لم تمضِ ساعات قليلة على اعلان تعيين الدكتور خالد فواز زعرور، عميداً لكلية الإعلام بجامعة دمشق، حتى انتشر له مقطع فيديو قصير، غير واضح السياق، يتحدث فيه عما وصفه بـ"مجتمع الدياثة"، وهو تعبير ذو خلفية دينية ويحمل إدانة اجتماعية، ويشير إلى غياب الغيرة على أفراد الأسرة.وأصدرت جامعة دمشق قراراً بتعيين الدكتور خالد فواز زعرور عميداً لكلية الإعلام، ضمن سلسلة تغييرات تهدف إلى إشراك كفاءات جديدة في إدارة المؤسسات الأكاديمية. ويأتي هذا التعيين في سياق توجه نحو تطوير المناهج التعليمية وربطها بمتطلبات سوق العمل الإعلامي، خصوصاً في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها الإعلام الرقمي.وانتشر المقطع بسرعة. وينتقد فيه زعرور ظاهرة تصوير بعض الأشخاص لزوجاتهم أو بناتهم أو أخواتهم بدعوى مشاركة لحظات يومية، معتبراً أن ذلك يتنافى مع الأخلاق والقيم. وأثارت تصريحات زعرور السابقة موجة انتقادات حادة من صحافيين وناشطين، الذين وصفوا آراءه بأنها "رجعية ولا تليق بمنصب عميد كلية الإعلام"، فيما ذهب البعض إلى انتقاد استخدامه لمصطلح "الدياثة"، باعتباره مصطلحاً دينياً لا يتناسب مع المجال الإعلامي، كما أنه مصطلح مهين، يعمم الاتهامات بالرذيلة على كل عائلة تصور أفرادها وتنشر صورهم في مواقع التواصل..وطرح بعض المنتقدين تساؤلات حول معايير تعيينه في هذا المنصب، معتبرين أنه كان بالإمكان اختيار أكاديميين يتمتعون بكفاءة مهنية أكبر، بدلاً من "شخص يحمل أفكاراً دينية محافظة"، أو "موروثات إجتماعية لا تشبه الكثير من السوريين"، أو أنه "يحمل عصا الأخلاق والدين ويلاحق بها الأفراد الذين يمتلكون الحق بالتعبير عن أنفسهم والتصرف بحرية". كما انتقد صحافيون تركيز زعرور على مفهوم "أخلاقيات الظهور الإعلامي" بناءً على معايير شخصية تتعلق بالشكل والمظهر، بدلاً من المعايير المهنية التي تحكم العمل الإعلامي، كما تساءل البعض أيضاً عن موقف زعرور من عمل الصحافيات، وما إذا كانت آراؤه الشخصية ستؤثر في حرية النساء في المجال الإعلامي. زعرور يوضح موقفه
في تعليق له على الجدل الذي أثاره الفيديو، أوضح الدكتور زعرور لـ"المدن" أن حديثه جاء ضمن سلسلة محاضرات حول أخلاقيات العمل الإعلامي الرقمي، وكان يتناول التجاوزات التي تمس إنسانية الطفل والمرأة والرجل، بالإضافة إلى ظاهرة استغلال الأطفال في المحتوى الرقمي لأغراض مادية. وأضاف: "ما جاء في الفيديو هو جزء من آرائي الشخصية التي أؤمن بها، وأحترم كل من يختلف معي فيها. كما أن جزءاً منه كان طرحاً علمياً يهدف إلى وضع أسس صحيحة لإنشاء محتوى رقمي مهني وأخلاقي". وقال زعرور إن آراءه الشخصية بُنِيَت على معطيات وتحليلات رقمية، وهي قابلة للتغيير مع تغير هذه المعطيات، "لكن في الوقت ذاته، يجب التمييز بين الرأي الشخصي والرأي العلمي الرسمي، حيث أن آرائي الشخصية لا تعكس بالضرورة رؤيتي الأكاديمية كعميد لكلية الإعلام". وشدد زعرور على أن منصبه الأكاديمي يفرض عليه الفصل بين آرائه الشخصية والتوجهات العلمية للكلية، قائلًا: "كعميد لكلية الإعلام، سأعمل على ترسيخ مبدأ حرية الإعلام والتعبير، وعدم مصادرة أي رأي. هذا التوجه سيكون مبنياً على أسس أكاديمية تسهم في تخريج طلاب يمتلكون الكفاءة والقدرة على التأثير في المجتمع، الآراء الشخصية شيء، والرأي الأكاديمي شيء آخر، ولا يجب الدمج بينهما". وقال العميد أن العديد من القوانين غير مفعّل في سوريا، والتي تجرّم استغلال الأطفال في المحتوى الرقمي لأغراض تجارية، وكذلك نشر صورهم من دون ضوابط واضحة، وأن هذا الأمر يجب أن يكون محل نقاش جاد لحماية الأطفال وضمان بيئة إعلامية أكثر مهنية وأخلاقية.بطاقة تعريف
الدكتور خالد زعرور من مواليد دمشق العام 1990، حاصل على دكتوراه في الإعلام- تخصص إعلام إلكتروني من الجامعة اللبنانية العام 2018، كما حصل على دكتوراه في الدراسات الإسلامية تخصص علوم القرآن من كلية الدعوة الجامعية في بيروت العام 2024، ونال درجة الماجستير في الإعلام. وتخصص بتقييم وتطوير المؤسسات الإعلامية من الجامعة اللبنانية الحكومية العام 2014، وحصل على إجازة في الإعلام من جامعة دمشق العام 2011.ويعمل زعرور كمدرس متفرغ، ومسؤول لجنة التطوير في كلية الإعلام بجامعة الجنان في طرابلس – لبنان منذ العام 2015 وحتى الآن، كما يدرّس في كلية الإعلام بجامعة LIU، وفي كلية الإعلام بجامعة حلب الحرة منذ العام 2022، بالإضافة إلى عمله في جامعة إدلب منذ العام 2024. وأشرف زعرور حتى الآن على 103 رسائل ماجستير وأطروحة دكتوراه في جامعة الجنان وجامعة إدلب وجامعة حلب الحرة.رؤية جديدة للكلية وخطط تطويرية
وقال زعرور إن تعيينه جاء بعد تقديمه خطة عمل ورؤية تطويرية تهدف إلى تعزيز دور الكلية أكاديمياً ومهنياً، وأضاف: "كانت هناك أسماء عديدة مرشحة لهذا المنصب، وقد تقدمت بخطة عمل ورؤية جديدة تواكب التطورات الحالية، وقدمتها للوزارة قبل نحو شهرين، وبعد الدراسة تم إبلاغي بقرار التعيين". وأكد زعرور أن خطته تشمل تعزيز الاهتمام بالإعلام والأمن الرقمي، إلى جانب التشبيك مع المؤسسات الإعلامية لتوفير فرص تدريبية لطلاب الكلية، بحيث يكتسبون خبرة ميدانية قبل التخرج.تطوير المناهج لمواكبة التغيرات الحديثة
وفي ما يتعلق بالمناهج الدراسية، أكد زعرور أنه سيتم العمل على تحديثها بشكل تدريجي لتكون أكثر حداثة وإبداعًا، بما يواكب التطورات المتسارعة في مجال الإعلام. وأشار إلى أن التطوير الأكاديمي لن يقتصر على المناهج، بل سيمتد ليشمل تحسين بيئة التعلم وتعزيز مهارات البحث العلمي لدى الطلاب، بما يسهم في تخريج كفاءات إعلامية قادرة على التفاعل مع متطلبات السوق الإعلامي الحديث. وأكد أن أبرز التحديات التي تواجه كلية الإعلام حالياً يتمثل في تحديث آليات التعليم وربطها بواقع سوق العمل، إلى جانب توفير بيئة تدريبية متكاملة للطلاب، وهو ما تسعى الكلية إلى تحقيقه خلال الفترة المقبلة عبر خطط تطويرية شاملة.