تخطط إسرائيل لاحتلال قطاع غزة واستعادة سيطرتها الكاملة عليه تمهيداً لإقامة حكم عسكري، في إطار تنفيذ مخطط تهجير سكّان القطاع، والذي تعزّز مع مصادقة "الكابينيت" الليلة الماضية على إنشاء مديرية خاصة لتهجير الغزيّين، تحقيقاً لمطالب اليمين المتطرف بإعادة سياسة الاستيطان في القطاع.
وذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، أنه توجد لدى الجيش الإسرائيلي خطط تهجير جاهزة، وضع بعضها الضابط المتطرف عوفِر فينتر، فيما زعم جهاز الأمن الإسرائيلي (الجيش والشاباك)، أنه أجرى استطلاعاً بين الغزيّين، تتوقع نتائجه "أن يوافق قرابة رُبع سكان القطاع على الهجرة".
الخطة الكبرى
ووفقاً للصحيفة، فإن عمليات الجيش الإسرائيلي، تركّزت بعد استئناف الحرب الأسبوع الماضي، على غارات جوية وتوغلات برية "صغيرة" في شمال القطاع والقسم الشرقي في محور "نتساريم" ومنطقة رفح في جنوب القطاع. لكن في الوقت نفسه، تتواصل الاستعدادات "لتطبيق الخطة الكبرى" لرئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجديد إيال زامير، وتقضي بشن "هجوم بري واسع في القطاع، بواسطة استدعاء عدة فرق عسكرية تشمل وحدات قوات احتياط كثيرة".
وأفادت "هآرتس"، أن زامير عبّر للوزراء عن اعتقاده بأن خطته "يمكن أن تؤدي هذه المرة إلى تحقيق الهدف الذي لم تحققه إسرائيل طوال سنة ونصف السنة من الحرب، وهو تدمير حكم حماس وقدراتها العسكرية بالكامل".
صفقة مرحلية
ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية إسرائيلية قولها إن "إسرائيل لا تزال تُبقي مجالاً لصفقة مرحلية يتم خلالها تحرير مخطوفين"، لكن المصادر نفسها رأت أنه "على إثر الضغوط السياسية التي تمارسها الحكومة من أجل توسيع القتال، يبدو أن الحرب ستشتد لاحقاً من دون التوصل إلى صفقة".
وقالت الصحيفة إن "خطط نتنياهو طموحة جداً، ولا تواجه تحفظات كبيرة وواضحة من جانب قيادة الجيش والشاباك، والتوجه هو استغلال الخطوة العسكرية التي سيقودها زامير من أجل فرض حكم عسكري في القطاع، أو في قسم كبير منه، وخلال ذلك نقل السيطرة على توزيع المساعدات الإنسانية إلى الجيش الإسرائيلي".
وأضافت أن "الإدراك السائد هو أن الحرب على وشك الاتساع، وخلال ذلك تشكيل خطر على حياة المخطوفين المتبقين وعلى حياة الجنود الإسرائيليين، يثير مجدداً سجالاً في قوات الاحتياط".
معارضة هليفي وغالانت
من جهتها، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق هيرتسي هليفي، ووزير الأمن السابق يوآف غالانت، عارضا إقامة حكم عسكري في القطاع، لأنه سيتم نقل آلاف الجنود من أجل تطبيقه، وسيتشكّل خطر على حياتهم أثناء توزيع الطعام وإدارة حياة الغزيين، بصورة جزئية أو كاملة. ولذلك أوصيا بإقامة حكم فلسطيني آخر، لا يشمل "حماس"، ليحكم مليوني فلسطيني في القطاع، برعاية مصرية وتمويل خليجي. لكن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، عارضا خطة المسؤولين السابقين، بهدف ترسيخ الانقسام الفلسطيني بين السلطة الفلسطينية و"حماس"، لمنع أي إمكانية لقيام دولة فلسطينية في المستقبل.
وتعليقاً على السياسة المعلنة لوزير الأمن يسرائيل كاتس حول فقدان "حماس" للمزيد من المناطق التي ستُضم لإسرائيل، في حال رفضها إطلاق مخطوفين، قالت الصحيفة إن "خطوات التقدم البطيئة لقوات الجيش الإسرائيلي في الأيام الأخيرة، نحو أجزاء مناطق في القطاع، لا تهدف بالضرورة إلى محاربة حماس، وإنما إلى احتلال تلك المناطق وإعادتها على ما يبدو مقابل مخطوفين، وإذا استمرت حماس برفضها، سيتم ضمها إلى دولة إسرائيل".
"حماس" جاهزة للتصدي
وذكرت "يديعوت أحرونوت" أن "حماس أدركت كما يبدو أن أي خطوة إسرائيلية منذ الآن ستكون مدروسة وبطيئة تمهيداً لاجتياح بري إسرائيلي كبير وتدريجي، ولذلك هي لا تردّ تقريباً، وتحتفظ بعشرات الآلاف من ناشطيها والأسلحة الكثيرة الباقية بحوزتها في قلب تجمعات السكان"، مضيفة أن التخوف الأكبر في قيادة الجيش الإسرائيلي هو من "الرفض الصامت" للخدمة العسكرية في قوات الاحتياط، وقالت: "هناك آلاف كثيرة من الجنود الذين يتم استدعاؤهم بأوامر عسكرية ولا يمتثلون في الخدمة في الاحتياط، خصوصاً في الوحدات القتالية مثلما هي الحال في الكتائب والألوية أيضاً، لأسباب أخرى ومعروفة مثل التراجع في الوضع النفسي والجسدي، وضغوط متطرفة وأزمات في المنزل والعائلة والمستقبل المهني".
وأضافت الصحيفة أن بإمكان أي جندي في الاحتياط استخدام هذه الأسباب كي يحصل على إعفاء من الاستجابة لاستدعاء للخدمة العسكرية، من دون أن يُتهم برفض الخدمة، حتى لو كانت هذه ليست الأسباب الحقيقية لطلبه الحصول على إعفاء.
ونقلت الصحيفة عن ضابط قوله إن "الجيش يُسرّح جنوداً يطلبون ألا يمتثلوا في الخدمة هذه المرة، بعد أن أدّوا الخدمة لمدة سنة تقريباً، على أمل أن يمتثلوا لدى استدعائهم في المرة المقبلة. ولن تكون لدي الجيش أي طريقة لمواجهة رفض الخدمة الصامت بسبب حجمه وطبيعته".