يعتمد المحقق العدلي في تفجير المرفأ طارق البيطار آلية جديدة في مسار تحقيقات المرفأ. فالتريث في اتخاذ الإجراءات القانونيّة بحق المطلوبين إلى التحقيق، هدفه الأساسيّ إعطاء الفرصة الأخيرة لجميع المدعى عليهم، للمثول أمام القضاء اللبنانيّ وإثبات براءتهم. ويُفترض أن تؤدي هذه الآلية إلى استرداد مذكرات التوقيف الصادرة بحق السياسيين، مقابل تعهدهم بالمثول أمام البيطار في جلسات لاحقة.استراتيجيّة جديدةعاد البيطار إلى متابعة ملفه في منتصف شهر كانون الثاني العام 2025. واعتمد منهجيّة مختلفة في متابعة هذا الملف، وشملت المرحلتان الأولى والثانيّة من التحقيقات استجواب عدد من الموظفين في المرفأ وضباطٍ من الجمارك والأمن العام والجيش اللبنانيّ من دون اتخاذ أي إجراء قانونيّ بحقهم. استراتيجية البيطار الجديدة تشمل أيضًا الشخصيات السياسيّة الملاحقة في الملف. وتعتبر "فرصة" للمدعى عليهم للمثول أمامه من دون تسطير مذكرات توقيف وجاهية بحقهم. أما مذكرات التوقيف الصادرة بحق كل من الوزير السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال العامة والنقل السابق يوسف فنيانوس، فسيتم استردادها مقابل تعهدهما بالمثول أمام البيطار في الأسابيع المقبلة.
تؤكد معلومات "المدن" إلى أن "البيطار سيوافق على استرداد مذكرات التوقيف التي أصدرها بحق خليل وفنيانوس في العام 2021، إن تعهدا بحضور جلسات استجوابهما خلال الأشهر المقبلة". ويأتي هذا بمثابة "إلغاء" أو منع تنفيذ مذكرات التوقيف السابقة، على أن يمثل خليل وفنيانوس أمام المحقق العدلي في الجلسات المقبلة، التي ستخصص للشخصيات السياسيّة بعد منتصف نيسان المقبل.
يُذكر أن استرداد مذكرة التوقيف هو قرار يصدر عن البيطار بموافقة المدعي العام التمييزي جمال الحجار. مع العلم أن النيابة العامة التمييزية في العام 2024، خلال عهد القاضي غسان عويدات، "أوقفت" تنفيذ هذه المذكرات. ومع إعادة تعاون النيابة العامة التمييزية مع البيطار وكسر الحجار لقرار عويدات السابق بمنع تسلّم أي مستند من المحقق العدلي، يحاول القاضيان، الحجار والبيطار، متابعة الملف بتريث وبخطوات هادئة، لإزالة كل العراقيل المُحيطة بالملف منذ سنوات.الاعتراف بشرعية البيطار؟المعنيون في الملف يدركون جيدًا المنهجية الجديدة التي يعتمدها البيطار قبل إصدار القرار الاتهامي. وعلى الرغم من اعتبارها "فرصة" أخيرة أمام جميع المدعى عليهم للمثول أمام القضاء قبل تحويل الملف للمجلس العدلي، لكن للمطلوبين إلى التحقيق رأي آخر.
توضح مصادر قانونيّة مقربة من فنيانوس وخليل أنهما على علمٍ بهذه المنهجية، لكن لم يُتخذ أي قرار بعد بهذا الخصوص. إلى اليوم، لم يُقدّم أي طلب لاسترداد مذكرات التوقيف، فالمشكلة الأساسيّة مقرونة بالاعتراف بشرعية البيطار. صحيح أن استرداد مذكرة توقيف غيابية بحق أي مدعى عليه يعتبر إجراءً ايجابيّاً، لكن السياسيين المعنيين يصرّون على ضرورة تحويلهم للمرجع المختص للتحقيق معهم، أي للمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء.مرحلة مؤقتة واستثنائيّةإنطلاقًا من المسار الذي يعتمده البيطار، ما من إجراءات قانونيّة ستتخذ طيلة مرحلة الاستجوابات ليتسنى للمطلوبين إلى التحقيق حضور الجلسات ووضع معلوماتهم بعهدة القضاء. غاية البيطار هي استجواب العدد الأكبر من المدعى عليهم، وختم التحقيقات وإصدار القرار الاتهامي وتحويله للمجلس العدليّ من دون أي عراقيل.
تريث البيطار في إجراءاته القانونيّة ليس طويلًا بل مرحلة مؤقتة واستثنائيّة فقط. وبعد انتهاء جميع جلسات الاستجواب، سيتخذ البيطار الإجراءات القانونيّة بحق المدعى عليهم قبل تحويل الملف للمجلس العدلي، ومن الممكن أن يسطر مذكرات توقيف بحق أي مدعى عليه، أو منعه من السفر، أو حجزه داخل منزله، أو منع المحاكمة عنه.