عقدت وزيرة التربية والتعليم العالي، الدكتورة ريما كرامي، لقاءً تعارفياً مع عدد من الصحافيين والصحافيات صباح اليوم في مكتبها في وزارة التربية – اليونسكو، في خطوة تهدف إلى فتح قنوات تواصل شفافة مع الإعلام، الذي تعتبره كرامي "السلطة الرابعة" وصمام الأمان لمراقبة أداء الدولة وكشف مكامن الخلل.
تعزيز المحاسبة والمساءلةأكدت كرامي في مستهلّ حديثها إيمانها العميق بحق الإعلام بالوصول إلى المعلومات والحصول عليها بشكل دائم، معتبرة أن دوره أساسي في تسليط الضوء على مشاكل الدولة، خصوصاً في ظلّ الظروف الراهنة التي وصفتها بأنها "غير مرضية" من وجهة نظرها ومن وجهة نظر الرأي العام. وأشارت إلى أن هذه المرحلة تتطلب تضافر الجهود بين الإعلام وأصحاب القرار، بهدف تعزيز المحاسبة والمساءلة، لافتة إلى أن المسؤولية اليوم أكبر من أي وقت مضى، وتفرض على الجميع التعاون والعمل المشترك.عرّفت كرامي عن نفسها بأنها تنحدر من خلفية تربوية، وأنها أمضت ثمانية عشر عاماً من العمل التربوي في لبنان، قضت جزءاً كبيراً منها في المدارس الرسمية. وأوضحت أنها عملت خلال تلك الفترة على تطوير فهم عميق لكيفية تحقيق الإصلاح المطلوب، مشددة على أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن ينطلق من مكاتب الوزراء، بل يجب أن يبدأ من الميدان، من خلال الاستماع إلى صوت الأساتذة والطلاب والتفاعل المستمر معهم، والتكامل مع كل الجهات المعنية في القطاع.ولفتت كرامي في كلامها إلى أنها تدرك تماماً حجم التحديات والمشاكل المتراكمة في القطاع التربوي، معتبرة أن موقعها الحالي ليس محلّاً للحسد، بل هو مسؤولية كبيرة تتطلب جهداً مشتركاً للوصول إلى حلول فعّالة. كما شددت على أنها لن تغيّر من فلسفتها القائمة على العمل من الميدان وبالتعاون مع كافة المعنيين، مهما كانت الظروف.استعادة ثقة المجتمعفي حديثها عن أولوياتها بالوزارة، شددت كرامي على ضرورة التركيز على القطاع العام في محاولة لاستعادة المكانة التربوية التي كان يتمتع بها لبنان سابقاً. ورداً على سؤال "المدن" حول تصريحها السابق عن فقدان الوزارة ثقة المجتمع، وعدم ظهور إجراءات ملموسة منها حتى الآن، لاستعادة هذه الثقة، أجابت بالقول: "أنا لست جهة رقابية. وظيفتي هي إدارة هذه الوزارة، وأنا أعلم أن الرأي العام بأمسّ الحاجة إلى جهة رقابية. لكن هذه المسؤولية لا تقتصر على قطاع التربية فقط. القضاء والتفتيش هما الجهتان المسؤولتان عن هذه الأمور".وعما إذا كانت صلاحياتها كوزيرة تشمل إمكانية تحويل ملفات إلى القضاء والتفتيش المركزي، قالت كرامي: "لن أكون متساهلة. منذ تسلّمي الوزارة ذكرت أن مستوى المساءلة سيكون مرتفعاً جداً، وهذا ما أعمل على تنفيذه يومياً". واعتبرت أن هذه الحكومة تأسيسية، وأن التركيز المفرط على المحاسبة سيسلب الوقت والجهد اللازمين للقيام بخطوات تأسيسية واستثمار الدعم والزخم والانفتاح الموجود حالياً.وحول ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن شقيقها المحامي فهمي كرامي، الذي عينته مستشاراً لها في الوزارة، وإمكانية تضارب المصلحة، لا سيما أنه محامي للمدارس الخاصة، قالت وزيرة التربية إن شقيقها محامٍ وليس للمدارس الخاصة، وأنها جاءت إلى وزارة وليس اختصاصها القانون، وهو مجال صعب ومعقّد، ولم تتعرف بعد على الأشخاص الذين يمكن الوثوق بهم على مستوى عالٍ.
مستشار شخصي تحت المساءلةوأوضحت كرامي أن فهمي كرامي ليس مستشاراً للوزارة، بل هو مستشار شخصي، وهو حقها الإنساني بأن يكون لديها مستشار قانوني دون أن يتكبد الوزارة أي كلفة.وقالت كرامي: "جئت لأعمل في التربية، لا في السياسة، ضمن الأنظمة والقوانين المعتمدة. هذه ثقافة جديدة على الوزارة وتحتاج إلى معرفة عميقة. وقانوناً، لا شيء يمنع أن يكون شقيقي مستشاري، وقد منحنا لأنفسنا هذا الإذن نظراً للفترة القصيرة التي لا تسمح لي بالتعرّف على الأفراد المناسبين". وعلى حد قولها فإنها الوزارة ربحت من خبراتها ومن حضور شقيقها كمستشار شخصي، معتبرة أنه إضافة إيجابية وليس تضارب مصالح.وعقّب فهمي كرامي على هذه النقطة قائلاً: "أنا تحت المساءلة، وأي ملف يتبين فيه أنني مارست وكالة داخل الوزارة أو عملت بتضارب مصالح، سأكون تحت المسائلة، وأنا مسؤول عن كلامي. تحويل الملفات إلى التفتيش، وفي حال الإدانة إلى النيابة العامة، هو المسار الصحيح، ولكننا لسنا المسؤولين عن تنفيذ هذه الإجراءات". وختم حديثه محملاً رسالة لتفعيل التفتيش قائلا "نزع الموظف من مكانه له أصول، حتى لو كان بالتكليف، ونحن علينا تحويل الملفات على التفتيش وإذا أدين يتم تحويله إلى النيابة العامة، وبعدها لسنا مسؤولين".أما فيما يخص التواصل مع الإعلام، أكدت كرامي أنها ستضع آلية واضحة وسريعة للرد على الإعلام والصحافة بهدف تجنّب التأخير وتحسين الشفافية. وشددت على أهمية إعادة الثقة مع الهيئة التعليمية وعلى حق الوصول إلى المعلومات، موضحة أن هذا الملف سيكون على رأس أولوياتها لضمان توفر المعلومات بشكل واضح ومُنظم. وأشارت إلى أن التحدي الأكبر كان في غياب الأرشفة وعدم توفّر المعلومات بسهولة، مما يعكس واقعاً مرتبطاً بالأزمات المتتالية وغياب تحديث هيكلية القطاع العام.