2025- 03 - 24   |   بحث في الموقع  
logo مسجد الحجيجية في طرابلس.. ذو المئذنة المربعة ذات التأثيرات الصليبية logo الإنتخابات البلديّة.. أسبوعٌ حاسم يحدّد مصيرها!.. عبدالكافي الصمد logo تخبط سلام وإستفزازات القوات.. يهددان العهد!.. غسان ريفي logo أسرار انهيار جيش الأسد في "التلفزيون العربي" logo تركيا تحتجز "محرضين" في مواقع التواصل logo سوريا: هل تلقى الجنود أوامر بـ"عدم تصوير انتهاكاتهم"؟ logo "استراتيجية" البيطار الجديدة: استرداد مذكرات التوقيف مقابل المثول أمامه logo ماذا نريد من الحاكم المقبل لمصرف لبنان؟
المطران جاك مراد لـ"المدن": الإعلان الدستوري مشكلة للمسلمين
2025-03-23 00:25:46


التزمت الكنيسة السورية طوال السنوات الـ14 الماضية الاهتمام بالأمور الإنسانية مجبرة، عندما رأت أمامها الظلم والاعتقالات، لكنها لم تكن يوماً خارج إطار العمل السياسي، وقد دفع مسيحيو سوريا أثماناً باهظة، تهجيراً وقتلاً وتهميشاً في عهد نظام المخلوع بشار الأسد، لأنهم لم يكونوا يوماً مع نظام "البعث". لكن ذلك لم يمنع بعض مسيحيي سوريا من الحديث عن سياسة إقصاء ممنهج تُمارس ضدهم من قبل إدارة دمشق الجديدة، والتي قد تؤدي إلى نتائج كارثية من وجهة نظرهم، أبرزها زوالهم، معتبرة في المقابل، أن الإعلان الدستوري للرئيس أحمد الشرع قد يشكّل مشكلة للمسلمين، أكثر من المسيحيين.
مقدمة تفتح النقاش واسعاً مع رئيس أساقفة حمص وحماة والنبك وحولها للسريان الكاثوليك المطران جاك مراد، هذا نصّه:
بدايةً ماذا عن موقف الكنيسة بشكل عام أثناء قيام الثورة السورية؟
يجيب مراد أنه في بداية "ربيع سوريا" سنة 2011، كانت الكنيسة في وضع لا تّحسد عليه، لسببين، أولهما أن موضوع الثورة السورية كان مفاجئاً بالنسبة إلى المسيحيين، ولو أنه كان نتيجة طبيعية آنذاك لأن الإنسان السوري بشكل عام وليس المسيحي فحسب، كان يبحث عن حق طبيعي في حرية التعبير ودرء الفساد. لذا عندما بدأت الثورة، كان عدد المشاركين فيها منهم قليل، وقد انضموا إليها، علماً أن طابعها كان واضحاً منذ اليوم الأول، بأنه إسلامياً سنيّاً، خصوصاً أن التظاهرات، كانت تخرج من المساجد كما كان معروفاً آنذاك.
في تلك الأثناء، عاشت الكنيسة بشكل عام في حيرة من أمرها، فهي كانت مع تغيير سياسة الدولة، وتحرير الأسواق، وحرية التعبير، لكن طبيعة الحراك لم تكن واضحة، في ظل غياب أي خطاب رسمي للمعارضة السورية، يظهر خطة واضحة للحراك، من قبل الثوار أنفسهم، أو من قبل الدول الداعمة له في ذلك الوقت. لذلك التزمت الكنيسة الاهتمام بالأمور الإنسانية عندما رأت أمامها الظلم والاعتقالات والقتل، والتعدي الصارخ على المتظاهرين المدنيين بالسلاح والمدفعية من قبل أجهزة نظام الأسد، فيما امتلأت السجون بأشخاص كان ذنبهم الوحيد أنهم تكلّموا أو صرخوا..
عليه، ماذا عن الأثمان التي دفعها المسيحيون، وهل غابت الكنيسة بالفعل عن أداء دورها الحقيقي؟
يقول مراد إنه في حقبة النظام البائد، خرجت أصوات كثيرة من العلمانيين المسيحيين، ورجال الدين كالمطرانيين بولس يازجي، مطران حلب للروم الأورثوذكس، والمطران غريغوريوس يوحنا إبراهيم، مطران حلب للسريان الأورثوذكس، اللذين اختفيا في حلب، وكذلك لن ننسى الأب اليسوعي فرانس فاندرلخت الذي تضامن مع أهالي حمص في الحصار، وبقي معهم وشاركهم الجوع، وكل عذاباتهم، ليدفع في نهاية الأمر حياته ثمناً بسبب هذا الحب المنقطع النظير والتضامن مع الثورة.
كذلك الأب باولو دالوليو، الذي بات رمزاً من رموز الثورة السوريّة، ليس لأنه تضامن فقط مع طرف ضد آخر، بل لأنه حمل بداخله حباً كبيراً لهذا البلد العظيم الذي لا يستحق أن يبقى في هذه الدوامة من العنف والديكتاتورية، والظلم والانتهاكات، فدفع، هو الآخر، حياته ثمناً لكن بقرار منه عندما ذهب إلى الرقة، بكل إرادته للتفاوض مع "داعش".
ولن ننسى بطبيعة الحال، المعارضين السوريين جورج صبرا، والراحل ميشيل كيلو اللذين لعبا دوراً اساسياً، في بداية الثورة السورية، وفي كل المرحلة السابقة.
ويؤكد المطران مراد، أن هناك الكثير من الأشخاص من الإكليروس، والعلمانيين المسيحيين الذين كانوا ضحايا الحرب التي دارت رحاها في سوريا بسبب ثورة شعبها ضد النظام. ومنهم الأب فرانسوا مراد الذي قتل على يد "جبهة النصرة"، في الغسانية في 2013، والأب الأرثوذكسي فادي حداد في قطنا، إلى جانب كثير من الكهنة والمطارنة الذين تركوا البلد بسبب مواقفهم المعارضة للنظام السوري البائد. ويذكر المطران مراد الكثير من المسيحيين الذين اختفوا في سجون النظام، من دون أن يغيب عن ذهنه الذين قتلوا على يد أجهزة نظام الأسد، ومنهم المخرج السينمائي باسل شحادة، كما أن بعض المسيحيين أسر من قبل "داعش" أو "جبهة النصرة"، ويلفت إلى أن الثمن الأكبر الذي دفعه المسيحيون هو تهجيرهم من مناطقهم بشكل كامل.
يضيف مراد: "الأمر الذي لن ننساه، وعلينا أن نستذكره، ونذكّر به السلطة الحالية التي تتناسى في بعض الأحيان، من جهة، والمجتمع الدولي، من جهة أخرى، أن الكنيسة لم تكن غائبة أبداً عن الساحة في سوريا، لأن المسيحيين يعتبرون أنفسهم هم أصل هذه البلاد وجذورها، فعلى الرغم أن المسلمين اليوم هم أهل هذه الأرض وهي بلدهم، فإن جذور هذا البلد سيريانية، ومسيحية، والأمر ليس خافياً على أحد، ولا يمكن إنكاره". ويطالب السوريين، من مسيحيين ومسلمين، بالتوقف عن الحديث عن العصبيات والعشائرية والطائفية، قائلاً: "نحن لا نريد أن نعبّر عن حبّنا لوطننا وانتمائنا لهذا الوطن من خلال الطائفية. فهناك من يريد اليوم أن يربط هذا الوطن بفئة واحدة، وهذا الأمر مرفوض رفضاً قاطعاً لأن سوريا للجميع وليست لإحدى الفئات، بل هي تضم الجميع وتحترم الجميع، ومنفتحة على الجميع".
ماذا عن أحداث الساحل الأخيرة؟
يشير مراد إلى أن "العنف الذي يُمارس اليوم خصوصاً في الساحل السوري، ليس نابعاً من انتماء حقيقي لهذا الوطن، بل هو جريمة بحق انسانيتنا كسوريين، لن تستفيد منها سوى إسرائيل التي تعمل بشكل جدي اليوم على تقسيم سوريا. ومردها عملياً تحقيق المصالح الغربيّة والإسرائيلية، ولن تكون نتيجتها إلا تقسيم البلاد وإضعافها، وتهجير أهلها. وكل هذا يجعل بالطبع إسرائيل، هي الدولة الأقوى عسكرياً في المنطقة، لتتحكم بثروات الشرق الأوسط، سواء في لبنان وسوريا والعراق، والأردن".
إذاً، هل تتحمل الكنيسة دوراً في تحييد المسيحيين، الأمر الذي وضع المسيحيين الى جانب النظام المجرم في سنوات الثورة، أم أن هذا يعتبر إجحاف بحق الكنيسة ورجالاتها؟
يلفت المطران مراد إلى أن هناك إشكالية كبيرة عن ماهية الكنيسة، ومن تمثل، وهل يتكلم الاكليروس، والكهنة باسم الشعب؟، أم باسم رؤساء الكنيسة؟ وهذه أسئلة يعيد المطران الإجابة عليها إلى بداية الحرب السورية، إذ كان هناك خليط من عدم الوضوح، ولأن الوضع العام لم يكن يسمح بتأسيس تيارات مسيحية، أو نوادٍ أو ملتقيات، تبحث في الشأن السياسي والاجتماعي، حاول بعض الشخصيات الكنسية من كهنة ومطارنة، وبطاركة، نقل صوت الشعب، لكن في حقيقة الأمر أنهم كانوا ينقلون صوتهم كأشخاص. وشخصياً عندما كنت أظن أنني أتكلم باسم المسيحيين من حولي أو الرعية التابعة لي، وحتى لا أخدع نفسي، أعترف أنني كنت أقول رأيي أنا. صحيح أنني كنت أتأثر بما يقال حولي من قبل الشبيبة والعلمانيين، لكنني في آخر المطاف كنت أتحدث عن نفسي. لذلك فإن الدعوات التي تُوجّه بعد سقوط النظام، إلى بعض البطاركة والأساقفة لتقديم اعتذارهم عن التواطؤ وتأييد نظام الأسد والسكوت عن كل الإجرام التي ارتكبها الأسد بحق الناس، والاعتراف بأنهم كانوا يتكلمون باسمهم، وليس باسم الشعب المسيحي، تُوجب عليهم الاعتذار، وهذا رأيي الشخصي، حتى لا يُفهم من كلامي أنني أوجّه اللوم إلى أحد بذاته، وأنا أتحمّل النقد على هذا الرأي.
لكن كيف تعاملت الحكومة الجديدة، مع الكنيسة ومع رؤسائها، وهل عرض عليكم أي دور حقيقي للمشاركة في إدارة البلاد في هذا المنعطف الخطير؟
يشدّد مراد بوضوح على أن الكنيسة ليست هي الإكليروس فقط. يقول: "لا يحق لي كمطران القول إنني أمثّل المسيحيين، وكذلك الأمر بالنسبة لزعماء الكنيسة مع احترامنا للجميع، واحترامنا لأفكارهم وخطاباتهم الرائعة
التي قدموها في المرحلة الأخيرة، لاسيما، الخطابات الجريئة لسيدنا يوحنا العاشر بطريرك الروم الارثوذكس في الشرق. ومن هنا على الكنيسة أن تبقى شاهدة وشهيدة، وأن تنظم ذاتها، وتؤسس منتديات لاجتماع العلمانيين المسيحيين للعمل معاً، من أجل مستقبل هذا الوطن.
وعن تعامل الحكومة المؤقتة، يشير مراد إلى زيارة المسؤولين الجدد للكنيسة، تضمنت التقدير والتأكيد على مشاركة الجميع، لكن عملياً هناك تناقض كبير بين الأقوال والأفعال، فهناك تهميش للقيادات المسيحية، وللمسيحيين على حد سواء، وإغفال لدور الكنيسة. وهذا التهميش ينسحب على كل الأقليات الأخرى، وربما هناك تهميش لكل الشعب السوري، ففي الوقت الذي تأتي فيه السلطة الجديدة، وتشكّل حكومة من لون واحد، من إدلب، فهذا إقصاء لكل الشعب، وكأن الأخير بأكثريته المتبقية، بات خائناً " شبّيحاً". وكأن هذا الشعب لم يشارك بالثورة، ولم يدفع ثمنًا باهظاً، هذا هو الضلال بعينه، من قبل الحكومة الجديدة، وهو غير مقبول ابداً، لأن القائمين على هذه الحكومة، يعرفون أن الشعب الذي بقي في الداخل السوري، قد تحمّل من الجوع والموت، والقمع، ودفع الكثير من التضحيات، ومن كل المكونات.
ويضيف مراد: "نعرف جميعاً أن هناك الكثير من إخواننا العلويين، الذين لم يكن لهم لا ناقة ولا جمل في الصراع، ولا ذنب لهم بانتمائهم لنفس طائفة رأس النظام بشار الأسد، فهم دفعوا ثمناً من أرواح أولادهم الذين استشهدوا، وأركز هنا على هذه الكلمة، بلا أي معنىً إلى جانب الذين سُجنوا منهم وأُسروا أيضاً"، معتبراً أن "هذا التبخيس بقيمة الناس وبدمائهم، بعد كل هذه التصرفات التي صدرت من هذه الحكومة، يُفقد الشعب بكل أطيافه، الثقة بها"، مشدداً على "أن كل التصرفات التي صدرت عن الرئيس أحمد الشرع والحكومة المؤقتة خلال الأشهر الثلاثة الماضية غير مقبولة". فعندما يقول الشرع: "علينا أن نطوي صفحة، ونفتح صفحة جديدة"، وبعد فترة قصيرة تتفلت بعض الفصائل في مناطق العلويين، لتبدأ عمليات التنكيل والقتل، بطريقة بشعة جداً وممنهجة، فكل هذا تبخيس بقيمة هذا الشعب وما تحمّله، وإهانة لدماء هؤلاء الذين غُصبوا على الشهادة ولم يختاروها.
استناداً لما سبق، ماذا عن الدور الحقيقي للكنيسة، في الشرق وفي سوريا خصوصاً بعد سقوط الأسد؟
يؤكد المطران مراد أن دور الكنيسة الاجتماعي والسياسي والثقافي مهم جداً لتميزه أولًا، وثانياً، لأن الكنيسة عصب مهم في كيان الدولة بسبب تاريخها وماضيها وانفتاحها على الغرب غير المسيحي. وأركز هنا على هذه النقطة لأن المسلمين في سوريا يعتبرون أن الغرب، هو مسيحي وكافر وصليبي، وإلى آخره، وهنا أوكد أن الغرب في سياساته وطريقة إدارته، لا يمت إلى الكنيسة وإلى المسيحيين بصلة. إذاً حتى تستطيع الكنيسة أن تكون حاضرة بشكل فاعل ومؤسس وشريك في الخطاب السياسي، وفي العقد الاجتماعي، عليها أن تجمع كل الآراء في سوريا، وأن تُقدّم خطاباً سياسياً موحداً. ويحذّر أنه إذا لم يوجد حراك من أجل خطاب واحد وعمل مشترك، على كل الصعد، فإننا نتحمل مسؤولية فقدان الوجود المسيحي في سوريا، وليس فقط فقدان الدور، بل فقدان المكوّن كله. وعندها ستتحول كنائسنا في الشرق إلى متاحف يأتي الناس لزيارتها، وسنكون كمطارنة وكهنة مجرد حراس عليها. فما يجذب العالم إلى كنائسنا هو دفء الصلاة، الذي سيبقى إلى نهاية العالم، هو صدى الإيمان، الحقيقي والعميق والروحاني لشعبنا المؤمن. وهكذا أنا كإنسان مؤمن لن أفقد الرجاء رغم كل ما حدث في الأيام الأخيرة.
ويتابع المطران مراد أن "الشعب السوري مؤمن، ولولا الإيمان لم يصبر على كل الذل والفقر. لكن إذا استمرت سياسة الإقصاء التي تُمارس بمنهجية مباشرة وواضحة من قبل الحكومة المؤقتة، فليعلم العالم كله أننا سنكون كمسيحيين الشعبَ الذي مات بصمت، الذي لم يفكر به أحد، وليس لنا صوت نصرخ به. والمسؤولية عن ذلك ليست داخلية فحسب، بل هي خارجية أيضاً".
يبدو أن هناك دوراً مفقوداً اليوم للمسيحيين في بناء سوريا الجديدة، هلّا تحدثنا عن وجه المسيحيين الحقيقي، وحاضرهم والأمل بتفعيل أدوارهم؟
يقرّ المطران مراد بأنه لا دور للمسيحيين اليوم في بناء الدولة، والسبب في ذلك لا يتوقف على تشتت الكنيسة وعدم توحدها، بل تقع المسؤولية أيضاً على الحكومة المؤقتة واستمرارها باتباع سياسة الإقصاء التي كان النظام السابق ينتهجها، ويستدل على ذلك بمؤتمر الحوار الوطني الأخير، الذي تم اختيار الأشخاص الممثلين فيه، من قبل اللجنة المنظمة، وليس من قبل الشعب أو من قبل الكنيسة، ويضيف: "أنا شخصياً أعترض على ذلك بشكل كبير، لأن التنظيمات المجتمعية القائمة هي التي كان عليها أن تختار أعضاء الحوار"، مؤكداً أن المؤتمر كان فاشلاً ليس فقط لأن التمثيل المسيحي لم يكن كما كان مأمولاً، بل لأن كل المكونات الأخرى لم يكن تمثيلها متوازناً أيضاً، وكأن هناك إقصاء لبعض الجهات، وهذا الشيء ليس مقبولاً، خصوصاً أننا نعيش اليوم حلم سوريا الجديدة، لذا فإننا لا نعتبر أن المؤتمر قد حدث، ولا بدّ من التفكير وبشكل جدي بمؤتمر وطني آخر واسع المجال والطيف مع تحضير مسبق وطويل الأمد يعتمد الطريقة الالكترونية، بحيث يكون هناك مشاركة حقيقية من السوريين في الداخل والخارج، لكي نستطيع بناء دولة ديمقراطية، حضارية، نستطيع القول إن مؤسسها هو الشعب السوري وليس فئة حاكمة، بدون تدخل أي قوى خارجية.
صف لنا واقع المسيحيين السوريين اليوم على الصعيد الديمغرافي وأثر الحرب على تلك الخريطة؟ وهل تشعرون بخطر وجودي وأنتم أهل سوريا الأصليين؟
يلفت مراد إلى أن عوامل كثيرة، ساهمت في بطء التزايد الديمغرافي المسيحي، وارتفاع عوامل الهجرة الأمر الذي سبب انهياراً حاداً في اعدادهم في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى تغييرات كبيرة وقاسية على الخريطة الديمغرافية السورية إذ إن نسبة المسيحيين السوريين لا تتجاوز اليوم 2.5 في المئة، فأعداد كبيرة منهم اختفت بسبب الهجرة، وعمليات القتل في الشمال السوري وأيضاً تقلصت الأعداد في مناطق أخرى خصوصاً في حلب التي تراجع فيها المسيحيون من 170000 شخصٍ إلى 20000 كذلك اختفاء المسيحيين في مدينة إدلب وفي جسر الشغور وعدة قرى، وكذلك إفراغ قرى مسيحية في حمص كالقريتين وأم شرشوح، وحوران من أبنائها.
ويشرح المطران مراد أن هذا التغيير الديمغرافي ستكون له نتائج سلبية وخطيرة مستقبلاً، ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على الصعيد الاجتماعي، ولا ندرك للأسف، مدى خطورته على مسألة التنوع والديمقراطية.
ويشدّد المطران مراد على أن الكنيسة مؤسسة لها دور مهم جداً على صعيد المساعدة في تنظيم لقاءات حوارية تثقيفية، لبناء فكر سياسي لكل مكونات الشعب، مؤكداً أنها لم تنسحب أبداً من العمل السياسي، لكن دورها في العمل السياسي في عهد "حزب البعث"، كان محدوداً بسبب وجود قمع للحريات ومنع الإعلام، لذلك لم تكن مؤثرة، أو قادرة على التغيير بسبب كل ذلك.
ما تعليقكم على الإعلان الدستوري الأخير، والذي يعتبر أن الإسلام هو دين الرئيس أو دين الدولة وأن الشريعة أو الفقه الإسلامي هو مصدر للتشريع؟
يؤكد مراد أن ذلك الإعلان لا يشكل مشكلة بالنسبة إلى المسيحيين والكنيسة، لأن نسبة المسيحيين لم تعد تشكل كتلة وازنة، ويرى أنه قد يشكّل مشكلة للمسلمين أكثر منها للمسيحيين، لأنه بهذا المنطق، فإن الدولة الجديدة تلغي كل شرعة حقوق الإنسان وقوانين وحرية الفرد، فمجرد أن الفقه الإسلامي هو مصدر التشريع، والرئيس يجب أن يكون مسلماً هذا أمر طبيعي أصلاً، موضحاً في المقابل "لكن عندما يشرّع الدستور، امتلاك رئيس الدولة لصفات معينة، بدون ذكر دينه، من بين هذه الصفات، فذلك هو مصدر حضاري للتشريع، وعندما توضع شرعة حقوق الإنسان والدولة المدنية، والديمقراطية (الكلمة التي لم يتم ذكرها، ولا مرة واحدة في كل مؤتمر الحوار الوطني)، عند ذلك نفهم أن هناك نضجاً ووعياً عند هذا الشعب. أما اليوم فنحن لن نستطيع القول إننا نتكلم عن دولة متحضرة، و لن نقبل بذلك أبداً، وكل الشعب السوري لن يقبل به، متسائلاً: لماذا لا يكون لدينا مرة واحدة حكومة جريئة وشجاعة، تعطي للشعب صوته بدون قمع للحريات؟ فعندما يقول كل الناس في صناديق الاقتراع، نحن نريد تشريعاً اسلامياً، ودين الدولة الإسلام، فنحن سنكون كمسيحيين متقبلين بشكل كبير ما يريده الشعب السوري. فنحن كمسيحيين نملك قوانيننا الخاصة ومحاكمنا الروحية الخاصة، وهذا لن يغير شيئاً. ويخلص مراد إلى القول: "المعضلة اليوم كيف يمكن للإسلام أن يحلّ مشكلته مع نفسه، والدولة منقسمة على ذاتها وهي هشة ضعيفة، وكل ذلك بسبب التركة الثقيلة للأسد، وهو الذي جرّ هذه البلاد إلى هذا المستنقع الطائفي الخطير".


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top