2025- 03 - 25   |   بحث في الموقع  
logo من خلاف فردي إلى إطلاق نار.. هذا ما حصل في بعلبك logo أثناء رفع الآذان.. اليكم ما فعلته درون إسرائيلية في الجنوب logo على الحدود مع لبنان.. هذا ما سيفعله الجيش الإسرائيلي غدًا logo اتفاق على تأمين البحر الأسود... زيلينسكي: ليس بالأمر السيّئ! logo على الحدود مع لبنان... إسرائيل تبدأ تمرينًا عسكريًا واسع النطاق! logo نتنياهو يطالب "العليا" بإلغاء تجميد إقالة رونين بار logo تحقيق بأمن المعلومات يوتّر العلاقة بين كاتس وزامير logo بيان حول تعيين حاكم مصرف لبنان المركزي: اختبار حاسم
أنا لا أعرف الرجل ولم ألتقه مرة!
2025-03-24 00:25:47


"استغنِ عمن شئت تكُنْ نظيره
واحتجْ إلى من شئت تكُنْ أسيره
وأحسِنْ إلى من شئت تكُنْ أميره"
(الإمام علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه).تعرّفت إليه في محطة أولى من خلال تصفّح كتابه الذي حمل عنوان "لبنان بين الأمس والغد" في شهر أيار للعام 2021. والكتاب يتناول الأزمات التكوينية للبنان، ويركّز على جذور الأزمة الوطنية كما يراها الكاتب، مثل الهيمنة الطائفية، المواطنة المقيّدة والدولة غير المكتملة، ويتطرّق إلى جذور الحرب ومساراتها ومآلاتها بين عاميْ 1975 و1989، وصولاً إلى اتفاق الطائف الذي أنهى الصراع المسلح من دون أن يؤسس لحل مستدام. ويشدّد الكتاب على ضرورة تطبيق أحكام الاتفاق التي لم تُنفّذ بعد، وسدّ ثغراته وتصحيح اختلالاته، ويدعو إلى إقامة "جمهورية ثالثة" تستند إلى مبدأ إعلاء منطق المؤسسات، ممّا يسمح بإقامة دولة مدنية عادلة وفعّالة، تعتمد على مبدأ المواطنة الجامعة وسيادة القانون.أمّا المحطة الثانية، فكانت ليل السابع من حزيران من العام نفسه 2021، حين استضافه الإعلامي والاقتصادي ألبير كوستانيان في برنامج 2030. وعلى الرغم من أنّ الحلقة وُضعت في إطار الحديث عن الكتاب، إلاّ أنّها كانت في العمق محاولة لتسويق نواف سلام رئيسًا مقبولًا لحكومة لبنان المقبلة أو المقبل من الحكومات. لم يثر الرجل اهتمامي بمعنى قدرته على لفت انتباهي كمواطن، بل شعرت للحظة أنّه يشبه أستاذ مادة الفيزياء الذي علّمني في الصف الثاني الثانوي، وكان يتحدّث بما يعرفه من دون أن ينقل هذه المعرفة للآخر كما ينبغي. وكان هذا الأستاذ متفوّقًا ومبدعاً، لكنه ما كان أستاذًا معلّمًا، ولو أنّه أصبح أعز أساتذتي بعد حين من العمر. المحطة الثالثة كانت حين كُلِّف الرجل تأليف الحكومة يوم الثالث عشر من كانون الثاني 2025 واعتلى المنبر في بعبدا وتحدّث عن خطتّه في الحكم، وهي خطة واسعة تبدأ من استعادة الودائع مرورًا بالإصلاحات الدستورية الكبرى ووصولًا إلى تفاصيل ووعود لا يسمح عمر الحكومة بتحقيق إلا اليسير منها. لم يخرج الرجل عن عادة غيره من رؤساء الحكومات المكلّفين الذين يطلقون وعودًا بإصلاحات طال انتظارها. لكن بعد حرب طاحنة وانهيار اقتصادي ومالي، بات الرأي العام ينتظر أفعالًا أكثر من أيّ وقت مضى، بعدما سئم من الذين يقولون ما لا يفعلون ويعدون بما لا يفون به. المحطة الرابعة كانت عند تأليف الحكومة وتسمية الوزراء السُنّة. لقد وقع اختيار الرجل على قامتَين يكنّ لهم الأغلب الأعم من اللبنانيين، وأنا منهم، احترامًا وتقديرًا شديدَين هما نائب رئيس الحكومة طارق متري ووزير الثقافة المستحق عن جدارة أن يكون الناطق باسم لبنان على كلّ المنابر غسان سلامة. لفتني الاختيار إيجابًا وانتظرت بقية السبحة. ولمّا قرّر رئيس الحكومة المكلّف حصر تسمية وزراء السُنّة به، تابعت خياراته التي لم ترضِ الكتل النيابية الظاهرة أو المستترة لكنّها خيارات محترمة بالتأكيد.
وإذا كانت شهادتي بوزيرة الشؤون الاجتماعية، حنين السيد، مجروحة كوني أعرفها وأتابع عملها منذ وقت غير قصير، فمعرفتي بوزير الداخلية، أحمد الحجار، لصيقة بحيث ترأست لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني وكنت مستشار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي منذ حزيران 2012 إلى شباط 2014. وتولّى الحجار آنذاك منصب مسؤول سرية الحرس الحكومي وكان مثالًا للانضباط والأخلاق والالتزام والعلم والتسييس. فكان ليّنًا مع الناس الذين احتجّوا من دون أن يفرّط بهيبة السرايا ورئيس الحكومة. أمّا الوزيران ريما كرامي وعامر بساط، فتعرّفت إليهما كما تعرّفت إلى رئيس الحكومة من خلال المقابلات والأداء، وأداؤهما إلى اليوم مرضٍ وسليم. وقبل هذا وذاك وذلك، كنت سمعت عن سلام من أصدقاء كثر أذكر منهم اثنيْن فقط، لأنّهما يعملان معه اليوم، أوّلهما السيدة هند درويش شقيقة رفيق عمري هيثم والتي كنت التقيها بشكل دوري في بضع عطل نهاية الأسبوع في طرابلس وأتوسّم فيها مثاًلا للسيدات الراقيات واسعات الثقافة والثقة بالنفس. وثانيهما الصحافي اللامع منير الربيع الذي أتحدّث معه دوريًا عن أحوال البلاد والإقليم ويوميات السياسة في لبنان. ومن خلال أصدقاء مشتركين كثر، وجدت أنّ للرجل معجبين ومؤيدين ومريدين.
وحين بدأت الحكومة تترجم وعودها عمليًا، اتضح إلى الآن أنّ سلام يفكّر خارج الصندوق، ويريد إعطاء المثال الحسن فعلًا بعكس عدد كبير ممن تفرّغوا للعمل العام وتبيّن أنّهم كانوا المثال السيء للساسة والسياسة والعمل العام. فهو إلى حدّ اليوم يتجنّب البذخ والظهور المبتذل ويدير ملفاته بحذر وتشدّد واستقامة، وحاقد على الفاسدين، كما أنّه مودعٌ عادي مثل أصحاب أكثر من مليون وربع مليون حساب، الذين لم ينصحهم أحد بسحب وديعتهم قبل أن تقع البلاد على رؤوس فقرائها. وفي أوّل امتحان سياسي، راح الرجل يبحث في التعيينات عمّن يقدّم الأفضل للبلاد فجاءت التعيينات الأمنية أفضل الممكن من دون تردّد. ويبدو إلى اليوم أنّ سلام يحافظ على حقوق رئيس الحكومة ويحتكم إلى الكتاب بتحديد الصلاحيات، ويتحصن بحسن السيرة في مواجهة من يحفر له ليل نهار في السر قبل العلن، ويحتمي بالدولة وأدواتها وليس بالـestablishment التي حمت قيادات ارتكبت المجازر بحق المواطنين من دون أن يرف لها جفن. والعبرة تبقى دائمًا في الاستمرار مواصلة السير على هذا الدرب.أمّا على المستوى الوطني، فللرجل قناعاته الثابتة ليس في عدائنا لإسرائيل فحسب، بل في عداء إسرائيل العميق لنا، وفي ضرورة بناء الدولة التي ترتكز إلى جيشها من دون سواه للدفاع عنها وليس على جيش ليحمي حدود العدو. وهو من خلال مقابلتَين للوزيرَين الأقرب إليه طارق متري وغسان سلامة، يبدو أنّه وحكومته بأغلب مكوّناتها يدركون دقّة الموقف، ويعون ضرورة خلق توازن يحمي السلم الأهلي من دون أن يستفز الولايات المتحدة الأميركية التي تعيش عصرًا ترامبيًا مندفعًا ليس تجاه منطقتنا فحسب، بل تجاه الكون كله. فإذا كان مطلوبًا حماية رأس البلد من الإعصار، من المطلوب أيضًا تحصين الوحدة الداخلية قبل أيّ أمر آخر.
الخطوات الإصلاحية الأولى للحكومة مشجعة، وهي تخوض معارك بلا شك أكبر من طاقتها، فمن يريد الاقتصاص منها هو كلّ من لا يريد توحيد البلاد وخلق دولة جادة وطبيعية، وكلّ مرتكب آثم احتمى بالسلطة كي يحمي ارتكاباته. وبعد، يحتاج نواف سلام إلى أن يُعطى فرصة وأن تُؤَمَّن له الحماية الشعبية، على الرغم من أنّ الناس قد تكون اعتادت على فشل التجارب الإصلاحية منذ سبعينيات القرن الماضي. ومدخل الإصلاح خطوات بسيطة فاعلة تبدأ بالتعيينات، ومنع سفر وزراء، واستجواب مدراء والتحقيق مع قضاة، وتكرّ السبحة حتى يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود. ولنواف سلام وحكومته في النهاية أقول ما قاله مارتن لوثر كينغ: "حتى لو أثبتت المواقف أن الطيب لا يعيش، إياك أن تبحث عن مكان شاغر بين الأوغاد".


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top