2025- 03 - 16   |   بحث في الموقع  
logo سوريا من "الحوالات" إلى "التكنيز" logo حكومة دمشق لن تستلم آبار النفط قريباً..ورقة قسد الآخيرة logo ماذا تقرع طهران: باب المفاوضات أم طبول الحرب؟ logo إسرائيل تتوغل وتحفر خندقا.. والبلدية تناشد logo الإنتخابات البلدية: مؤشرات صراع وتحالفات للانتخابات النيابية logo إفطار “صمود وتحدي” على ركام بلدة الخيام (فيديو وصوَر) logo أعاصير مدمرة تضرب ولايات أميركية وتحصد 13 قتيلًا logo احتلالٌ خارج "النقاط الخمس"... الجيش الإسرائيلي يحفر خندقًا جنوبًا
ماذا تقرع طهران: باب المفاوضات أم طبول الحرب؟
2025-03-16 00:55:50


وصلت رسالة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى طهران، لتشكّل التطور الأبرز، لما تعنيه من خطوة متقدّمة على صعيد التواصل بين الدولتين، إذ يمكن أن تؤسس لمرحلة جديدة في المنطقة، ستُرسَم ملامحها وتتضح معالمها بحسب طبيعة الرد الإيراني.
في الشكل فإن الرسالة عبارة عن تواصل، ربما لم يكن منتظراً، لكنه ليس غريباً على رجل المفاجآت، الذي أعاد فرض سياسة "الضغط الأقصى" على طهران، مذ عاد إلى البيت الأبيض. كما كان لافتاً اختياره للإمارات لإيصال رسالته، ما يدلّ على توزيع أدوار على دول الخليج، بحيث تقوم السعودية بدور بمفاوضات تسوية الحرب الروسية- الأوكرانية، وقطر تلعب دوراً في غزة، واليوم تدخل الإمارات على خط التفاوض حول الملف النووي الإيراني.
أمّا في المضمون فإن الرسالة لن تخرج عن واحد من خيارين تحدّث ترامب عنهما كثيراً في الآونة الأخيرة وهما، إمّا الاتفاق بالشروط الأميركية، أو استعداد إيران لتلقي المزيد من العقوبات التي قد لا تنتهي بمجرد ضربة عسكرية تستهدف منشآتها النووية، وتعيدها سنوات إلى ما قبل تخصيب اليورانيوم. هذا المضمون بلا "الهوامش" والتفاصيل التي قد تكون مرفقة، لم يعجب الإيرانيين. هم عبّروا عن ذلك صراحة، باستعادة مواقف مكرّرة، تتمحور حول تمسك القيادة الإيرانية بـ"النووي السلمي"، مع تصعيد "نبرة" الخطاب في مواجهة التهديدات العسكرية، والتوعّد بالرد على أي ضربة بما يُماثلها. وفي هذا، كان المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي أكبر خامنئي واضحاً عندما قال: "إذا أقدم الأميركيون وعملاؤهم على خطوة خاطئة، فإن إجراءات إيران المضادة ستكون حاسمة ومؤكدة، والخاسر الأكبر هو أميركا"، لكن من دون أن ينسى التأكيد أن إيران لا تسعى إلى الحرب، ليبقي الباب مفتوحاً أمام أي خيارات أخرى.
ما هو الرهان؟
لكن، على ماذا يراهن الإيرانيون، إن هم اختاروا التصعيد سبيلاً؟ وهم من عُرف عنهم سابقاً أنهم يفاوضون حول ملفهم النووي، تحت ضغط النار، معتمدين على "أذرع" خارجية، تمتد من اليمن مروراً بالعراق وصولاً إلى سوريا ومنها إلى لبنان وفلسطين المحتلة، وكل ذلك تحت مسمى "محور المقاومة". محور، وإن كان يتحرك بهامش من الحرية في بعض المرّات، لكنّه ظلّ "مضبوطاً" بالتوقيت الإيراني، فحركته شاء ذلك أم ابى، اعترف بذلك أم لم يعترف، قدّمت خدمات جليلة لطهران في مفاوضاتها مع المجتمع الدولي، وفي مساعيها من أجل إرساء برنامج نووي، تؤكد إيران أنه سلمي حتى اللحظة، وفي فرض معادلات لا تخضع لسياسات الاكتفاء الذاتي المعتمدة إيرانيّاً.
لكن هذا المحور سقط اليوم من خلال إضعاف أقوى حلقة فيه، وهي "حزب الله" الذي كان يعدّ حتى الأمس القريب، صلة الوصل بين مجموع حركات "المقاومة" في المنطقة، والبوصلة التي توجهه. وتعزّز سقوطه بخلّع نظام بشار الأسد، مَنْ فرّ سراً بعدما كانت سوريا قد شكّلت جسراً لإمداد الحزب بالسلاح والمال، لسنوات خلَت.
انفرط عقد المحور إلى درجة أن إيران إذا فكّرت بالاستثمار فيه مستقبلاً، فإنها قد لا تحصد منه سوى "خيبة" إضافية. فالأذرع "المنتكسة" تنشغل حالياً في إعادة قراءة تجاربها الأخيرة لتبني على أساسها آفاقها المستقبلية، والمتعلقة أساساً بوجودها، في إطار عامٍ من الحسابات قد لا تُرضي إيران. وبهذا سيكون استثمارها خاسراً.
مرحلة حرجة
اليوم يعيش الإيرانيون، واحدة من أشد مراحل نظامهم حرجاً، فالقول إن دعوة ترامب إلى التفاوض هي خداع للرأي العام الدولي بحسب خامنئي، لا يكفي للوقوف في مواجهة الرياح الأميركية العاتية. فالرئيس الأميركي ولو كان يتلاعب بالألفاظ والعبارات، إلّا أنه جاد في سعيه لإغلاق الملف النووي الإيراني بطريقة تتجانس مع مشروعه العالمي الكبير الذي ينطلق من أوروبا عبر أوكرانيا، ويصل إلى الشرق الأوسط من خلال فلسطين عبر بوابة غزة، إلى سوريا ولبنان ثم شرقاً إلى إيران. وفي خياراته المطروحة يحظى بدعم مباشر من إسرائيل التي تعتبر بالنسبة لواشنطن في حلتها الحالية، "النحّات" الذي يشكل المنطقة وفقاً للخطوط التي رسمها "العم سام"، مدفوعةً برغبة جامحة لتحقيق حلمها القديم المتجدد بـ"إسرائيل الكبرى". تقديراً، فإن كل ذلك سيعقّد مهمة الإيرانيين لدى تعاملهم مع ترامب، لكنهم برغم ذلك ليسوا أمام حائط مسدود، خصوصاً أن الرئيس الأميركي عبّر عن إرادة واضحة لمعالجة الأزمات الدولية بالطرق السلمية طالما أمكنه ذلك. وهو قد يفعلها. وخير دليل على ذلك المساعي التي بذلها، من أجل وضع حدٍ للحرب الروسية- الأوكرانية، التي لا يزال إلى الآن يتعامل معها من باب التفاوض، مناقضاً بذلك الطريقة التي تعامل بها سلفه جو بايدن مع هذه الأزمة.
التفضيل
إن مسألة "تفضيل" الاتفاق على الحرب لدى ترامب، وإن كانت تندرج تحت مظلة سياسة "العصا والجزرة"، التي عملت بها الإدارات الأميركية المتعاقبة لجهة تعاملها مع الملف النووي الإيراني، لا بد أن تكون أساس "حبكة" طهران خلال ردها على الرسالة الأميركية، وربما يلزمها، التعامل مع المشهد الدولي العام برؤية ثاقبة وبُعد نظرٍ يأخذ في الاعتبار أوضاعها الحالية، على الصعيدين الداخلي والخارجي. داخلياً يعاني الإيرانيون على المستوى الشعبي من ظروف اقتصادية ومعيشية صعبة، تتزامن مع جو متصاعد من خنق الحريات. وهذا الوضع، المعرّض للانفجار في أي لحظة، قد يجعل الأمور تنفلت من عقالها، ويحشر النظام الإسلامي في الزاوية الضيقة. في المقابل، فإن الأذرع التي لطالما استخدمتها طهران وتعاني من انتكاسات كبيرة، بات من الصعب قبولها بأن تكون مجرّد أداة للسياسة الإيرانية التي تتقن فنّ التقية في ما يتعلق بمصالحها، وتمنعه عن الراغبين به إذا ما فكروا بالنفاذ بجلدهم من الأخطار المحدقة.
مما تقدّم فإن كل ذلك يحتّم على طهران اقتناص رغبة ترامب في التفاوض وتالياً الاتفاق حول برنامجها النووي، وكذلك أي فرصة قد تكون متاحة، خصوصاً في ظل التطورات والمتغيرات الإقليمية والدولية، ومن تلك الفرص، ربما التعويل على صيني، إذ جمعت بكين أخيراً روسيا وإيران إلى مائدة محادثات "نووية" في أحد جوانبها. فهل تكون الصين هي خشبة الخلاص بالنسبة إلى النظام الإيراني، إذا كان يرغب فعلياً بقرع أبواب التفاوض لا طبول الحرب، أو ربما كسب الوقت لسنوات مقبلة؟


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top