2025- 03 - 15   |   بحث في الموقع  
logo بعد "مجزرة الساحل"... واشنطن تطالب الشرع بتوضيح موقفه! logo ماسك يكشف عن الموعد المحتمل لهبوط البشر على "المريخ" logo جشّي: الجهود الدبلوماسية ستكون فرصتنا الأخيرة لتحرير الأرض logo فعاليات رمضانية من مؤسسة بهاء وحسناء الحريري logo "الوحدة الوطنية مقدمة للانتصار".. ومراد يتساءل: لم الاستمرار في حرمان البقاع؟ logo انتشال أشلاء شهيدين في ميس الجبل logo في جولة سياحية.. ستة سفراء أوروبيين وعرب يزورون طرابلس logo ترامب: محادثات مبعوثي مع بوتين كانت "مثمرة" و"بناءة"
عن زيارة وفد صندوق النقد وهلع اللوبي المصرفي
2025-03-15 16:25:47


أنهت بعثة صندوق النقد الدولي جولتها في لبنان، بعدما عَنوَنَت لِقاءاتها هذا الأسبوع في إطار "تقصّي الحقائق"، قبل الدخول الجدّي في المفاوضات المباشرة خلال شهر نيسان. وحتّى ذلك الحين، تركت البعثة بأيدي المسؤولين اللبنانيين المعالم الرئيسيّة للطريق الذي ينبغي سلوكها، إذا ما كان لبنان جادًا في نيّته دخولَ أي برنامج تمويلي جديد مع الصندوق. ما بعد الزيارة، لن يكون كما قبلها. إذ فرضت اللقاءات وما نتج عنها جملة من الاستحقاقات، وفي مطلعها تعيين الحاكم الجديد للمصرف المركزي، تمهيدًا لعقد المفاوضات الجديدة وإعادة صياغة خطّة التعافي. وكما هو الحال دائمًا، للوبي المصارف هواجسه، التي تطفو إلى السطح كلّما هبّت في الأجواء رائحة الإصلاحات المنتظرة منذ خمس سنوات.
ومن هذه الزاوية تحديدًا، يمكن فهم الزوبعة الإعلاميّة والسياسيّة التي أثارتها المنابر الأكثر قربًا من اللوبيات المصرفيّة، والتي اتخذت أشكالًا مختلفة: من الدعاوى القضائيّة إلى الإخبارات، وصولًا إلى الحملات الإعلانيّة، والتي حاولت جميعها شيطنة منصّات إعلاميّة ومجموعات ضغط كانت مناوئة تقليديًا لأولويّات اللوبي المصرفي.

الإصلاحات المطلوبة من لبنان
في خلاصة اللقاءات التي حصلت خلال الأسبوع الراهن، كان واضحًا أن بعثة الصندوق نظرت بإيجابيّة إلى بعض تطوّرات المرحلة الماضية. فهي لا تعارض النهج التقشّفي الذي اتبعته الحكومة السابقة، ولا ما تكامل مع هذا النهج من سياسات نقديّة متبعة في مصرف لبنان. في نهاية الأمر، وإن كان الصندوق يصرّ على ذكر أهميّة شبكات الحماية الاجتماعيّة في بياناته، فهو لم يتخلّص بعد من رواسب عقليّته التقليديّة، الأكثر انحيازًا لفكرة ترشيق القطاع العام وتقليص موازنته، ولو على حساب الدور الاجتماعي للدولة. ليست العدالة الاجتماعيّة من أولويّات الصندوق أو همومه، كمؤسّسة تُعنى قبل كل شيء بالانتظام المالي والنقدي في الدولة.
في المقابل، بدا أن الصندوق -وبخلاف كل التمنيات التي روّجتها اللوبيات المصرفيّة- لم يبتعد بعد عن إصراره على الإصلاحات الماليّة، التي طالب بها منذ حصول الأزمة الماليّة في أواخر العام 2019. ولا يوجد ما يوحي أنّ لبنان سيتمكّن من دخول البرنامج التمويلي الموعود مع الصندوق، من دون إنجاز هذه الإصلاحات مسبقًا.
في جميع اللقاءات، بدا أنّ الصندوق ما زال مصرًّا على استكمال مسار رفع السريّة المصرفيّة. وما أنجزه المجلس النيابي على هذا المستوى، من تعديل لقانون سريّة المصارف، لم يلبِّ بعد كامل شروط الصندوق. يرى صندوق النقد أنّ إتمام عمليّة إعادة الهيكلة، ومكافحة الجرائم الماليّة، ومنع تبييض الأموال، والضبط الضريبيّ، كلها أمور تفرض توسيع رقعة رفع السريّة المصرفيّة. والتعديلات التي تم إنجازها، مليئة بالأفخاخ التي تحافظ على مستوى معتبر وغير صحّي من السريّة المصرفيّة.
في لقاءات وزارة الماليّة بالتحديد، أدرج الصندوق لائحة طويلة من الإصلاحات المتعلّقة بإدارة المعلومات الضريبيّة، وزيادة معدلات الضبط الضريبي. ولهذه الإصلاحات مسارها الخاص، الذي يفترض أن يُدار بين فريق وزارة الماليّة والفريق التقني في صندوق النقد الدولي. ومن المفترض أن يتم إنجاز هذه الخطوات، بالتوازي مع الإطار الأوسع، الذي تنظمه خطّة التعافي المالي الحكوميّة.
على مستوى آخر، يرى الصندوق أنّ الحكومة اللبنانيّة مضطرّة لإعادة صياغة رؤيتها العامّة لخطّة التعافي المالي، خلال الأسابيع المقبلة، قبل العودة إلى التفاوض المباشر في شهر نيسان المقبل. وجزء من هذه الرؤية العامّة، سيرتبط بالتشريع المتعلّق بإعادة هيكلة القطاع المصرفي، الذي سيحدّد بديهيًا مصير الودائع والرساميل وما تبقى من موجودات في القطاع المصرفي. بمعنى أوضح، لن تملك الحكومة ترف المضي بشراء الوقت، كما فعلت الحكومة السابقة على مدى أشهر، قبل حسم هذه الملفّات خلال الأسابيع المقبلة.
أخيرًا، سيكون من البديهي أن تضطر الحكومة إلى البت بمسألة هويّة حاكم مصرف لبنان، وهو "الضابط" لعلاقة الدولة اللبنانيّة بصندوق النقد، كما أشار عن حق وزير الماليّة عند استقبال بعثة الصندوق في الجلسة الختاميّة. مع الإشارة إلى أنّ الوزير نفسه، ياسين جابر، وعد بإتمام هذا التعيين قبل نهاية الشهر الجاري، قبل أن تسري أنباء أخرى عن إمكانيّة تأجيل هذا التأجيل لغاية شهر أيّار. لكن في جميع الحالات، من الواضح أن المشهد المالي والنقدي صار يفرض إنجاز هذا التعيين بالسرعة القصوى، لتسهيل إتمام سائر الاستحقاقات الماليّة المنتظرة التي ترتبط بوضعيّة مصرف لبنان.

تحرّك اللوبي المصرفي
وجد اللوبي المصرف نفسه معنيًا بكل هذه الاستحقاقات. فهذا اللوبي له اليوم مرشّحه المعروف لحاكميّة المصرف المركزي، وقد بدأت المنصّات الإعلاميّة والبرامج القريبة من هذا اللوبي بترويج إسمه. وله أيضًا الأولويّات التي يحملها بالنسبة لمسار إعادة الهيكلة، ومصير رساميل المصرفيين، وهو ما يرتبط بدوره بهويّة حاكم مصرف لبنان الجديد والمقاربات التي يتبنّاها. ولهذا السبب، كان من المتوقّع طبعاً أن يبادر هذا اللوبي إلى التحرّك، بعدما أعدّ العدّة منذ أسابيع لحملة شرسة تطال الاقتصاديين والمنصّات المناوئة لأولويّته. من هنا، يمكن فهم ما جرى طوال أيّام الأسبوع الماضي، من استهدافات قضائيّة وإعلاميّة طالت تنظيم كلنا إرادة بالتحديد، ومن بعده منصّات إعلاميّة عُرفت بترويجها لمقاربات لا تتسق مع المصالح المصرفيّة، مثل "درج" و"ميغافون".
اللوبي المصرفي يستعد إذًا لمعركته الحاسمة، وهو يعلم أن قرارات الأسابيع المقبلة ستترك أثرًا كبيرًا على مستقبل مصالحه ومصالح أصحابه. ولعلّ التشكيك بجدوى الاتفاق نفسه مع صندوق النقد، ينبع كذلك من الخشية من طبيعة الإصلاحات التي يطلبها الصندوق، وعلى رأسها رفع السريّة المصرفيّة وإعادة هيكلة القطاع المصرفي. وأكثر ما يُخشى منه اليوم، هو أن يتمكّن اللوبي إياه من الإطاحة بالمفاوضات نفسها، وبخطّة التعافي، إذا لم تتسق مع مصالحه.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top