لا يمكن التكهن بما خطر في ذهن الرئيس العماد ميشال عون يوم وصل إلى حارة حريك للمشاركة في القداس الإلهي الذي أقيم في كنيسة مار يوسف في حارة حريك أمس الأحد، وترأسه كاهن الرعية عصام ابراهيم. تختلف ظروف الزيارة هذا العام عن الأعوام المنصرمة. تأتي بعد حرب إسرائيلية دمرت الضاحية الجنوبية، ونالت الحارة نصيبها الوافر منها، وبعد نهاية تفاهم مارمخايل بين التيار وحزب الله وفك تحالفهما الذي بني على أسس هذا التفاهم وبنوده.
مفارقات عدة يمكن التوقف عندها في الاحتفال، في ضوء مستجدات وضعية التيار السياسية ورئيسه، لعل أبرزها والأهم مشاركة حزب الله في القداس، فضلاً عن مشاركة واسعة لأهالي المنطقة وحفاوة الترحيب التي استقبل بها عون. أظهرت المناسبة وجود عصب تياري لا يزال قائماً، وكان اللافت حضور حكمت ديب والتأكيد "أن الحارة للتيار وليست للدخلاء" بتوصيف التياريين.
شارك في القداس النائب آلان عون، الذي اتخذ مسافة من الرئيس والصهر معاً، وتجسدت الخصومة السياسية على العلاقة العائلية، بدليل السجال الذي طرأ بين النائب عون وهيئة حارة حريك في التيار على خلفية المقابلة الأخيرة للنائب عون بخصوص التحالفات في الانتخابات البلدية. بالمقابل، تبين وكأن العلاقة بين ديب ورئيس التيار عادت إلى سابق عهدها بدليل الود الذي وسم لقاءهما.
أعادت الذكرى هذا العام ميشال عون تسعين عاماً إلى الوراء، إلى ذكرياته في حارة حريك، وقد أبدى حزنه الشديد لرؤية مبانيها مدمرة. كما تعيد زيارته وباسيل إلى حارة حريك، الذاكرة إلى علاقتهما بالثقل السياسي الذي تمثله تلك المنطقة، بعدما بعدت المسافات السياسية الفاصلة بين الحارة وميرنا الشالوحي. للمرة الأولى، بعد طول تباعد يلتقي باسيل مع ممثل حزب الله في الاحتفال، عضو المكتب السياسي الحاج محمود قماطي، وقد كان واضحاً جو الألفة الذي ظهر على لقائهما بما يمكن البناء عليه في الانتخابات البلدية عما قريب.
حرص قماطي على تأكيد العلاقة المؤسساتية مع التيار بشخص رئيسه الوزير جبران باسيل. عندما طلب باسيل من قماطي مرافقته إلى صالون الكنيسة لتقبل التهاني، أجابه قماطي "انشالله دايماً منترافق".مناسبة دينية بأبعاد سياسيةعلى الرغم من أن المناسبة دينية، لكن لا يمكن نفي الأبعاد السياسية عنها على مسافة قريبة من مواعيد الانتخابات البلدية، وتحديداً في المناطق ذات الحضور المشترك، فهل يمكن اعتبار ذلك مؤشراً لعودة تعاون انتخابي بين حزب الله والتيار، وهل يصل ذلك إلى حدود الانتخابات النيابية انطلاقاً من أن علاقتهما باتت على القطعة.
في معلومات "المدن" أن التيار وحزب الله سيخوضان الانتخابات البلدية معاً، في بعض المناطق المشتركة. وتقول مصادر مواكبة لحزب الله في استحقاق البلديات إن التنسيق مع التيار انطلق، والتحالف بينهما سيكون في حارة المريجة والحدث وغيرها من المناطق ذات الحضور المشترك، وأن المشاركة في القداس جاء كبادرة حسن نية على التعاون في البلدية أما العلاقة في سياقات أخرى فلم تشهد تغييراً بعد.
بتحديد وزير الداخلية أحمد الحجار مواعيد الانتخابات البلدية وانطلاق العد العكسي لحصولها، يمكن القول إن ساعة حسم التحالفات قد دقت بالنسبة للقوى السياسية. وسيكون على حزب الله حسم تحالفاته البلدية والاختيار في التعاون ما بين التيار أو الخارجين منه. وجود قماطي فسر على أنه حرص على التعاطي مع القيادة الشرعية للتيار بما ينفي إمكانية تحالف مع آخرين حسب تقاطع آراء المشاركين من الجهتين.
من كنيسة مار يوسف التي هي على مرأى نظر من كنيسة مار مخايل أعلن حزب الله ولو بشكل غير مباشر عن انطلاق أولى تحالفاته للانتخابات البلدية وعلى أساسها يمكن أن يبني. تعاونه مع التيار سينطلق بلدياً من بعبدا على ما يبدو، وللأيام المقبلة أن تحمل تأكيداً على ما ظهر أو تعاكسه.