة السورية".
رواية الجيش اللبناني
هذه المزاعم، حسمها الجيش اللبناني بنفي من قِبل مصدر أمني لبناني، إذ نقلت وكالة "فرانس برس" عن المصدر قوله إن "الجيش اللبناني أوقف سوريين اثنين كشاهدَين، وهما يعملان حارسَين في مزرعة مشرفة على موقع إطلاق الصواريخ"، وقال المصدر إنهما "شاهدا سيارة ترجل منها أشخاص رموا الصواريخ ولاذوا بالفرار".
وجاء تداول هذه المزاعم في لحظة "تخويف" من السوريين، بعد أحداث الساحل السوري، والاشتباكات على الحدود مع سوريا في شمال شرقي لبنان بين العشائر والجيش السوري. وتتزامن مع موجة تحريض ضد السوريين، خصوصاً في المناطق التي تسكنها غالبية شيعية، على خلفية ظهور بعض العمال السوريين الذين كانوا يعملون في الضاحية أو الجنوب والبقاع، في صور نشروها في حساباتهم الالكترونية بالألبسة والعتاد العسكري الى جانب قوات الأمن السوري، والفضائل السورية المنضوية تحت لوء وزارة الدفاع.
وتتغذى تلك المزاعم من اعتقادات تسود الجانب اللبناني، من رفض إسرائيلي للخروج من الاراضي اللبنانية المحتلة، وخروق يومية، بالتوازي مع الاشتباكات في شرق لبنان، ودفع بعض الادعاءات للاعتقاد بأن هناك أعمالاً عسكرية موازية لمحاصرة لبنان من جهتَين، الشرق والجنوب، وذلك بهدف إجبار لبنان على توقيع اتفاقية سياسية مع إسرائيل، حسبما تفيد الادعاءات!
بروباغندا سياسيةانطلاقاً من تلك الوقائع، يتضح أن تزييف هذه الرواية، يُعدّ جزءاً لا يتجزء من البروباغندا السياسية المعتمدة. وبالإضافة الى وسم السوريين بقوالب نمطية تربطهم بسيناريوهات تزيد المخاوف لدى سكان الجنوب، يدخل العامل الإسرائيلي الآن لتبرير إجراءات اتخذها مجهولون في القرى الجنوبية لطرد السوريين، علماً أن البلديات نفت مسؤوليتها عن تلك البيانات، كما واجهها "حزب الله" و"حركة أمل" والسلطات اللبنانية بتأكيد زيفها واتخاذ تدابير بحق من ينتهك كرامات السوريين أو يتعرض لهم.
من شأن هذه الادعاءات أن تُفعّل التوترات الداخلية، في لحظة قلق لبناني من حربٍ جديدة، ويتضاغف معها خطاب الكراهية الذي خلق أزمة من المحتمل أن تؤدي في أي لحظةٍ لانفجارٍ لا تُحمد عقباه.