يبدو أن قطار المحاسبة قد انطلق داخل القضاء اللبنانيّ، والملاحقة ستشمل الجميع، ولا حصانة لأحد وإن كان قاضيًا. ففي سابقة قضائيّة، وُضعت الأصفاد الحديدية في يدي القاضي المتقاعد عماد الزين، في قصر عدل بيروت، بعد اتهامه بقبول الرشاوى خلال ممارسة عمله القضائيّ منذ سنوات.
ملاحقة القضاةتعود هذه القضية إلى العام 2021، حين إدعى النائب العام التمييزي السابق، القاضي غسان عويدات على مجموعة قضاة ومن بينهم الزين بجرائم قبول الرشاوى والمنافع الشخصية واستغلال السلطة لإعاقة تطبيق القوانين والتدخل في عمل قضاة آخرين. وثبت تورطهم وأدين القاضي منذر ذبيان، رئيس الهيئة الاتهامية في جبل لبنان آنذاك، وصدر القرار بصرفه من الخدمة، لكنه قدم استقالته وقبلت قبل صدور هذا القرار فاستفاد من التعويض، وتقاضى راتبه بشكل شهريّ وكذلك الأمر للزين، الذي قدّم استقالته قبل صدور القرار وقبلت أيضًا.مذكرة توقيف وجاهيةوتبوأ الزين آنذاك منصب قاضي تحقيق أول في البقاع، وكان محققًا عدليًا في انفجارات وقعت في الضاحية الجنوبية. وأحيل للتفتيش القضائي وأصدر القرار بصرفه من الخدمة. وقد عيّن رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي سهيل عبود، قاضي تحقيق لمتابعة هذه القضية وهو بيار فرنسيس، الذي عقد جلسة اليوم الإثنين، 17 آذار، في قصر عدل بيروت وأصدر مذكرة توقيف وجاهية بحق الزين، ووضع داخل المباحث الجنائية المركزية، ونُقل إلى المقر العام لقوى الأمن الداخلي وأعطي غرفة خاصة شبيهة بتلك التي وضع فيها حاكم مصرف لبنان السابق، رياض سلامة، وتم تجهيزها بكل ما يحتاجه لتكون السجن الإنفرادي الجديد له.
يُذكر أن ملاحقة القضاة مقيدة ببعض الشروط، إذ يفترض أن يعيّن قاضي تحقيق خاص لاستجواب القاضي المُلاحق، وتعيين هيئة اتهامية وأن يوقع عبود على مذكرة التوقيف الصادرة بحق أي قاض.تطبيق خطاب القسم؟ وأثار قرار توقيف الزين جدلًا واسعًا داخل القضاء اللبنانيّ، وتعددت الآراء القضائية حول هذه الخطوة وتداعياتها على كل القضاة خلال المرحلة المقبلة. ووصف قضاة قرار التوقيف ونقل الموقوف إلى السجن بالخطوة الجريئة، وهي سابقة لم تحصل أبدًا في تاريخ القضاء اللبنانيّ. ورأى فيها آخرون تطبيقًا لخطاب قسم رئيس الجمهورية جوزاف عون الذي شدّد على عبارة "لا حصانة لأحد"، وبالتالي فإن الملاحقة ستشمل الجميع من دون استثناء، مما يعني أن القضاء اللبناني دخل في مرحلة جديدة.