2025- 03 - 17   |   بحث في الموقع  
logo جنبلاط يجمع الأضداد ويرسم خارطة طريق وطنية ودرزية.. حذار من التقسيم!.. غسان ريفي logo الجامع الكبير العالي في الميناء.. آية في الفن المعماري المملوكي ـ العثماني logo دور الاهل في توعية اولادهم من براثن المخدّرات!.. حنان الأميوني logo بلدية بيروت.. تصفية حسابات بين المستقبل والقوّات!.. عبدالكافي الصمد logo الجيش الإسرائيلي يزعم: هاجمنا مقراً لقوة الرضوان في جنوب لبنان logo أبو مازن يزور بيروت: جاء دور نزع السلاح الفلسطيني؟ logo خاص "المدن": الحكومة ستناقش آلية تعيينات الفئة الأولى ومحاذيرها logo في ذكرى 18 آذار: أين كنت من 14 عاماً؟
في ذكرى 18 آذار: أين كنت من 14 عاماً؟
2025-03-17 00:25:47


انتصرت الثورة، التي نختلف منذ 14 عاماً على موعد انطلاقتها، بين 18 آذار حيث تضرّجت أرض درعا بدماء شهداء الحرية، وانطلقت منها إلى كل المدن السورية مظاهرات ثورة الحرية، حيث نادى الثائرون "يا درعا نحنا معاكي للموت.. يا درعا"، أو 15 آذار حيث ارتفعت الهتافات في دمشق للمطالبة بتحرير المعتقلين. وفي أي من اليومين كانت البداية، فقد انتصرت الثورة، لكن السوريين لم ينتصروا بعد، حتى هذه اللحظة. فلا نزال نخوض معاركنا "الكبيرة" على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا يبدو أننا نستطيع السمو فوق خصوماتنا البدائية. حيث يستطيع كل سوري بعد 8 كانون أول /ديسمبر 2024 (يوم النصر العظيم) أن يغير اصطفافاته، فيتحول من مؤيد لنظام الإجرام الأسدي إلى صانع للثورة المنتصرة، أن يتحدث كأنه كان من المعارضين الصامتين الأشداء من أجل الثورة، أن يصنع لنفسه تاريخاً من البطولات، ومعها ما يتطلب ذلك من تغيير حقائق اصطفافات الآخرين وتشويههم.كأن يسأل "مُحدث نعمة ثورة" فنانين وكتاباً معارضين أو منشقين عن النظام ومعتقلين: أين كنتم من 14 عاماً؟ مندداً بسؤاله ذلك، السلوك الإنساني الذي يعبر عنه بعض المعارضين تجاه ما يتعرض له أبرياء، يُقتلون على هويتهم، أو يؤخذون بذنب مجرمين احتموا بمناطقهم، فيذهب الصالح مع الطالح. وكأن على جمهور المعارضة أن يملك عيناً واحدة، لا يرى فيها غير جرائم النظام الأسدي، أما ما عداها من ارتكابات بحق الآخرين صارت "برداً وسلاماً".هذا السؤال "أين كنت من أربعة عشر عاماً" ليس جهلاً من السائل بمن يسأله، بل لتوثيق أن الاصطفاف اليوم يكون على الهوية كما القتل، في محاولة لتشويه صورة النصر ومحدودية الفاعلين به. هو تعبير عن قصور في فهم أسباب اندحار نظام بشار الأسد وهروبه، وليس كما يوحي السائل عن انغماسه في مصارعة النظام، بينما من وجه له السؤال هو الغائب عن النضال أو المتخاذل.
لقد تحول هذا السؤال إلى "ترند". وهذا ليس محض صدفة أن يستخدمه شبيحة جدد متبرعون، وعلى ما أعرف وأثق أن السلطة لم توظفهم. وهم على ما يبدو، يضعون خبراتهم المجربة في صناعة وعبادة الاستبداد. هم لا يقدمونها خدمة بريئة للسلطة الجديدة، بل يحاولون قولبة هذه السلطة على مقاس فساد يناسب مهنة نفاقهم لها.فحقيقة أن يصبح توجيه هذا السؤال أمراً عادياً، لكاتب بحجم عطاء عمر قدور، الذي سبق تاريخ كتاباته للمقالات المعارضة للنظام السوري، تاريخ ولادة بعض السائلين، يعني أننا أمام مجتمع يتآكل بجهل تاريخه، ويختصر الثورة بلحظة انتصارها واصطفافه معها، وينكر تضحيات كل السوريين، الشهداء منهم والأحياء، والثائرين بسلاح الكلمة والفن كما هو حال السلاح.
وأن يوجه أيضاً، ذلك السؤال البغيض للفنان سميح شقير، صاحب أغنية "يا حيف" التي هزت أركان النظام السوري ورددها ملايين السوريين، ولا يزالون، وهي بكلماتها "زخ الرصاص على الناس العزل يا حيف، وأطفال بعمر الورد تعتقلن كيف، وأنت ابن بلادي تقتل بولادي.. وهذا اللي صاير بدرعا يا حيف". وهي تلخص حكاية الثورة السورية ضد نظام الأسد (الأب والأبن) من ألفها إلى يائها، فتلك طعنة لكل من آمن بكلمات ومعاني هذه الأغنية ومصداقيتها. فلا غرابة عندئذ أن يوجه السؤال للمعتقل رغيد الططري الذي زج به في سجون الأسد لأربعة وأربعين عاماً من غرّ يستقوي برصاصة قاتلة!من ذلك المكمن ذاته، من ذلك السؤال المحرض على الكراهية، وعلى نفي الحقيقة بالكذب، تأتي عملية تشويه الشخصيات الوطنية، والتعامي عن أدوارها الفعالة، وإلصاق التهم الكاذبة بها، فمن يعرف الفنان جمال سليمان وقدرته على ضبط النفس في مواجهة عواصف التخوين والافتراء، هو نفسه من يعرف حجم العمل السياسي الذي مارسه لإنهاء نظام الأسد. فلا يمكن أن تعبر إلى نفس أي منا لحظة شك بمواقفه، قد تختلف معه في تفاصيل السياسة والقيادة والتحول، لكنك لن تستطيع أن تكون بعيداً عن دائرة وطنيته، أو أن تبعده عن تقاطعاته معك في فرحة النصر والتحرير من منظومة الاستبداد والقتل الأسدية. ووقوفه اليوم ضد الانتهاكات التي تحدث في الساحل واجب تفرضه عليه سوريته، وليس طائفته، كما تفرضها علينا جميعاً. فتبرير الجريمة جريمة، وإنكارها لا يعني انتفاءها.ولعل تشكّل لجنة وطنية للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل، هو تعبير قانوني من حكومة الرئيس أحمد الشرع عن تطلعها لإقامة العدالة، وقطع دابر الفتنة الطائفية، ما يعني أنه رد على كل محاولات "الغوغائيين والمنافقين" التعتيم على تلك الانتهاكات، التي طالت سوريين بتهمة الهوية الدينية وأحياناً التبعية الجغرافية. وربما من المفيد أن تطول تلك التحقيقات لاحقاً المحرضين على إشعال الصراع "افتراضياً" أيضاً، حيث ضحاياهم كانوا من كل الأطراف. ولعل واحدة من أهم أهداف التي يريدها كل المنددين بالمجازر والانتهاكات، إنصاف شهداء رجال الأمن العام، وتحييد كل مرتكب ومخالف لقيم العيش المشترك.وأنا مع كل الزملاء الذين وُجّه لنا السؤال ذاته، كنا منذ 14 عاماً نكتب ونعمل من أجل الحرية والعدالة ودولة المواطنين الأحرار التي تتسع لكل السوريين. فهذا السؤال "المريب" يتكررعلى صفحتي في فايسبوك، عند كل مرة أدين بها الموت المحدق بأهلنا في دمشق أو في الساحل، أو في حوران، وفي كل مكان، ومن كل الجهات، من رجال الأمن أو من المدنيين، وهو لا يختلف عن محاولات النيل من أي قامة تعقلن خطابها وتوجه نصحها، فهل يعود زمن التخوين؟ وكأننا نعيد مشاهدة الفيلم من جديد؟


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top