لم تخرج الحكومة الحالية عن سابقاتها. الهروب من فخ التعيينات والمحاسيب السياسية بالركون إلى ألية معدة لهذه الغاية. غير أن تجربة الآلية سبق وجربتها الحكومات السابقة من حكومة سعد الحريري إلى حكومة حسان دياب وصولاً الى حكومة الرئيس نواف سلام الراهنة.
في جلستها التي تعقد اليوم في السراي الحكومي برئاسة سلام، ستناقش الحكومة الآلية التي ستتبعها التعيينات الإدارية للفئة الأولى في الإدارة اللبنانية.
وعلمت "المدن" أن وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية الدكتور فادي مكي، سيطرح مسودة الآلية المقترحة ليصار إلى نقاشها. وقالت مصادر وزارية لـ"المدن" إن هذه الآلية ستنطلق من نص الآلية السابقة التي كان أعدها الوزير محمد فنيش عام 2010 مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات التي من شأنها أن تجنب الطعن بها أمام المجلس الدستوري، كي لا يكون مصيرها مماثلاً لمصير آلية فنيش التي كانت تعرضت للطعن أمام المجلس الدستوري في ضوء طلب كان تقدم به رئيس الجمهورية ميشال عون آنذاك في العام 2020. وقد أخذ المجلس بالطعن وأبطل الاستناد إليها في التعيينات.الآلية والدستوروإذا كانت الحكومة تسعى إلى اعتماد الآلية كسبيل لتعيينات تقوم على مبدأ الكفاءة بعيدا عن المحسوبيات السياسية، فإن الركون إلى نصها يخالف الدستور الذي أناط بمجلس الوزراء صلاحية التعيين بأكثرية الثلثين في الفئات الأولى، وهذا نص واضح لا لبس فيه. لكن هدف الحكومة من اعتماد الآلية هو أن تظهر بمظهر الشفافية أمام الإعلام والرأي العام من باب إثبات النية وعدم السير على النهج الذي كان معتمداً سابقاً. ولو أن ثمة من يعتبر أن الاستنسابية بدأت عندما استثنت الآلية التعيينات في المؤسسات العسكرية والأمنية، والتي تم تمريرها بالشكل الذي تمت فيه.
انطلقت الآلية التي سيعيد مجلس الوزراء مناقشتها في جلسته اليوم، مع وزير حزب الله عام 2010 والتي تبنتها القوات اللبنانية لاحقاً من خلال وزرائها، ولكنها زادت الأمور تعقيداً إذ لم تؤد إلى إجراء التعيينات المطلوبة في حينه. لكن السؤال المطروح هو هل ستلتزم الآلية المنوي إقرارها المادة 95 من الدستور لجهة المداورة في الفئات الأولى والتي لم يجرؤ أحد على المطالبة بأن تشمل المؤسسات العسكرية والأمنية.تفاصيل الآليةتقوم آلية فنيش على إجراء مقابلة من الوزير المختص ومعه وزير شؤون التنمية الإدارية ورئيس مجلس الخدمة المدنية مع المرشح للموقع. حيث يتم تحديد أول ثلاثة أسماء فائزة ورفعها إلى مجلس الوزراء للاختيار من بينها. وتؤكد المصادر الوزارية أن الحكومة ستعمل على تطوير آلية فنيش والأخذ بها مع تلافي الوقوع بما كان قد أبطله المجلس الدستوري سابقاً.
وكان المجلس الدستوري استند في طعنه بالآلية إلى اعتبارها مقيدة لصلاحية الوزير المختص دستورياً باقتراح التعيينات، ولاسيما بموجب المادة 54 من الدستور والتي أتاحت مشاركة الوزير المختص بالتوقيع على قرارات رئيس الجمهورية كإجراء جوهري وليس أمراً شكلياً كما كان معمولاً به قبل الطائف. وأن تزويد الوزير أو إعطاءه المعلومات أو إبداء المشورة له ولمجلس الوزراء يجب آلا تتناقض مع أحكام الدستور، وأن إشراك رئيس مجلس الخدمة أو وزير التنمية الإدارية مع الوزير المختص هو تعديل واضح للمادة 54 من الدستور، وبالتالي إذا ما قررت آلية التعيين بأن تقبل بأشخاص محددين، فهي تكون قد خرجت على مقدمة الدستور التي تقول بأن اللبنانيين متساوون في تبؤ الوظائف. واللائحة التي ستسميها الآلية لن تكون منزلة. ويحق لمجلس الوزراء وعملاً بالدستور ألا يلتزم بها.
وبما أن اللجنة في هذه الحالة لا تمتلك الصفة التقريرية، فهي لا تعدو كونها هيئة أنشئت من دون نص قانوني يجيز ذلك، والمحصور به هذا الأمر هو مجلس النواب الذي يجب أن يلتزم بالدستور، على قاعدة أن ما فوضه الدستور لمجلس الوزراء لا يمكن أن يعطى لهيئة أو لجنة رقابية أو سواها.
ملاحظات سيأخذ بها الوزير المعني بإعداد مسودة الآلية، وعُلم أن من بين الصيغ المطروحة رفع العدد إلى سبعة طلبات بدل ثلاثة، وفق ما كان ورد في الصيغة القديمة، فضلاً عن تعديلات أخرى ستكون موضع نقاش حكومي. ورشة طويلة يفترض الإسراع بانجازها لتكون باكورة التعيينات في الفئة الأولى، بعد فتح باب تقديم الطلبات للمؤهلين.