فارس البحرة...
ربما أتفهم أن يغضب الأشخاص ذوو الخلفية العلمانية والميول اليسارية تاريخياً من النزوع الإسلامي بل حتى السني للنظام الجديد.
فكأن نخبوية العلمانيين واليساريين أورثت غالبيتهم بعداً عن الواقع، وجعلت من رؤيتهم الموسومة بالعلمية والواقعية عادة أقرب إلى رومانسية، تكتفي بلعن الواقع ومن يذكّر به، عوض قراءته والتفاعل معه لتجاوزه على مستوى الفعل لا الحلم والتفريغ والتقريع اللفظيين.
من غير المستغرب أن يدفع الدور الذي يحتله الدين في المنطقة ككل بأي توجه يطمح لأن ينهل من طاقة الجموع إلى الاستناد إلى المرجعية الدينية دون غيرها…
فالمشروع العنصري للكيان الغاصب يزداد يهودية يوماً بعد يوم، ويمعن في رؤية ذاته وآخره عبر منظار قراءة توراتية متطرفة، ومرجعيات القوى الرئيسية المقاومة له إسلامية سواء اتفقنا معها أم اختلفنا، والنظام السياسي العراقي يعتمد بدوره على معادلات وتجاذبات طائفية، واللبناني كذلك الأمر، ويشكل التيار السياسي الإسلامي في تركيا التيار الأكثر نجاحاً، وفي سوريا نفسها تشكل درزية جبل العرب هويته السياسية الأبرز، وبات واضحاً أن الكلام عن سوريا من دون "علوية سياسية" لا يعدو أن يكون تعامياً لا أكثر.
ولا أروم بهذا الطرح مديحاً للإسلام السياسي ولا توافقاً معه، إن هي إلا دعوة للتوقف عن التعامل الفوقي معه والتفكير به كما لو كان ضرباً من سوء الحظ، أو المؤامرة، أو نزوعاً عابراً يمكن تصويبه بمزيد من نشر الوعي والثقافة.
مشروع الشرع السياسي الذي يلقى دعماً من كثير من دول المنطقة والعالم هو التأسيس لكيان سني بشكل أساسي يواجه الطموح التوسعي الإيراني-الشيعي وامتداداته المتمظهرة خصوصاً بالتحالف مع العلويين. ولن يسمح هذا المشروع بأي تعددية سياسية أو ديمقراطية أو تداول سلطة لا تستند إلى توافق مضمر على تأسيس ونهوض هذا الكيان.
نقد هذا المشروع واجب بالتأكيد، لكن لا أعتقد أن نقداً مقتصراً على الدهشة وتكرار المفاجأة والخيبة المتكررة والعويل واللعنات يفي طبيعة القوى الفاعلة في المنطقة حقها ويعبّر عن وعي لمتغيرات المرحلة. كما أنه لا يأخذ بالحسبان أن بلد السوريين منهك مثلهم، وغير جاهز للدخول في مواجهات جذرية مع نظام جديد، بل إن أكثرية السوريين باعتقادي وعلى اختلاف انتماءاتهم يفضلون قبول الأمر الواقع والدخول بتسويات مع سلطته، ويشعرون أن النظام الجديد بفاعليته وشعبيته يبقى على علاته أقرب لهم من نخب غاضبة تتعالى عليه وعليهم.
جمال سليمان
لا أدري. هل هو مجرد غباء بريء، أم رغبة شريرة في إثارة الفتنة، أم التلذذ بالوضاعة والخسة، ام فقط الرغبة في الظهور والإدعاء؟
أنا كنت مدعواً في واشنطن أوائل شهر شباط لحضور الإفطار الوطني الكبير الذي يجري هناك كل سنة، وتحضره شخصيات سياسية وثقافية واجتماعية دولية، وكذلك الرئيس الأميركي.
لم أكن وحدي بل كنت ضمن مجموعة صغيرة من السوريين المحترمين. وبالفعل التقينا بأعضاء من الكونغرس، وطبعاً كان حديثنا عن سوريا ما بعد النظام، ولكننا جميعا ومن دون أن نتفق، كنا نبدأ حديثنا بضرورة رفع العقوبات لأنها أنهكت الشعب السوري. ثم تأتي إحدى السيدات لتتفضل على الشعب السوري بمعلومات خطيرة، وهي أن جمال سليمان بصحبة العلويبن طالب الكونغرس بعدم رفع العقوبات. طبعاً انفلتت الجوقة المعروفة من بعد السيدة المحترمة ملكة المعلومات.
يا حيف على هيك نماذج. بجهل أو لؤم أو ادعاء تضلل الناس وتؤجج الأحقاد.
الله يعينك يا بلد ويعين شعبك.