2025- 03 - 25   |   بحث في الموقع  
logo من خلاف فردي إلى إطلاق نار.. هذا ما حصل في بعلبك logo أثناء رفع الآذان.. اليكم ما فعلته درون إسرائيلية في الجنوب logo على الحدود مع لبنان.. هذا ما سيفعله الجيش الإسرائيلي غدًا logo اتفاق على تأمين البحر الأسود... زيلينسكي: ليس بالأمر السيّئ! logo على الحدود مع لبنان... إسرائيل تبدأ تمرينًا عسكريًا واسع النطاق! logo نتنياهو يطالب "العليا" بإلغاء تجميد إقالة رونين بار logo تحقيق بأمن المعلومات يوتّر العلاقة بين كاتس وزامير logo بيان حول تعيين حاكم مصرف لبنان المركزي: اختبار حاسم
ماذا نريد من الحاكم المقبل لمصرف لبنان؟
2025-03-24 00:55:56


لم تفلح الحكومة، ولا الاتصالات السياسيّة التي تلت اجتماعها الأخير، في إنضاج توافقٍ على هويّة الحاكم المقبل لمصرف لبنان. ثمّة أسماءٌ ولدَ ترشيحُها من رحم لوبي المصارف، وهي تحملُ أساسًا مشروع هذا اللوبي في دراساتٍ مكتوبَة حولَ كيفيّة تحويل الودائعَ المصرفيّة إلى ديون عامّة، يمكن أن تخضع لاحقًا إلى اقتطاعاتٍ كبيرة شأنها شأن سندات اليوروبوند. وثمّة بدائل تميلُ للإصلاحات التقليديّة المطروحة من المجتمع الدولي، وأُخرى تُطرحُ بوصفها أسماء توافقيّة تحملُ خبرةً اقتصاديّة أو إداريّة. ما يغيبُ عن كل هذا النقاش، إعلاميًا على الأقل، هو السؤال عن مشروعِ الحاكم المقبل لمصرفِ لبنان، أو بلغة أوضح: ماذا نريدُ من هذا الحاكم؟
لحاكم مصرف لبنان صلاحيّاتٌ كبرى تراكمت تاريخيًا، أولًا عبرَ قانون النقد والتسليف، ثم عبر القوانين التي استكملت الإطار التشريعي الناظم لعمل القطاع المالي، والتي أسّست لاحقًا اللجان والهيئات الرقابيّة المختلفة. وتقييم المرشّح للحاكميّة، ينبغي أن يُبنى على أساس مشروعه للتعامل مع الأزمة الراهنة، والملفّات التي تنتظرُه بمجرّد تعيينه. فأي معايير يمكن على أساسها تقييم هؤلاء المرشّحين؟

المساءلة والمحاسبة
على مرّ السنوات الخمس الماضية، وتحديدًا منذ تلقّي لبنان أوّل طلب تعاون قضائي من المحاكم السويسريّة، كرّت سبحة انكشاف الفضائح المتعلّقة بالعمليّات المشبوهة، التي جرت خلال ولاية الحاكم السابق رياض سلامة. بين عمليّات شركة فوري ومكتب باريس، وعمولات شركة أوبتيموم، والتحويلات المشبوهة التي قام بها سلامة في أوروبا، التي تقاطعت مع استفادة أطراف محليّة من غنائم الهندسات الماليّة، هناك عالمٌ من الارتكابات التي لم تنكشف كل فصولها بعد. وحتّى هذه اللحظة، ما زالت تحقيقات المحاكم الأوروبيّة، وبعض التحقيقات القضائيّة المحليّة، هي المرجع الوحيد الذي سمح بكشف بعض جوانب هذه الشبهات.
من غير المنصف أن يقتصر دور مصرف لبنان، كما جرى سابقًا، على التعاون مع تلك التحقيقات، بوصفه مجرّد شاهد على ما جرى، أو مصدرًا للمعلومات التي يمكن أن يطلبها القضاء المحلّي عندما يقرّر هذا القضاء التحرّك. المصرف، هو "أمّ الصبي"، صاحب الأموال التي جرى تبديدها، وهو مركز الزلزال المالي الذي نحارُ اليوم في أمر توزيعِ خسائره.
تعيين حاكم أصيل للمصرف، بصلاحيّاتٍ كاملة، يجب أن يكون مناسبة ليتصدّى المصرف المركزي إلى دوره المأمول: أن يكون في مقدّمة الباحثين عن المستفيدين من تلك العمليّات، من دون أن ينتظر إخباراتٍ تحرّكُ الجهات القضائيّة، هنا أو في أوروبا. ومن دون أن ينتظر تفاعل النيابات العامّة اللبنانيّة مع الفضائح أو الإخبارات. دوره هو أن يكون المُدّعي في هذه القضايا، الذي يحرّك الملفّات بنفسه، ليلاحق من بعدها الأموال المشتبه باختلاسها.

استكمال التدقيق الجنائي
اعتاد اللبنانيون البحث في البيان الوزاري، أو تصريحات وزير الماليّة (الحالي وقبله السابق)، بحثًا عن إشارات مطمئنة تشي بإمكانيّة استكمال عمليّة التدقيق الجنائي في مصرف لبنان. مع الإشارة إلى أنّ التدقيق الذي جرى حتّى الآن لم يتجاوز حدود التدقيق الأوليّ، بحكم طبيعة ونطاق العقد نفسه، وبحكم امتناع الحاكم السابق رياض سلامة عن تزويد الشركة المُدققة بالمعلومات المطلوبة.
لكن من الناحية العمليّة، لا يوجد ما يفرضُ انتظار قرار وزارة الماليّة أو الحكومة قبل استكمال هذا التدقيق. فمصرف لبنان، بحكم كونه صاحب الميزانيّة التي يجري تدقيقها، يملك أمر تكليف من يلزم من خبراء واستشاريين، أو حتّى موظفين عموميين أو محاسبيين لبنانيين، للتعمّق في التدقيق في الشبهات الأساسيّة التي وجدها التدقيق الأولي. هنا، مجددًا، لا يُفترض أن يلعب الحاكم الجديد -الذي سيملك كامل الصلاحيات كحاكم أصيل- دور المتفرّج، الذي ينتظر تحريك الملف على مستوى السلطة التنفيذيّة. بل يفترض أن يكون المبادر، وأن يطلب ما يلزم من تعديلات على قانون سريّة المصارف إذا اقتضى الأمر ذلك.

إعادة هيكلة المصارف
لن يكون ممكنًا إنجاز مسار إعادة الهيكلة من دون تشريع خاص بهذا الشأن، لوضع الإطار القانوني الذي يحدّد ويميّز المصارف القابلة للاستمرار، وتلك التي ستخضع لعمليّات التصفية أو الدمج والاستحواذ. بهذا المعنى، الفيصلُ والحكمُ الأخير في هذا المسار، سيكون مجلس النوّاب، عند التصويت على قانون استعادة الانتظام المالي في القطاع المصرفي (أو أيًا يكن عنوان القانون الجديد).
لكن لحاكم المصرف الجديد دوره هنا. فهو عضوٌ حكميٌّ في اللجنةِ التي ستعمل على خطّة التعافي المالي الجديدة، والتي ستفاوض -على أساس الخطّة- صندوق النقد الدولي. وحسابات وأرقام المصرف ومقترحاته، وخصوصًا تلك التي تغوص في الجانب التقني من مسار إعادة الهيكلة، ستلعب دورًا حاسمًا في صياغة الخطّة. بهذا المعنى، على الحاكم الجديد أن يملك تصوّراته الخاصّة، بل ورؤيته المتكاملة، لكيفيّة معالجة أوضاع المصارف.

السياسة النقديّة الجديدة
لم تبصر النور بعد المنصّة الموعودة، للتداول بالدولار الأميركي في سوق القطع، والتي تحدّثت عنها قيادة مصرف لبنان الحاليّة منذ صيف العام 2023، أي منذ رحيل الحاكم السابق رياض سلامة. لقد أوحى المصرف المركزي طوال الأشهر الماضية أنّ ثمّة اضطرارات فرضت تأخير إطلاق هذه المنصّة، ومنها الحرب التي بدأت منذ تشرين الأوّل 2023 في الجنوب، والتي تحوّلت في الربع الأخير من 2024 إلى حرب واسعة النطاق. ولهذا السبب، استقرّ الأمرُ على سياسةِ تثبيت سعر الصرف بحكم الأمر الواقع، وبأدوات ارتبطت بسياسة الدولة الماليّة، التي راكمت الإيرادات العامّة في مصرف لبنان.
تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، سيكون مناسبة لوضع الإطار المستدام الذي سيدير السياسة النقديّة، وذلك من جهتين: المنصّة أو الأدوات التي سترعى تدخلات مصرف لبنان في سوق القطع وتنظيمه لها، والأدوات التي سيحافظ من خلالها المصرف المركزي على استقرار الليرة اللبنانيّة ضمن هامش محدّد.
في النتيجة، وبمعزل عن الأسباب التي أخّرت انطلاق المنصّة الجديدة، لا يمكن لمصرف لبنان أن يستمر إلى ما لا نهاية في العمل بهذا الشكل في السوق الموازية، من دون أدوات أكثر شفافيّة. ولا يمكن الرهان على السياسات التقشّفية وحدها، للحفاظ على استقرار الليرة على المدى البعيد. والبدء بصياغة الرؤية النقديّة الجديدة، سيكون أولى التحديات أمام الحاكم الجديد لمصرف لبنان.

من يطرح مشروعه؟
إلى جانب كل ما سبق ذكره، ثمّة لائحة من المهام التي يفترض أن يتصدّى لها الحاكم الجديد: العلاقة الماليّة مع الدولة اللبنانيّة، وآليّات تأمين السيولة بالدولار للإنفاق العام، وتعديل التعاميم التي ترعى سحوبات المودعين، والملفّات الرقابيّة المرتبطة بالقطاع المصرفي حاليًا، وكيفيّة التعامل مع التجاوزات التي أشارت إليها تقارير لجنة الرقابة على المصارف. والعمل كل ملف من هذه الملفّات، سيرتبط حكمًا بالرؤية الأشمل، المرتبطة بالملفّات الأخرى.
السؤال الأساسي، من هو المرشّح القادر على طرح هذه الرؤية كمشروع متماسك أمام وزير الماليّة، الذي يفترض أن يقترح تسميته، ومجلس الوزراء، الذي يفترض أن يصوّت على هذه التسمية؟ وهل مجلس الوزراء يملك القدرة على البت بهذا القرار على أساس هذه الرؤية، التي يفترض أن تتكامل مع خطّة الحكومة الماليّة؟.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top