ظهر الناشط السوري بدر الدين جحا في مقطع فيديو، مساء الجمعة، وهو يبكي معلناً أن منزله تعرض لمداهمة نفذها أشخاص يرتدون زياً عسكرياً، مؤكداً أنه اضطر للفرار عبر أسطح المنازل المجاورة وأنه "لن يسلم نفسه إلا ميتاً" إلا إلى قائد الأمن العام في العاصمة دمشق.
وفي التسجيل نفسه، أعلن جحا أن ابن خالته اعتُقل خلال المداهمة، قائلاً: "عشت طول عمري تحت سلطة عائلة الأسد مقموعاً، والآن تتم ملاحقتي فقط لأنني طالبت بالعدالة لجميع مكونات الشعب السوري".وبدأت قضية جحا قبل أيام عندما نشر مقطع فيديو وهو يتجول بسيارته في شوارع دمشق، مشغلاً تراتيل مسيحية عبر مكبر صوت رداً على "حملات دعوية إسلامية" كانت تجوب الأحياء المسيحية عبر مكبرات الصوت، ما أثار غضباً واسعاً بين السكان المحليين، بمن فيهم مسلمون اعتبروا أن هذا النوع من الدعوة العلنية "غريب عن بيئة دمشق" ولا يمت لتراثها المشترك بصلة.وفي المقطع، قال جحا بشكل واضح: "كما يسمح للرعاع بالتجول والدعوة للإسلام، فمن حق كل مكوّن من الشعب أن يمارس شعائره بالطريقة نفسها، إذا نال مكوّن ما امتيازاً، فليُمنح للجميع"، ما أثار حفيظة بعض الفئات الدينية المحافظة، وفتح الباب أمام اتهامات ضده بـ"التحريض الطائفي" أو "المساس بالمقدسات"، علماً أن جحا مسلم وليس مسيحياً.وأثار فيديو جحا وهو يبكي ويطلب من السوريين حمايته ردود أفعال واسعة، حيث تباينت الآراء بشكل حاد. فهناك من طالب بحمايته ومنع تعرضه لأي أذى، معتبرين أن ما قام به لا يخرج عن إطار "رد الفعل الطبيعي على سلوك طائفي مرفوض"، وداعين إلى احترام التعددية الدينية في سوريا، وأشادوا بالفيديو الذي نشره، واعتبروه مبادرة لطيفة، لإظهار التعددية الدينية.في المقابل، رأى آخرون أن تصرفاته "استفزازية وخطيرة"، خصوصاً بسبب استخدامه لمصطلحات مهينة مثل "الرعاع"، ما قد يُستغل في تعميق الانقسامات المذهبية، رغم أن جحا نفسه قال إنه يطالب بالمساواة لا التصعيد.إلى ذلك، نشر الممثل السوري جابر جوخدار بياناً نقلاً عن "ملتقى الفنانين السوريين" جاء فيه أن جحا ناتجة عن قيامه بنشاط ديني (تشغيل تراتيل مسيحية بمكبرات صوت) من دون تنسيق مسبق مع الجهات المختصة، ما استدعى تحركاً قانونياً مماثلاً لما حدث سابقاً مع دعاة إسلاميين خالفوا الأنظمة.وأوضح جوخدار أن جحا غادر منزله خوفاً، قبل اكتمال الإجراءات، لكن الجهات الأمنية تتعامل معه حالياً بطريقة ودية وقانونية، وتسعى لحل الموقف بهدوء من دون تصعيد، مع التأكيد على أن جميع الإجراءات تتم في إطار القانون ومن دون تمييز ديني أو طائفي. وشدد جوخدار على أن الدولة ملتزمة بمبدأ المساواة في تطبيق القانون، ودعا إلى احترام الأنظمة التي تنظم الأنشطة العامة لضمان التعايش بين مكونات المجتمع السوري.ولم تصدر الأجهزة الأمنية حتى الآن أي توضيح رسمي بشأن ما إذا كان جحا مطلوباً لديها، أو ما إذا كانت المداهمة تمت بأمر قضائي أو بمبادرة فردية أو تمت من أفراد لا ينتمون لها أصلاً، ما زاد من حالة القلق والارتباك، خصوصاً في ظل وجود معلومات تؤكد أن الأشخاص الذين كانوا يقومون بالدعوة للإسلام في حي الدويلعة ذي الغالبية المسيحية قبل أيام، تم اعتقالهم فعلاً، لكن أفرج عنهم بعد أقل من 24 ساعة، من دون توجيه أي تهمة رسمية لهم.