ليس مستغربا أن يعاود بنيامين نتنياهو العدوان على قطاع غزة في حركة غدر صهيونية معهودة، أسقطت اكثر من ٣٥٠ شهيدا جلّهم من النساء والأطفال أمام مرأى ومسمع دول العالم ومجلس الأمن والأمم المتحدة حيث إكتفى الجميع ببيانات الاستنكار والتعبير عن القلق من إقدام إسرائيل على خرق وقف إطلاق النار في غزة.
منذ أن وضعت الحرب أوزارها في غزة بفعل الاتفاق وصفقة التبادل ونتنياهو يفشل في رسم صورة نصر تحفظ له ماء وجهه أمام الإئتلاف الحكومي المتطرف الذي هدد بالإنقلاب عليه، وأمام زعيم المعارضة يائير لابيد الذي يضغط عليه ويدعو لإسقاطه، وأمام المجتمع الإسرائيلي واهالي الأسرى.
وبعد أن دمر نتنياهو نحو ٨٠ بالمئة من قطاع غزة وقتل أكثر من ستين ألفا من الأهالي، ظن أن إتفاق وقف إطلاق النار سيصب في مصلحته، فجاءت الهزيمة الأولى في المرحلة الأولى من تسليم الأسرى والتي ظهرت فيها حركة حماس بجهورية كاملة تنظيما وسلاحا وعتادا وآليات، وكانت الهزيمة الثانية بخروج أهالي غزة لإحتضان المقاومة الفلسطينية وإعلان دعمها ومؤازرتها وحضورهم عملية التسليم، أما الهزيمة الثالثة فتجسدت في سلوك الأسرى الاسرائيليين تجاه رجال المقاومة من عناق وقبلات وتحيات، وكذلك في الشعارات التي رفعتها حماس وضربت بعرض الحائط كل المخططات الصهيونية والأميركية حول اليوم التالي في غزة والتهجير الأميركي للفلسطينيين إلى مصر والأردن.
ولعل الهزيمة الأكبر كانت في وقف إطلاق النار، حيث فشل نتنياهو في القضاء على حماس وفي إستعادة الأسرى بالقوة، فإذا به يفاوض المقاومة ويرضخ لشروطها ومشهديتها في تسليم الأسرى والتي تحولت على مدار أسابيع كابوسا على الاسرائيليين ما حمل نتنياهو على المماطلة في إطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين ووضع العصي في الدواليب وفرض الحصار على أهالي غزة بهدف تجويعهم أمام مرأى ومسمع الدول العربية التي تنظر يوميا عبر وسائل الإعلام إلى آلاف الشاحنات تقف في مشهد مذل عند المعابر من دون أن يسمح لها الاسرائيلي بالدخول ومن دون أن يحرك العرب ساكنا.
ولا شك في أن نتنياهو المأزوم داخليا بالائتلاف اليميني المتطرف، وبالمعارضة التي تطلب رأسه وبالمحكمة التي فقد أعصابه وعقله أمامها الأسبوع الفائت وأهالي الأسرى الذين يحمّلونه مسؤولية ما سيحل بأولادهم، فضلا عن الخلاف الذي يثقل عليه حول إقالة رئيس الشاباك، وقد بات معروفا أنه كلما شعر نتنياهو بحصار داخلي قفز إلى الأمام، فكان عدوانه الجديد على غزة تحت شعار مستهلك هو “القضاء على حماس وإستعادة الأسرى الاسرائيليين بالقوة”، وبذلك يكون نتنياهو يجرّب المجرّب في غزة وسيحصد العقل المخرّب، خصوصا أن ما لم يستطع أن يفعله في غزة طيلة ١٦ شهرا لن يستطيع أن يحققه في عدوانه الجديد، خصوصا أن المقاومة أظهرت خلال مراحل تسليم الأسرى جهوزية عسكرية كاملة وهي مستعدة للمواجهة من جديد، لكنها تترك اليوم أمر العدوان الدول الراعية لاتفاق وقف إطلاق النار قبل أن تعيد الكرّة على جيش العدو!.
The post نتنياهو يُجرّب المجرّب في غزة!.. غسان ريفي appeared first on .