يدرك وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجّار أنّه وحكومة القاضي نوّاف سلام لا يملكان ترف الوقت، وبأنّ كلّ يوم تأخير يمرّ لا تتم فيه دعوة الهيئات الناخبة للإنتخابات البلدية والإختيارية المرتقبة في شهر أيّار المقبل لا يصبّ لمصلحتهما، ما يجعل شكوك عدّة تحوم حول مصير الإستحقاق المحلي ومآلاته.
فالوزير الحجّار لا يملك إلّا هذا الأسبوع ليوجّه فيه الدعوة للهيئات النّاخبة للمشاركة في الإنتخابات المحلية التي ستجري دورتها الأولى في 4 أيّار المقبل، نظراً لأنّ قانون الإنتخابات ينصّ على وجوب توجيه الدعوة قبل شهر من موعدها على أبعد تقدير، لأنّ الأسبوع المقبل سيشهد عطلة عيد الفطر، وبالتالي فإنّه خلال أيّام هذا الأسبوع التي لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة يفترض توجيه الدعوة رسمياً، وإلّا فإنّ الإنتخابات البلديّة والإختياريّة ستكون قد أصبحت في مهبّ الريح.
ويبدو أنّ عوائق كثيرة فرضت على الوزير الحجّار تأجيل توجيه الدعوة منذ 4 آذار الجاري، عندما أكّد أنّ الإنتخابات ستجري في موعدها، لكنّه فضّل عدم توجيه الدعوة، قبل أن يتضح أنّ ثمّة عقبات كثيرة لا تجعل الطريق معبدة أمام إجراء الإنتخابات البلديّة في موعدها.
آخر هذه العقبات تمثل في تأمين الإعتمادات المالية المخصّصة لإجراء الإنتخابات، وهي عقبة في حال عدم معالجتها سيجعل إجراء الإنتخابات متعذّراً، خصوصاً إذا لم يتم التوافق حول المبلغ المطلوب بين 11 مليون دولار، كما كان محدّداً في الأعوام السّابقة منذ العام 2022 حيث جرى تمديد ولايات المجالس البلديّة والإختيارية ثلاث مرّات متتالية، في كلّ مرّة لعام إضافي، وبين طلب مبلغ مالي جديد يفوق المبلغ السّابق بما بين 4 إلى 5 أضعاف، كما يُشاع، وهو مبلغ سيكون من الصعب جدّاً تأمينه في ظلّ الأزمة المالية والإقتصادية الخانقة التي تعاني منها البلاد.
وزاد الطين بِلّة الإعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة خلال الأيّام الأخيرة وشملت مناطق واسعة في الجنوب والبقاع، وسقط ضحيتها شهداء وجرحى فضلاً عن الأضرار المادية التي تركتها وراءها، وسط أجواء توتر واسعة وتهديدات إسرائيلية بعودة الحرب مرّة ثانية، والإطاحة بقرار وقف إطلاق النّار الهشّ، ما سيجعل إجراء الإنتخابات المحلية أمراً متعذراً.
وبرزت مفارقة لافتة في التحديد المبدئي لمواعيد إجراء الإنتخابات المحليّة، وهي أنّ موعد الجولة الرّابعة والأخيرة التي ستشهدها محافظتا الجنوب والنبطية سيكون مبدئياً في 25 أيّار المقبل، الذي يصادف ذكرى عيد المقاومة والتحرير، ما يعني الوقوع في أزمة بروتوكولية، كونه لم يسبق أن جرت أيّ إنتخابات في لبنان، بلدية أو نيابية، في يوم عطلة رسمية أو مناسبة وطنية.
إلّا أنّه برغم هذه العقبات وغيرها التي تعترض إجراء الإنتخابات البلديّة والإختياريّة في مواعيدها، بدأت بعض الأوساط المروّجة والدّاعمة لإجراء هذه الإنتخابات تتحدث عن اقتراح إجراء الإنتخابات بمواعيدها في “المحافظات الآمنة” (بيروت، جبل لبنان، الشّمال وعكّار)، وتأجيلها في “المحافظات غير الآمنة” (الجنوب، النبطية، والبقاع وبعلبك ـ الهرمل) إلى شهر أيلول المقبل، لكنّه إقتراح عدا عن أنّه لا يبدو واقعياً ولا مضموناً، فإنّه يحتاج إلى “موافقة” الحكومة والطبقة السّياسية، وهي موافقة لا تبدو متوافرة.