عادت السبّاحة السورية يسرى مارديني إلى سوريا للمرة الأولى منذ مغادرتها العام 2015، فزارت منطقة داريا في ريف دمشق لتقف أمام أنقاض منزلها الذي دمر خلال الحرب.
وكتبت مارديني في "إنستغرام": "أنا في المنزل. لكن منزلي لم يعد قائماً. أريد أن أشارك مشاعري معكم، لأن الأمر لا يتعلق بي وحدي، بل هو واقع يعيشه كثير من السوريين اليوم. خسارة، ألم، وصدمة. هذا هو المنزل الذي نشأت فيه، حيث رسمت أحلامي بأن أصبح أفضل امرأة يمكن أن أكونها، وحيث كنت أغسل سيارة والدي معه في الحي. نعم، منزلي أصبح ركاماً، لكن تلك الذكريات ستظل تمنحني القوة للمضي قدماً. الحمد لله".ولاقى المنشور تفاعلاً واسعاً، فعبّر متابعوها عن دعمهم لها، مؤكدين أن قصتها تعكس معاناة الكثير من السوريين الذين فقدوا منازلهم بسبب الحرب، لكنها في الوقت نفسه تحمل رسالة صمود وأمل، وعبّر معلقون عن تضامنهم مع قصتها، التي تجسد معاناة آلاف السوريين الذين فقدوا منازلهم بسبب الحرب. كما استعاد كثيرون قصة رحلتها الشاقة نحو اللجوء، مشيدين بشجاعتها الاستثنائية. ومارديني هي سبّاحة سورية ولاجئة أولمبية وسفيرة نوايا حسنة لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، اشتهرت بقصتها الإنسانية الملهمة خلال رحلة لجوئها من سوريا إلى أوروبا إلى جانب شقيقتها السباحة سارة مارديني، إذ أنقذتا قارباً يقل لاجئين في البحر المتوسط بفضل مهاراتهما في السباحة، وأصبحت رمزاً للصمود والإرادة.ولدت مارديني في 5 آذار/مارس 1998 في دمشق، ونشأت في عائلة رياضية، وبدأت السباحة في سن مبكرة، دربها والدها إيزيت مارديني، وهو سبّاح ومدرب معروف، ومثلت سوريا في مسابقات دولية، منها بطولة العالم للسباحة القصيرة 2012 في إسطنبول.ومع اشتداد الحرب في سوريا، اضطرت يسرى إلى مغادرة البلاد العام 2015 مع شقيقتها الكبرى سارة، فعبَرتا إلى تركيا، ومن هناك حاولتا الوصول إلى اليونان عبر البحر على متن قارب مطاطي مزدحم مع نحو 18 لاجئاً آخرين، وبعد فترة قصيرة من الإبحار، تعطل القارب في عرض البحر، فكادت الرحلة أن تتحول إلى كارثة.وبفضل مهارة الشقيقتين في السباحة، قفزت يسرى وسارة في الماء وسحبتا القارب لساعات طويلة حتى وصل إلى جزيرة ليسبوس اليونانية، منقذتَين بذلك حياة من كانوا على متنه. هذه الحادثة جعلتهما محط أنظار وسائل الإعلام العالمية، وسلطت الضوء على معاناة اللاجئين السوريين في البحر المتوسط، وتم نقل تلك القصة إلى فيلم عرضته منصة "نتفليكس" قبل أعوام.بعد وصولها إلى ألمانيا، استقرت مارديني في برلين، حيث واصلت التدريب في نادي "Wasserfreunde Spandau 04" تحت إشراف المدرب سفين سبانيك، وتم اختيارها للمشاركة في الفريق الأولمبي للاجئين التابع للجنة الأولمبية الدولية، حيث شاركت مارديني في أولمبياد ريو دي جانيرو العام 2016، وفي أولمبياد طوكيو 2020 ضمن فريق اللاجئين الأولمبي.إلى جانب الرياضة، أصبحت يسرى مارديني سفيرة للنوايا الحسنة لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين العام 2017، حيث تعمل على نشر الوعي بقضايا اللاجئين والتحدث عن تجربتها الشخصية. كما شاركت في عدة محافل دولية لنقل صوت اللاجئين إلى العالم، بما في ذلك الأمم المتحدة والمنتديات الدولية، وظهر اسمها في مجلة "بيبول" الأميركية ضمن قائمتها لـ "25 امرأة غيرن العالم"، تقديراً لشجاعتها وقصتها الملهمة كلاجئة أنقذت أرواح العديد من الأشخاص خلال رحلتها إلى أوروبا، وأيضاً أدرجتها هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" ضمن لائحتها لـ"أكثر النساء إلهاماً في العالم" العام 2016.