موقع الخدمة الروسية في BBC تابع رد فعل المسؤولين الروس والمدونين المؤيدين لحرب روسيا على أوكرانيا على المفاوضات الأميركية الأوكرانية في السعودية، وخروجها باقتراح وقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً. وأوجز محتوى ردود فعل الروس على ذلك في عنوان نص يقول "الاتفاقيات تكتب على خط الجبهة الأمامي". وأشار إلى أن هؤلاء يرون أن أي اتفاقيات يجب أن تعقد بشروط روسية، وليس أميركية، سيما وأن الوضع على الجبهة يسمح بفرضها.
ورأى الموقع أن رد الفعل الرسمي للكرملين كان أكثر تحفظاً. ونقل عن الناطق بإسم الكرملين قوله بأن روسيا "تدرس بعناية" التصريحات التي أعقبت المحادثات بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، وحث على "عدم استباق الأحداث".
ونقل الموقع عن ثلاثة مسؤولين روس رفيعي المستوى تحدثوا لرويترز شريطة عدم الكشف عن هويتهم قولهم إن موسكو متشككة بشأن فكرة وقف إطلاق النار. وحسب أحدهم، سيكون من الصعب على بوتين الموافقة على هذا بشكله الحالي لأن "روسيا تتقدم" على الجبهة.
يرى البعض أن اقتراح وقف إطلاق النار المؤقت قد فاجأ بوتين وأحرجه. وهذا ما يفسر تأخر تعليقه على الاقتراح حتى مساء الخميس المنصرم، وترك رده على الاقتراح معلقاً بين "نعم" و"لا".طرحت "المدن" بضعة أسئلة على عدد من الخبراء الأوكران، خصوصاً أولئك الذين لا تتضمن ردودهم "الكثير" من البروباغندا، التي يصعب تحاشيها في بلد يخوض حرباً شرسة منذ ثلاث سنوات ضد "ثاني" أقوى جيش في العالم.
نائب مدير المركز الأوكراني للأبحاث الشرق أوسطية Sergey Danilov، وفي رده على السؤال، لماذا تم اختيار السعودية مكاناً للمفاوضات بين واشنطن وكل من موسكو وكييف، وهل هو جائزة ترضية من واشنطن، تمهيداً للتطبيع مع إسرائيل، قال إن السعودية من الدول القليلة في العالم التي ترتاح لها كل من واشنطن وموسكو وكييف. ومن ثم يعدد الخطوات التي اتخذتها السعودية للمحافظة على علاقات جيدة مع كل من روسيا وأوكرانيا.
يرى الخبير أن الوضع في الشرق الأوسط بشكل عام، وفي غزة خصوصاً، كان له تأثير كبير في اختيار السعودية. فالرئيس ترامب يريد مواصلة تنفيذ اتفاقيات إبراهيم، على الرغم من أنه بعد العملية البرية في غزة، لا يوجد أمل في أن توقع السعودية اتفاقية لإقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل. إضافة إلى ذلك، لعبت شخصية الممثل الخاص للولايات المتحدة في الشرق الأوسط دوراً محدداً في الاختيار. وقد سيطر ستيف أوتكوف الآن على كلا الاتجاهين: الشرق الأوسط وروسيا. مما يسمح للأميركيين بتنسيق اللعبة على لوحتي الشطرنج.
وعن تقييمه لنتائج المفاوضات الأوكرانية الأميركية، قال الخبير بأن المفاوضات بالنسبة للأوكران كانت لتنسيق المواقف مع الجانب الأميركي، وليست مفاوضات سلام مع روسيا. ورأى أن اللقاء الأميركي الأوكراني في جدة برر، بشكل عام، ما كان متوقعاً منه.وبشأن ما أكده ستيف ويتكوف عن اعتذار زيلينسكي لترامب برسالة خطية، قال الخبير بأن المصادر الدبلوماسية الأوكرانية تؤكد أن زيلينسكي لم يرسل إلى ترامب رسالة خطية. بل نشر على منصة X نصاً عبر فيه عن الأسف للنتائج التي أسفر عنها اللقاء في البيت الأبيض. ويشير المحللون السياسيون إلى أن نص زيلينسكي قد تم اختيار مفرداته بدقة كي لا يبدو الطرف الأوكراني معتذراً، وفي الوقت عينه، يمنح الجانب الأميركي إمكانية تفسير النص على النحو الملائم له.
وعن تعليق بوتين، بعد صمت عدة أيام، على الاقتراح الأميركي الأوكراني بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً، قال الخبير إن بوتين لن يستطيع عدم الرد على الاقتراح الأميركي الأوكراني. فالاستراتيجية الروسية على المسرح الدولي تقوم على أساس أن روسيا تريد السلام، لكن أوكرانيا وشركاءها لا يريدونه. هكذا كانت الدولة المعتدية تعرض موقفها في الشرق الأوسط وأنحاء العالم. والآن لا يستطيع بوتين أن يجيب بـ"لا"، لكنه لا يريد أن يجيب بـ"نعم" أيضًا. وهو يريد أن يطرح شروطه الخاصة، ويفضل أن تكون إنذاراً نهائياً، من أجل رمي الكرة في ملعب أوكرانيا وترامب. وفي الوقت نفسه، سيحاول بوتين جر ترامب وحاشيته إلى صفقات طاقة فاسدة مع الولايات المتحدة من أجل إثارة اهتمام واشنطن بالعمل معًا ضد أوروبا.
وعن موقف الشعب الأوكراني من التنازلات القسرية عن الأراضي الأوكرانية لصالح روسيا، وعن أي أراضي يدور الحديث، قال الخبير بأن استطلاعات الرأي تشير إلى موقف سلبي لدى غالبية المواطنين تجاه التنازلات عن الأرض.البوليتولوغ الأوكراني ورئيس مركز التحليل والاستراتيجيات Igor Chalenko، وفي رده على سبب اختيار السعودية، يرجح أن تكون حيادية السعودية تقف وراء اختيارها. ويرى أنها تتمتع بثقة كل من الولايات المتحدة وروسيا، ولديها خبرة معينة في التوسط بين أطراف النزاعات، بما في ذلك تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا. ولا يرى أن اختيارها كان بمثابة مكافأة أميركية بهدف التطبيع مع إسرائيل، بقدر ما كان اختياراً براغماتياً من قبل واشنطن. فهي ليست عضواً في الناتو، ولا تدعم كلياً العقوبات ضد روسيا، وفي الوقت عينه تبقى الحليف الأبرز للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. ويعتقد أن ثمة ارتباط غير مباشر بين اختيارها والقضية الإسرائيلية، فالأولوية هنا للحرب الروسية الأوكرانية.
وعن تقييمه لنتائج المفاوضات، رأى البوليتولوغ أنها نصر تكتيكي لأوكرانيا بفضل رفع الحظر عن المساعدات العسكرية الأميركية. وأوكرانيا، بموافقتها على وقف إطلاق النار المؤقت، قد تجنبت الانتقادات الشديدة السابقة التي تزعم بأن الأوكران لا يريدون السلام. وفي الوقت عينه، فإن تنفيذ الأفكار الأميركية أمر مشكوك فيه، إذ من المستحيل عملياً ضمان المراقبة الفنية للامتثال لنظام وقف إطلاق النار على الأرض. ويفسر هذه الصعوبة بطول خط الجبهة الذي يصل إلى 2000 كلم. ولكن إذا كانت أوكرانيا مستعدة للمخاطرة من أجل السلام، فإن التنفيذ الفني لنظام وقف إطلاق النار سوف يصبح بالنسبة لروسيا، على ما يبدو، أداة لتأخير العملية.
وبشأن ما صرح به ستيف ويتكوف عن رسالة اعتذار زيلينسكي، قال الخبير بأن نص زيلينسكي على منصة X فسره الجانب الأميركي بأنه رسالة اعتذار. وينفي وجود قراءات مختلفة للنص، بل تم اختيار صياغته آخذاً بالاعتبار توجهات إجراء الاتصالات السياسية التي وضعها ترامب وسواه من أعضاء فريقه. وقد أصبح نص زيلينسكي عنصراً ضرورياً لمزيد من المفاوضات بين الوفدين الأوكراني والأميركي.
وعن تعليق بوتين على المفاوضات واقتراح وقف إطلاق النار المؤقت، قال الخبير إنه محاولة من قبل بوتين للمحافظة على التواصل مع ترامب. وتبدو تصريحاته وكأنها رفع الرهانات قبل التواصل مع ترامب. وأشار إلى أنه، وقبل تصريح بوتين، كان ترامب قد امتنع عن تجديد السماح لوزارة الخزانة بتجاوز العقوبات الأميركية المفروضة على قطاعات النفط والغاز والمالية الروسية. ورأى أن الطرفين قد اعتمدا نهج التصعيد في المواقف.البوليتولوغ Oleg Lisny، توقفنا عند رأيه برد فعل الشعب الاوكراني على التنازلات القسرية عن الأراضي المحتلة. قال إن هذه قضية مؤلمة للغاية بالنسبة لكل أوكراني، لكن ثمة تفهماً أننا لا نستطيع الآن استعادة جميع أراضينا بالوسائل العسكرية. لكن الأوكران لن يعترفوا بها أراضي روسية، حتى لو سجلها بوتين في الدستور بأنها كذلك.