2025- 03 - 22   |   بحث في الموقع  
logo جامع الطواشية في طرابلس.. مدرسة مملوكية بعمارة إسلامية logo نتنياهو يفاوض الفلسطينيين تحت النار!.. ديانا غسطين logo الانتخابات البلدية بين صلاحيات السلطة المحلية والواقع المأزوم!.. حسناء سعادة logo غارات إسرائيلية على مطار تدمر العسكري logo جارٍ تحميل الشرق الأوسط الجديد... logo هل تنجح واشنطن بتحييد موسكو في الصراع مع الصين؟ logo التعافي الاقتصادي مهدَّد: ثلاث عقبات إحداها إسرائيل logo نفي رسمي: لا تسليم لسجناء سوريين والأولوية لمعتقلي الرأي
نفي رسمي: لا تسليم لسجناء سوريين والأولوية لمعتقلي الرأي
2025-03-22 00:26:03


"لا تسليم لسبعِمئة سجينٍ سوريّ". بهذه العبارة ينفي مصدرٌ قضائيّ رفيع المستوى، في حديثه إلى "المدن"، ما نُسِب إلى مصادرٍ قضائيّةٍ لبنانيّةٍ بشأن استعداد بيروت لتسليم ما يزيد على سبعمئة سجينٍ سوريٍّ من أصل ما يربو على ألفَي سجينٍ يقبعون في السجون اللبنانيّة، وذلك بعد استكمال ملفات المحكومين والموقوفين الذين تنطبق عليهم شروط التسليم. وقد أثارت هذه التسريبات بلبلةً في الأوساط الحقوقيّة والسياسيّة، خصوصًا أنّها جاءت من دون بيانٍ رسميٍّ مفصَّل، ولم يصدر أيّ تأكيدٍ أو نفيٍ واضح من الجانب السوريّ. كما أثار مضمونها مخاوف لدى السجناء السوريين، ولا سيّما الموقوفين بتهمٍ سياسيّة أو بالانتماء إلى فصائلَ معارضةٍ للنظام السوريّ السابق، خشيةَ ألّا يكونوا مشمولين في عملية التسليم التي يطالبون بها منذ سقوط النظام الأسديّ.إشكاليّة التسليمومع انتشار هذه التسريبات، برزت تساؤلاتٌ حول الآليّة القانونيّة والإنسانيّة التي قد تُعتمَد في تنفيذ قرارٍ حسّاسٍ كهذا. وبحسب ما تداوله بعض المراجع، فإنّ الأمر يخصّ موقوفين متّهمين بتهمٍ متنوّعة، من بينها "الإرهاب" أو الانتماء إلى تنظيماتٍ جهاديّة وفصائلَ مسلّحةٍ خلال ذروة النزاع السوريّ، فضلًا عن عددٍ كبيرٍ منهم لم تصدر بحقّهم أيّ أحكامٍ قضائيّة بعد.
وقد أثارت هذه التسريبات ذعرًا في صفوف السجناء الذين عبّروا عن خشيتهم من "تسليمٍ جزئيّ" يشمل بعضهم دون غيرهم، خصوصًا أنّهم كانوا قد فكّوا إضرابهم عن الطعام بناءً على تطميناتٍ سابقةٍ بعمل السلطات السوريّة على ملفّهم (راجع "المدن"). وصدر بيان عن "مبادرة سوريون عبر السجون" جاء فيه: "نشرت إحدى الوكالات العالميّة تصريحًا لمسؤولٍ قضائيّ لبنانيّ قال فيه إنّ لبنان مستعدٌّ لتسليم أكثر من سبعمئة سجينٍ سوريّ. وعليه، نطرح تساؤلاتٍ حول ما إذا كان التسليم يشمل جميع المتّهمين بالإرهاب، ولماذا تمّ تحديد العدد بسبعمئة فقط، وما مصير قرابة ألفٍ وخمسِمئة موقوفٍ آخر؟ هناك مخاوف أيضًا من تسليم ذوي الأحكام الطفيفة أو من شارفوا على إنهاء محكوميّتهم، واستثناء السجناء السياسيّين المتّهمين بجناياتٍ كبرى. كما ذكّرت وزارة الخارجيّة السوريّة سابقًا بأنّها تريد استعادة جميع المعتقلين، فكيف تمّ اختزال العدد إلى سبعمئة فقط؟ ندعو السلطات اللبنانيّة إلى عدم تسييس هذا الملفّ والنظر إليه كمسألةٍ إنسانيّةٍ تقتضي تسليم كلّ السجناء السوريين بلا استثناء، كما ندعو الحكومة السوريّة الانتقاليّة إلى تسريع تنفيذ وعودها باسترداد أبنائها، مع توفير ضمانات المحاكمة العادلة واحترام حقوق الإنسان".
وأشار البيان أيضًا إلى الاتفاقيّة القضائيّة الثنائيّة الموقّعة بين لبنان وسوريا عام 1951، مذكّرًا بأنّ السلطات اللبنانيّة ارتكبت في السابق خروقاتٍ عبر تسليم سجناءٍ اختفوا قسريًّا أو تعرّضوا لانتهاكاتٍ جسيمة. لكن بعد سقوط النظام السوريّ السابق أواخر عام 2024، باتت أيّ إعادةٍ محتملةٍ مشروطةً بضمان محاكماتٍ عادلةٍ وعدم تكرار الانتهاكات بحقّ المعارضين السياسيّين.
وتعود جذور هذه القضيّة إلى زيارةٍ قام بها رئيس الوزراء اللبنانيّ السابق نجيب ميقاتي إلى دمشق في كانون الثاني الماضي، إثر الإطاحة بالرئيس السوريّ السابق بشار الأسد وتولّي الرئيس الانتقاليّ أحمد الشرع الحكم. آنذاك، أعلنت الخارجيّة السوريّة التوصّل إلى تفاهمٍ مع ميقاتي بشأن استرداد جميع المعتقلين السوريين في السجون اللبنانيّة. ومنذ ذلك الحين، ظلّ الملفّ متأرجحًا بين الأخذ والردّ، وشابته مساوماتٌ سياسيّة، ولا سيّما بعد ورود تسريباتٍ عن رفضٍ سوريٍّ قبول السجناء أو اللاجئين إلّا في حال استرداد أموال سوريا المجمَّدة في المصارف اللبنانيّة.هواجس الحقوقيّينفي هذا الإطار، يُعرب مدير مركز سيدار للدراسات القانونيّة، المحامي محمّد صبلوح، عن مخاوفه من تلك التسريبات. ويشير في حديثٍ إلى "المدن" إلى أنّ صحفًا موثوقة، منها بعض الصحف الفرنسيّة، نشرت تصريحاتٍ منسوبةً إلى مصدرٍ قضائيٍّ تتحدّث عن تسليمٍ وشيكٍ لسبعمئة سجينٍ سوريّ. ويتساءل صبلوح: "منذ متى تُعلِن الدولة عن قرارٍ بهذه الحساسيّة عبر تصريحٍ منسوبٍ إلى مصدرٍ قضائيّ؟ أولى الخطوات الطبيعيّة في هذا النوع من الإجراءات هي التواصل مع الحكومة السوريّة وعرض الملفّ عليها، ثمّ الإعلان رسميًّا عن الأمر بعد موافقتها. الغريب أنّ هذا الإعلان جاء من دون أيّ توضيحٍ أو تفاصيل".
ويضيف: "طالبنا منذ البداية، ومع بعض المسؤولين السوريين والسفارة السوريّة، بأن تُمنَح الأولويّة للمئتي موقوفٍ بتهمٍ تتعلّق بمشاركتهم في الثورة وآرائهم السياسيّة. أمّا من صدرت بحقّهم عقوبات جنائيّة فيجب انتظار تجهيز السجون في سوريا لاستقبالهم. ما حدث أثار ارتباكًا كبيرًا لدى الموقوفين السوريين عمومًا، ولا سيّما السياسيّين منهم؛ إذ تساءلوا: من هم هؤلاء السبعمئة؟ وهل هم مشمولون بتلك القائمة؟ ولماذا هذا العدد تحديدًا؟ إضافةً إلى ذلك، ليس معلومًا ما إذا كان هذا التسريب يهدف إلى طمأنة الموقوفين الذين كانوا مضربين عن الطعام، أم أنّ له أهدافًا أخرى؟ ويبقى أنه من المستغرَب أن يصدر عن دولةٍ إعلانٌ مشابه من دون مصدرٍ واضحٍ يمكن الاستفسار منه".
ويؤكّد صبلوح أنّ وزارة العدل السوريّة والسفارة السوريّة نفتا علمهما بأيّ قرارٍ رسميٍّ بخصوص التسليم، وأنّهما اطّلعتا على الأمر عبر وسائل الإعلام فقط، مشيرًا إلى أنّ الأولويّة لدى الطرف السوريّ تبقى لمعتقلي الرأي، فيما لا معلوماتٍ مؤكّدة لدى بقية الجهات السوريّة الرسميّة. ويضيف: "السؤال الأبرز هو: هل سيؤدّي هذا الأسلوب الملتبس في إدارة ملفّ المعتقلين السوريين إلى إغلاق الباب أمام أيّ حلولٍ أخرى؟ هناك مطالباتٌ في لبنان تتعلّق بتخفيض العقوبات أو إصدار عفو، وربّما التوجّه نحو العدالة الانتقاليّة مستقبلًا. والتعامل مع الملفّ بهذه الطريقة العشوائيّة قد يمثّل عرقلةً واضحةً لكلّ محاولةٍ جادّةٍ لفتح صفحةٍ جديدة".نفْيٌ قضائيّفي موازاة ذلك، يشير مصدرٌ قضائيّ لبنانيّ لـ"المدن" إلى أنّ ما يجري تداوله حاليًّا معلوماتٌ قديمةٌ تعود إلى عهد حكومة الرئيس السابق نجيب ميقاتي، ولا مستجدّات في الملف حتّى اللحظة، مؤكّدًا أنّ بيروت لم تتلقَّ أيّ طلبٍ رسميٍّ من دمشق لتسلّم الموقوفين السوريين. ويضيف أنّ القانون اللبنانيّ يحدّد بوضوحٍ آليّات التعامل مع الأجانب الذين ارتكبوا جرائم على الأراضي اللبنانيّة، بحيث يجري درس كلّ ملفٍّ على حدة في حال ورود طلبٍ رسميٍّ من دمشق، ثمّ تُعقَد مباحثاتٌ تفصيليّة بين الجانبين. ويشدّد على أنّ شيئًا من هذا لم يحصل فعليًّا منذ حكومة ميقاتي السابقة، ولم يجرِ أيّ تواصلٍ حتّى اللحظة.
ويلفت المصدر إلى أنّ القضاء اللبنانيّ حاول في الأسابيع الماضية التواصل مع دمشق بشأن هذا الموضوع، لكن أُبلِغ بأنّ المكتب المولَج متابعة الملفّ أُغلِق إبّان سقوط نظام الأسد، ولم يُعيَّن أيّ شخصٍ للمتابعة.
وتوازت التسريبات مع ردود أفعالٍ حقوقيّةٍ وتحركاتٍ في صفوف السجناء أنفسهم، إذ طالبوا بتوضيحاتٍ حاسمةٍ من الحكومتين اللبنانيّة والسوريّة. وحذّر ناشطون في "مبادرة سوريون عبر السجون" من مغبّة أيّ إجراءٍ مفاجئٍ قد يزيد من الاحتقان في ظلّ الغموض الراهن حول آليّات التسليم والجهات المشمولة به.أبعادٌ معقّدةوتعود قضيّة المعتقلين السوريين في لبنان إلى السنوات الأولى من النزاع السوريّ، حين لجأ آلاف السوريين إلى الأراضي اللبنانيّة، إمّا هربًا من المعارك أو بسبب نشاطهم المعارض للنظام السابق. وخلال ذروة النزاع، وُجِّهَت إلى كثيرين تهمٌ تتعلّق بالإرهاب أو الانتماء إلى تنظيماتٍ مسلّحة، فضلًا عن اتّهام بعضهم بشنّ هجماتٍ على الجيش اللبنانيّ في المناطق الحدوديّة. ومع مرور الوقت، ازداد عدد السوريين الموقوفين في السجون اللبنانيّة، وبقي عددٌ منهم بلا محاكماتٍ حاسمة، فيما حُوِّل آخرون إلى القضاء العسكريّ في بيروت.
وقد تفاقمت الأزمة مع تدهور الأوضاع الاقتصاديّة والاجتماعيّة في لبنان، في ظلّ اكتظاظ السجون وتردّي الخدمات الغذائيّة والطبيّة. وعاد الحديث عن تسليم المعتقلين إلى بلادهم بعد التغيّر السياسيّ في سوريا، عقب الإطاحة بالنظام الأسديّ وتسلّم المعارضة السلطة. ورغم صدور تصريحاتٍ رسميّةٍ سوريّةٍ تشير إلى الرغبة في استعادة المعتقلين، ظلّ هذا الملفّ مرتبطًا بشروطٍ ماليّةٍ وسياسيّةٍ، من بينها المطالبة بأموالٍ سوريّةٍ مجمَّدةٍ في المصارف اللبنانيّة.
لا شكّ في أنّ هذا الملفّ بالغُ الحساسيّة قانونيًّا وإنسانيًّا، لكونه يستدعي التمييز بين السجناء الذين يُتهمون بجرائم جنائيّة، وأولئك الذين يُعَدّون ناشطين سياسيّين أو معارضين للنظام السوريّ السابق. كما يُثار جدلٌ حول ازدواجيّة المعايير، ولا سيّما في ظلّ عدم فتح ملفاتٍ تخصّ مجموعاتٍ لبنانيّة قاتلت في سوريا، في حين يُحاكَم سوريّون بتهمٍ مشابهةٍ على الأراضي اللبنانيّة. ويرى مراقبون أنّ الفشل في بلورة تفاهمٍ واضحٍ بين بيروت ودمشق قد يُلقي بظلاله السلبيّة على العلاقات الثنائيّة، خصوصًا في ظلّ اعتماد لبنان على المعابر البريّة السوريّة للتجارة والتواصل الإقليميّ. وفي المقابل، قد تلجأ دمشق إلى استخدام هذا الملفّ ورقةَ ضغطٍ سياسيّةٍ عبر إغلاق الحدود أو فرض رسومٍ إضافيّةٍ على انتقال الأفراد والبضائع.
في المحصّلة، يبقى مصير نحو ألفَي سجينٍ سوريٍّ معلّقًا بانتظار التوصل إلى تفاهمٍ ثنائيٍّ واضحٍ وشفّاف، يكفل ضماناتٍ قضائيّةً وإنسانيّةً، ويُفرّق بين الملفات الجنائيّة المحضة والقضايا السياسيّة. ومن دون إصدار بيانٍ جليٍّ من الحكومتين، ستظلّ التسريبات موضع تأويلٍ وتوظيف، فيما تزداد مخاوف السجناء السوريين من احتمال البقاء في السجون بلا أحكامٍ أو التعرّض لتصفياتٍ سياسيّة، ما لم تُعلَن إجراءاتٌ ملموسةٌ ومضمونةٌ تحفظ حقوقهم وتعزّز ثقتهم بمسار العدالة، وتحديدًا العدالة الانتقاليّة التي ترفع السّلطتان اللبنانيّة والسوريّة لواءها بعد التغييرات الجذريّة التي طرأت في الشهور الأخيرة.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top