2025- 03 - 16   |   بحث في الموقع  
logo العثور على ثلاث جثث قرب الحدود السورية logo حاولوا التسلل إلى لبنان… قتلى وجرحى في صفوف “هيئة تحرير الشام” logo حادث أمنيّ.. ما الذي يجري في مستوطنة قريبة من لبنان؟ logo إسرائيل تؤجل دخول العمال الدروز إلى الجولان.. لخلافات أمنية logo بعد الضربات على اليمن... تعليقٌ من البيت الأبيض logo "كأنّ ما يحصل في بلدٍ آخر"... السيد: على المسؤولين إيجاد حلول سريعة logo كلام من خارج التوقعات لـ حرفوش عن الاجتماع في منزل ميقاتي logo “درون” إسرائيليّة ألقت قنبلة على أحد المواطنين في رامية
وزير الطاقة يفتح ملف السدود: المحاسبة خلاصة إعادة التقييم؟
2025-03-16 14:25:54


شكّلت مشاريع السدود ملفّاً شائكاً لما سبّبته من كوارث، بدون أن تفلح في أداء الغرض الذي أُنشِئت لأجله، وهو تأمين المياه للمواطنين. وعوض الإقلاع عن اعتمادها كخيار لتأمين المياه، أصرَّ وزراء الطاقة المتعاقبين على اعتمادها خلافاً للخلاصات العلمية التي وصلت إليها تقارير بعثات دولية زارت لبنان ودرست مياهه وصخوره. ومع أنّ بعض السدود أُنشئت قبل العام 2010، إلاّ أنّ الاستراتيجية الوطنية لقطاع المياه، التي وضعتها وزارة الطاقة في ذلك العام، كانت مقدّمة لتوسيع دائرة اعتماد السدود كخيار شبه وحيد لتأمين المياه، بغضّ النظر عن نتائجها.
لكن انعطافة مفاجئة حصلت في الوزارة في ظل الحكومة الجديدة، إذ قرَّرَ الوزير جو الصدّي "مراجعة استراتيجية السدود وأثرها". فأيّ خلاصة قد ينتهي إليها التقييم، وهل يمكن إصلاح ما تهدّم؟ الواقع يسهِّل التقييمانطلاقاً من تلك الاستراتيجية، خطَّطَت وزارة الطاقة والمياه إلى إنجاز البند المتعلّق بـ"تخزين المياه السطحية في سدود وبحيرات"، في العام 2035، وفق ما تضمّنته "خريطة الطريق الاستراتيجية" الآتية ضمن استراتيجية قطاع المياه.
إلاّ أنّ ما تحقَّقَ من السدود حتى العام 2024، لم يكن مبشّراً بأي أمر إيجابي. فالتجربة بيَّنَت أن السدود لم تجمع المياه بالقدر الكافي لإفادة المواطنين منها، فضلاً عن الآثار البيئية التي ترتّبت على أعمال إنشاء تلك السدود.على سبيل المثال لا الحصر، فإن مشروع سدّ المسيلحة كان يفترض إنهاء العمل به في العام 2019، إذ أكّدت وزيرة الطاقة والمياه السابقة ندى البستاني، أنّ "مشروع سد المسيلحة سينتهي هذه السنة (2019) وستبدأ تعبئته في الشتاء المقبل". ولفتت النظر إلى أنّ "حجم البحيرة أكثر من 6 مليون متر مكعب ما سيسمح بتغذية ساحل البترون من تحوم وحتى شكا، ويمكن أن يصل إلى أنفة في ​الكورة​ ويؤمّن حاجة المنطقة، أقلّه حتى العام 2045، بقدرة 30 ألف متر مكعب من المياه يومياً".لكن في بداية العام 2020، أعلنت البستاني أنّ السدّ لا يزال في مرحلته التجريبية. مؤكّدة خلال زيارة تفقّدية للموقع، أنّ "السد في فترة تجريبية، وهناك فترة بين السنة والسنتين للانتهاء من الأشغال الإضافية المتبقية". وحتى الآن، لا يزال السد على حاله، يجمع بعض المياه ويسرّبها.أمّا سدّ بسري الذي خطفَ الأضواء بعد موجة الاعتراضات ضد إنشائه، مروراً بقرار البنك الدولي وقف تمويل المشروع، في العام 2020، وصولاً إلى محاولة وزير الطاقة السابق وليد فيّاض إحياء المشروع بصورة غير مباشرة، بداية العام الجاري، فإنّ وزارة الطاقة كانت قد بدأت برسم خطوطه الأولى في "موقع بسري الجيولوجي في قلب وادٍ انخسف لعدة مرات تاريخياً بين مرتفعات جزين ومرتفعات باتر الشوف. فضلاً عن وجود نشاط زلزالي واضح في وادي بسري، بدليل وجود كسرَيّ باتر وروم المرتبطين مباشرة بكسر اليمونة المتحرك"، وفق ما قاله لـ"المدن" الخبير الهيدروجيولوجي سمير زعاطيطي "انطلاقاً من نتائج أبحاث البعثة الجيولوجية الفرنسية التي درست الأرض اللبنانية بين العامين 1928 و1955، بحثاً عن المعادن والذهب والبترول والفحم الحجري... ووجدت أن لبنان بلد المياه في الشرق الأوسط". وبسبب طبيعة الأرض، فإنّ "الاهتزازات القوية يمكن أن تؤدي إلى تفسّخ الإسمنت في قاعدة وجدار السد في حال إنشائه". هذا الواقع، وبعيداً عن الغوص في تفاصيل مشاريع السدود، دفعَ الصدّي لخوض غمار إعادة تقييم تلك المشاريع. وضع خريطة طريقورشة إعادة التقييم ليست سهلة، بل تحتاج للكثير من البحث والدراسة، ولذلك "يحضِّر وزير الطاقة في الوقت الراهن، الملفّات المتعلّقة بالسدود، ويفضِّل عدم التطرّق للموضوع إعلامياً لحين توفُّر كل المعطيات العلمية في هذا الشأن، ليُبنى على الشيء مقتضاه"، وفق ما أكّدته مصادر في الوزارة، لفتت في حديث لـ"المدن"، إلى أنّ الوزير "يُجري اجتماعات مع المعنيين بملفّ السدود في الوزارة، ليرى تفاصيل المشاريع وأين وصل كل مشروع. ذلك أنّ الخطوة الأولى للتقييم تنطلق من الوزارة". وعليه، فإنّ الوزير الصدّي "يضع حالياً خريطة طريق لملفّ السدود، ويفترض أن تنتهي خلال شهر، فتكون الأمور قد باتت أوضح".وما يصعِّب المسألة، هو أنّ "عمر الحكومة الحالية قصير"، وفي هذه الحالة، سيستعرض الوزير تفاصيل المشاريع "وما هو جيّد منها، سيستمر العمل به، وما يحتاج لتعديل سيتمّ تعديله وما يستدعي وقفه، سيتوقّف".من موقعه كخبير في هذا المجال، أبدى زعاطيطي تفهّمه لسعي الوزير للإحاطة بجوانب الملف ليسهل عليه دراسته واتخاذ القرار المناسب. ولذلك، من المفترض بالوزير، بحسب زعاطيطي، أن يولي اهتماماً، خلال إعداده خريطة الطريق، بـ"النتائج الواضحة للسدود، وبتقارير الجهات الدولية العلمية". ويُعَدّ سدّ جنّة من النتائج الواضحة، إذ إنّ "في القاعدة الأرضية لسدّ جنّة 3 كسور، ولذلك، لا تُجمع المياه في القاعدة بل تتوزّع على جانبه بسبب وجود كهوف فيها مزاريب للمياه تصبّ في جوانب السدّ الذي يتّخذ حالياً شكل V، وبسبب تجمّع المياه في جوانبه، سَعَت الوزارة إلى توسعة الجوانب ليصبح السد على شكل U. وبعيداً من ذلك، أثار السدّ استغراب رئيس رابطة الهيدروجيولوجيين الفرنسيين، ميشال بكالوفيتش، الذي زار لبنان مراراً وواكب العمل في السدّ، ووصفَ المشروع بأنّه سدٌّ فوق مصفاة، أي يستحيل أن يجمع المياه".أمّا عن الجهات الدولية، فتمنّى زعاطيطي على وزير الطاقة تضمين خريطة الطريق، خلاصات "تقرير رئيس البعثة الجيولوجية الفرنسية العاملة في لبنان من 1928 إلى 1955، لويس دوبرتريه، وهو أوّل تقرير جيولوجي تناول تخزين جزء من مياه نهر إبراهيم تحت عنوان "استكشاف موقع سهل جنّة على مجرى نهر ابراهيم بين بلدتي قرطبا ويحشوش". وأكّد التقرير صعوبة البناء على مجرى نهري ضيق وسريع الجريان. كما أكّد على النفاذية العالية، أي القدرة على تسريب المياه السطحية عبر الكسور والشقوق والفراغات إلى عمق صخور كربوناتية لا سيما على جوانب السهل".المرجع الثاني برأي زعاطيطي هو "تقارير ومنشورات المؤسسة الفيدرالية لعلوم الجيولوجيا والمصادر الطبيعية BGR، هانوفر – ألمانيا. فهذه المؤسسة كلّفت من قِبَل مجلس الإنماء والإعمار ومصلحة مياه بيروت ووزارة الطاقة والمياه، بإجراء دراسات لحماية نبع جعيتا. ورأت أنّه من غير المفهوم لماذا لم يأخذ مشروع سد جنة بعين الاعتبار حالة الصخور الكربوناتية المشقّقة والمتكسّرة بدرجة كبيرة، وأنّ هناك العديد من الكهوف والشقوق والمغاور في موقع السد؟".
كما يمكن للوزير الاطّلاع على التقارير المصوّرة حول مياه نبع جعيتا والواقع الجيولوجي المحيط، والذي يفترض به أن يشكِّل البيئة الحاضنة للمياه النظيفة التي يفترض أن تنزل إلى جعيتا وتخرج وصولاً إلى بيروت.في الوقت عينه، استبقت المؤسسة إنشاء سدّ بسري، لتقطع الطريق على أي مشروع مماثل، إذ خلصت استناداً إلى دراسة نبع جعيتا والمنطقة المحيطة، إلى أنّه "يكون الاستثمار أكثر استدامة لو توجّه إلى حماية مصادر المياه الثمينة، من أن يكون الاستثمار في تنقية أو جرّ المياه إلى بيروت من مصادر أخرى بعيدة". وحجّة إنشاء سدّ بسري هي تأمين المياه لبيروت الكبرى وجبل لبنان.
المرجع الثالث، هو "تقرير الأمم المتحدة للتنمية UNDP، الصادر في العام 1970 في نيويورك، والذي يقول بأنّ المياه السطحية (كل الأنهار والينابيع) تبلغ سنوياً حوالي 1.3 مليار متر مكعب، وتمثّل فقط ربع ثروة لبنان، فيما التخزين الجوفي يبلغ 3 مليار متر مكعب ويمثل الثلاثة أرباع الباقية. أيّ أنّ التركيز على مشاريع تستثمر المياه السطحية، هو عمل يعاكس النتائج العلمية". المحاسبة هي الحلّبوجود التقارير العلمية القديمة والجديدة، ونتائج السدود المنفَّذة حتى اليوم "ليس هناك من حاجة لإعادة التقييم" بنظر زعاطيطي الذي يفضِّل أن تبدأ وزارة الطاقة بـ"محاسبة المسؤولين عن هذه المشاريع، لأنّهم اهمَلوا التوصيات". أمّا إعادة التقييم التي يفترض بها أن تحصل، فهي لـ"الأثر البيئي الذي خلّفته مشاريع السدود التي ملأت الأودية بالإسمنت".هذا التقييم بدوره قد لا يكون سهلاً. إذ عَبَّرَت دكتورة الكيمياء التحليلية ومديرة مركز حفظ البيئة في الجامعة الأمريكية، النائبة في البرلمان اللبناني نجاة صليبا في حديث لـ"المدن" عن عدم اعتقادها بأنّه "يمكن إصلاح سدّ المسيلحة وسدّ جنّة وغيره. أمّا سدّ بسري، فيجب رفع اليد عنه كلياً".وأكّدت صليبا أنّ "الدراسات الأصحّ التي يجب إعدادها، هي حول معرفة أثر السدود على البيئة والتنوّع البيولوجي والمياه الجوفية وأراضي الناس والطريق العام المحاذي لبعض السدود، كسدّ المسيلحة. فهذه السدود قتلت الطبيعة والناس وبقيت غير صالحة لتعبئة المياه، وكانت عبارة عن خراب".السدود كثيرة في لبنان، وبعضها يعود إلى حقبات زمنية بعيدة. وكلّما ابتعدت السنوات، كانت المشاريع أفضل على مستوى تأمين المياه للمواطنين، وأكثر تماهياً مع البيئة المحيطة. في حين كلّما اقتربنا من المشاريع المنفّذة حديثاً، كان الابتعاد عن المعطيات العلمية أكبر، لا سيّما بالنسبة لسدود المسيلحة، جنّة، بريصا، شبروح، بلعا، ومشروع سد بسري. وفي حال نجحَ وزير الطاقة بتنفيذ خطّته الهادفة لتقييم أثر السدود، فيكون بذلك قد بدأ خطوة أولى على طريق الإصلاح في قطاع المياه.
يُنشر هذا التقرير في إطار زمالة صحافية تنظمها مؤسسة "مهارات" حول "التغطية الإعلامية لمسار الإصلاحات".


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top