2025- 03 - 25   |   بحث في الموقع  
logo سلام من طرابلس: مصرّون على استعادة الأمن والنظام في عاصمة الشمال logo عبدالله يحذّر من التقسيم على قواعد طائفية مذهبية logo درعا: قتلى وجرحى بقصف إسرائيلي انتقامي..إثر اشتباكات مع سوريين logo الـ"زلزال" السياسي في تركيا يفتك بإقتصاد البلاد logo بالأسماء والمراكز... التشكيلات الجديدة في أمن الدولة logo بالفيديو: سلام بدأ زيارته إلى طرابلس logo علَويّو سوريا إلى الشتات؟ logo بـ"مذكرة توقيف"... فرنسا تواجه الأسد قانونيًا
فقر الطاقة في عصر الذكاء الاصطناعي: عنق الزجاجة الخفي
2025-03-23 13:25:58


في خضم السباق بين عمالقة التكنولوجيا لإنشاء مراكز بيانات ضخمة وتوسعة المنشآت لتدريب نماذج الذكاء الإصطناعي، لا سيما بعد إعلان OpenAI عن عزمها إطلاق GPT-5 خلال أشهر. يغيب عن المشهد سؤال جوهري: من أين سنأتي بالطاقة اللازمة لتشغيل كل هذا؟
تشير الأرقام بأن الاستهلاك اليومي من الطاقة لـChatGPT ومحرك بحث Google يتجاوز 620 ميغاواط ساعة، أي ما يعادل تغذية 21 ألف منزل اميركي (64 ألف منزل أوروبي). ولا حل اليوم إلا بحرق المزيد من الوقود الأحفوري لتلبية نهم "مصانع" عصر الذكاء الإصطناعي! وعلى الرغم من الاستثمارات الكبيرة في مشاريع الطاقة الشمسية والرياح، لكن حاجتنا للطاقة يفوق بشكل كبير قدرتنا الحالية على إنتاجها بشكل متجدد. أضف إلى ذلك التحول الكبير نحو السيارات الكهربائية الذي يتطلب مضاعفة الإنتاج الحالي من الكهرباء. كذلك الضغط الذي يمارسه إتفاق باريس حيث التزمت 140 دولة بتحقيق "صفر انبعاثات" بحلول 2050.نهم غير مستدامشاعت في الفترة الأخيرة تقارير عن تبريد منشآت الذكاء الإصطناعي بالماء، والواقع أن هدر الماء العذب في التبريد لا يذكر أمام البصمة الكربونية لهذه المنشآت. فالمركز الواحد يحتاج إلى 100 ميغاواط من القدرة الكهربائية. بينما تُطلق عملية تدريب نموذج واحد مثل GPT-4 حوالي 500 طن من الكربون، ما يعادل انبعاثات 22 رحلة جوية بين بيروت والدوحة. المفارقة أن شركات التكنولوجيا التي تتباهى بتحقيق "صفر انبعاثات" في مراكزها الرئيسية تعتمد في تشغيل مراكز بياناتها على شبكات تعمل بالفحم. فانبعاثات مايكروسوفت ارتفعت 23% منذ 2020، بينما يعتمد مركز بيانات Google في أوريغون على شبكة كهرباء ملوِثة للبيئة. ومع تسارع تبني الذكاء الاصطناعي، فقد تستهلك هذه المراكز 8% من الكهرباء العالمية بحلول 2030 مقارنة بـ2% اليوم.وعلى الرغم من النمو الهائل للطاقة الشمسية (بنسبة 400% في العقد الأخير) وتقدم تقنيات طاقة الرياح، فإن تقطّعها يجعلها عاجزة عن تلبية وحوش الصناعات التي تتطلب مصدرًا مستمرًا للطاقة. فمراكز البيانات لا تتوقف عن العمل عند غياب الشمس، والمصانع لا يمكنها أن تعتمد على هبوب الرياح!مفارقة الطاقة النوويةفي الماضي، كانت وعود الطاقة النووية لا تعرف الحدود، لكن حصتها العالمية في إنتاج الكهرباء تراجعت من 18% عام 1996 إلى 10% اليوم. ولهذا التراجع أسبابٌ متشابكة، أبرزها الوصمة الاجتماعية والخوف من التسرب الإشعاعي لاسيما بعد حادثة فوكوشيما.
لكن المفارقة تكمن في الأرقام: فلكل كيلوواط/ساعة مُنتَج، تظل الطاقة النووية الأقل تلويثًا للبيئة، والأقل فتكًا بحياة البشر مقارنةً بكل مصادر الطاقة التقليدية، بدءًا من الفحم (الذي يقتل 100 ألف شخص سنويًّا بسبب انبعاثاته) وصولًا إلى الوقود الثقيل (الفيول). وحتى توربينات الرياح قد تكون أكثر خطورة على حياة عامل الصيانة من نظيره الذي يعمل في مفاعل نووي.ويشهد الرأي العام تحوّلاً في النظرة إلى الطاقة النووية على الرغم من الوصمة الاجتماعية ورفض السكان المحليين لوجود مفاعل في مدينتهم، حيث تشير الإحصاءات بأن 65% من الناشطين المناخيين الأمريكيين يؤيدون الطاقة النووية. لأن البديل الأسوأ ظهر جلياً في قرار ألمانيا إغلاق مفاعلاتها عام 2023 واستبدالها بمحطات فحم وبالتالي الابتعاد أكثر فأكثر عن وعود اتفاق باريس بتحقيق انبعاثات صفرية بحلول 2050. الفيزياء...البيروقراطية... والسياسةبينما تواجه المفاعلات النووية التقليدية القائمة على تقنية الانشطار (Nuclear fission) تحديات بيروقراطية وجيوسياسية عويصة. مثل تعقيدات ترخيصها التي تستغرق 7–10 سنوات في الولايات المتحدة مقارنةً بــ3–5 سنوات في كوريا الجنوبية، وارتباطها التاريخي ببرامج التسلح النووي، يطلُّ مجددًا أفق الاندماج النووي الذي بدأ في ثلاثينات القرن الماضي كبديلٍ واعد. فمخلفات الاندماج المشعة لا تتجاوز خطورتها قرنًا واحدًا (مقابل مئات آلاف السنين للانشطار)، ووقوده المستخرج (Hydrogen isotopes) من مياه المحيطات لا ينضب.
يقوم الاندماج النووي على محاكاة التفاعلات التي تحدث داخل الشمس، وتتمثل الفكرة الأساسية في أن اتحاد ذرتين يُنتج ذرة واحدة أقل كتلة بقليل من مجموع كتلتي الذرتين الأصليتين، حيث يتحول هذا الفارق إلى طاقة صافية. لكن هذه العملية تتطلب درجات حرارة هائلة تبلغ عشرة أضعاف حرارة باطن الشمس تقريبًا. وفي إنجازٍ علمي ملموس لتقنية الاندماج، نجح مفاعل "توكاماك" (Tokamak) الصيني عام 2022 في تحقيق درجة حرارة بلازما بلغت 70 مليون درجة مئوية لمدة 17 دقيقة، مستخدمًا المجال المغناطيسي للبلازما نفسها. ورغم أن تلك المدة لا تكفي لإنتاج طاقة صافية، إلا أنها تُشير إلى تقدم غير مسبوق في الأبحاث. فالتوقعات المتفائلة باتت ترجح الوصول إلى مفاعلات عمليّة لإنتاج للطاقة بتقنية الاندماج بحلول 2050، بدلًا من 2100 كما كان يُعتقد سابقًا.مشاريع طموحةإلى جانب طاقة الاندماج النووي، التي ما تزال حلماً بعيد المنال على الرغم الإنجازات مثل مفاعل "توكاماك" الصيني ونجاح "مرفق الإشعال الوطني" الأميريكي في إنتاج طاقة صافية. هناك مشاريع أخرى تبدو خيالية لكنها تحمل بصيص أمل. أبرزها أنظمة الطاقة الحرارية الأرضية المُحسَّنة (EGS)، التي تعتمد على ضخ المياه في الصخور الساخنة وتحويلها إلى بخار. نجحت شركة "فيرفو إنرجي" (Fervo Energy) في تشغيل محطة تجريبية بنيفادا تُغذي 3,500 منزل، لكن تكاليف الحفر العميق ما زالت تشكل عقبة كبرى أمام هذه الأنظمة.
أما بعيداً عن باطن الأرض، تختبر بريطانيا والصين سباقاً فضائياً غريباً، يستلهم حلم "كرة دايسون" الافتراضية لالتقاط الطاقة الشمسية من دون عوائق الغلاف الجوي. فالدولتان تختبران إمكانية نشر مزارع شمسية مدارية تنقل الطاقة إلى الأرض عبر موجات ميكروية. تواجه الفكرة تحدياتٍ ضخمة وتكاليف فلكية (حرفيًا) ومخاطر تقنية.لكن بالعودة إلى أرض الواقع، قد يكمن الحل في الجمع الذكي بين كل تقنيات الطاقة النظيفة المتاحة: المفاعلات النمطية الصغيرة (SMRs) التي تُنتجها شركات خاصة بمعايير أمان عالية، وهي تتميز بمرونتها في النقل والتشغيل قرب مراكز الاستهلاك، وقدرتها على التكامل مع شبكات الطاقة الشمسية وتوربينات الهواء. إلى جانب ذلك، الاستمرار في تطوير كفاءة الألواح الشمسية، والاستثمار الجاد في طاقة باطن الأرض عبر تقنيات EGS، وبناء محطات كهرومائية ذكية على غرار محطة "Nant de Drance" في سويسرا.
هذه الخطوات الواقعية قد تكون الجسر العملي الوحيد لتحقيق "صفر انبعاثات" بحلول 2050، في انتظار حلولٍ ثورية كـ"كرة دايسون" أو مفاعلات الاندماج.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top