2025- 03 - 15   |   بحث في الموقع  
logo إعلان طرابلس.. تماسك سياسي شمالي ببعد وطني لمواكبة التطورات!.. غسان ريفي logo جامع البحر ـ القلمون.. بُنيَ قبل 800 عام بالرغم من حكم الصليبيين!.. logo ماكرون يتّصل بسلام.. ويستقبل الرئيس عون في 28 آذار logo باسيل: قرارنا ينبع من رؤوسنا وليس من جيوبنا logo الوفد النيابي العائد من قطر: أجواء ايجابية لدعم لبنان logo ليبقى الانتصار انتصاراً وتبقى فكرة كمال جنبلاط حيّة logo "أرامكو" في سوريا: الشائعات والحقيقة والعقبات logo ترامب يريد كل شيء.. الآن
طرابلس حاضنة الثقافة لكلّ الأزمان: 50 كاتباً يستطلعون هويتها
2025-03-14 12:57:53

بعد سنتين على إصدار الكتاب الأوّل الجامع طرابلس في عيون أبنائها والجوار، أصدرت دار "جروس برس" في طرابلس، وبالتعاون مع "مركز الصفدي الثقافيّ"، كتابها الثاني حول العاصمة الثانية طرابلس تحت عنوان طرابلس حاضنة الثقافة لكلّ الأزمان(*). جرت حفلة الإطلاق في مسرح مركز الصفدي، في 21/2/2025، بحضور حشد كبير ومميَّز من الفعاليّات السياسيّة والثقافيّة والاجتماعيّة والدينيّة في طرابلس والشمال وبيروت.
في الشكل، يقع الكتاب في 416 صفحة من القطع الكبير (28,5×22)، في طبعة أنيقة وغلاف جميل ومعبّر من تصوير ورؤية المصوّر الفنان إسبر ملحم. وقد عُرِضت فيها، بما يتوافق مع الموضوعات المعالَجة، صور عن مختلف وجوه المدينة ومعالمها ونشاطاتها الثقافيّة والفنّية. حتى ليمكن القول إنه جاء مجلّداً موسوعياً ضخماً، خصوصاً وأنّ الأقلام التي شاركت فيه قد تعدّدت، على غرار ما نرى في الموسوعات، حيث عدّة باحثين أو معنيّين يتناولون المادّة نفسها في مقالات أو أبحاث خاصة.وبالشكل أيضاً جاء المجلّد على غرار المجلَّد الأوّل طرابلس في عيون أبنائها والجوار من حيث الحجم والإخراج الطباعي والغلاف وألوانه ورؤيته، فيمكن أن نستشفّ من ذلك أمرين. الأوّل هو توخّي الناشر، إضافة إلى جمع هذه الموادّ الثريّة وتوثيقها، إعداد سلسلة علميّة توثيقيّة وتأريخيّة للمدينة العريقة. والثاني هو احتمال استكمال هذه السلسلة بمزيد من الإصدارات حول المدينة تتناول جوانب أخرى من تاريخها العريق. ولذلك أتى هذا الإخراج أقرب إلى مجلدّات متتالية في موسوعة مفتوحة على المزيد والمزيد.أقلام وموضوعات متنوّعة ومتقاربةأما المضمون فغنيّ ومنوّع بتعدّد الأقلام الخمسين التي شاركت في صياغة موادّ المجلّد، ولذلك نقول صراحة إنه بسبب هذا الطابع الموسوعي لا يمكن الإحاطة الشاملة بالمجلّد في مقال واحد محصور عدد الكلمات. فنكتفي هنا بنظرة شاملة إلى أبوابه وموضوعاته، مؤكّدين أن الكتاب يحتمل أكثر من مقال، وأكثر من ندوة ونقاش حول ما ورد فيه.شارك إذن في وضع موادّ الكتاب أكثر من خمسين كاتباً وباحثاً من المعنيّين بالشأن العلميّ والثقافي في المدينة وفي الشمال عموماً، من الناشطين حاليّاً في هذه المجالات في المدينة، كما من المخضرَمين الذين واكبوا النشاط الثقافي في المدينة على مدى أكثر من خمسين سنة. وإن كان هذا العدد "الضخم" يطرح مخاوف من تداخل الموادّ أو تنوّعها بما يؤدّي إلى عدم التماسك أو التشتّت بسبب تنوّع منهجيّات الكُتّاب المشاركين وأساليبهم ما بين التعبير العفوي والنزعة الأكاديميّة، إلا أن الدكتور جان جبور، الذي أشرف على تنسيق هذا المجلّد وتوزيع موادّه وتنسيقها قد أكّد في كلمته في المقدّمة أنه "بعد القراءة المتأنّية تبيّن أن المقالات تكامليّة بامتياز وقد أمكن توزيعها على ثلاثة أبواب...".وُزِّعت الموادّ إذن على ثلاثة أبواب تحت ثلاثة عناوين حدّدت توجّهاتها.الباب الأوّل جاء تحت عنوان "طرابلس منارة للعلم والثقافة، معالم الحياة الفكريّة والثقافيّة والفنّية". وقد شارك في كتابة مقالاته وأبحاثه ثلاثة وثلاثون كاتباً وباحثاً من أهل الاختصاص، أو من الرعيل الأوّل من الشخصيّات التي سبق لها ونشطت في مجال الفعاليّات الثقافيّة والفنّية في المدينة على مدى عقود، أو من الجيل المخضرم الذي شارك في هذه النشاطات في مراحل متأخّرة، أو من الجيل الجديد الذي قام بالدراسات والأبحاث الأكاديميّة أو الميدانيّة. كما أن هناك أقلاماً من العاصمة بيروت ساهمت بمقالاتها في إغناء هذا المجلّد.حول وجه المدينة الثقافيّوقد تناول هذا القسم الموضوعات ذات العلاقة الوثيقة بعنوان الكتاب، أي الوجه الثقافي لمدينة طرابلس. فقد حوى مقالات وأبحاثاً تناولت مختلف النواحي التي ساهمت في رسم وجه طرابلس الثقافي، وإسهاماتها في مجالات الفكر والفن والأدب، والتي لم تنحصر ضمن جدران المدينة بل تعدّتها إلى آفاق الوطن والعالمَيْن العربي والغربي. ويمكن تبويب هذه الموضوعات في خمس فئات، هي "الوجه الثقافي" لطرابلس، وذلك عبر النشاطات التي أحيتها الأندية والروابط الثقافية والجامعية والمراكز والجمعيات العديدة، ثم بابٌ تناول "العلم والتعليم" ما بين مدراس وصروح جامعية كان لها دورها خصوصاً في المراحل المتأخرة، ثم استعراض "النتاج الصوفي والفكر الصوفي" ودوره في المدينة ودور المدينة في نشره في المشرق والمغرب العربيَّيْن. كما خصّص قسم مُستفيض للـ"حركة الفنية" الوثيقة الصلة بموضوع المجلَّد، تناول فيه الكتاب نشاطات الأدب والشعر والمسرح والسينما والموسيقى والرسم والتصوير الفوتوغرافي. وربما كان هذا القسم هو الأكثر أهميّة، وعلى الأخص لأن أسماء لامعة من أهل الفنّ في طرابلس وصل نشاطهم وشهرتهم إلى العاصمة بيروت وكل لبنان، وباتت لهم شهرتهم على نطاق واسع نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الفنان الإيمائي والأستاذ الجامعي فائق حميصي، والاسم الذي لمع منذ ثمانينات القرن الماضي في مجال الثقافة السينمائية، إميل شاهين، الذي تحوّل من عالم الأعمال ليتخصّص في مجال السينما ويدرّس مادتها في الجامعات ويقدّم مساهمات جمّة في مجالها.(ناصر جروس)وقد خصّص باب للإعلام والصحافية في المدينة، كونها العاصمة الثانية حيث لعب رجالاتها من بنائها او أبناء الجوار الذين أقاموا فيها دوراً سياسياً بارزاً على الصعيد الوطني، فكان لا بدّ من إعلام يغطي نشاطاتهم، إضافة إلى الحاجة إلى تغطية المواقف وأعمال الأحزاب والحركات السياسية التي نشطت فيها وشاركت أو عبّرت بشكلٍ أو بآخر عن مواقفها من القضايا الوطنيّة الكبرى.وفي هذا الباب، استعرض ناصر جروس النشاطات التي أحيتها مجموعة من نوادي المدينة والجوار من ضمن تجربة "فيحاؤنا"، وبشكل مستقلّ "بسبب الغياب الرسمي المتمادي"، بمناسبة إعلان "طرابلس عاصمة الثقافة العربيّة" للعام 2024.معالم تاريخية... مادّة سياحيّة غنيّةجاء الباب الثاني من المجلّد تحت عنوان "طرابلس... معالم دينيّة وسياحيّة"، شارك فيه ثماني كاتبات وكتاب، تناولوا فيه "تراث المدينة الثقافيّ والتاريخيّ(...) ما جعلها غنيّة بمعالم تاريخيّة وأثريّة تعكس التراث العريق للمنطقة". وقد أضاء الكتّاب في هذا الباب على هذه المعالم، سواء في دراسة فنّ العمارة فيها، خصوصاً من الحقبة المملوكيّة، إلى الجوامع والكنائس وسائر الصروح التي تعكس إلى حدٍّ كبير الطابع الحضاريّ والسكانيّ الشموليّ، من زمن كانت فيه المدينة من الحواضر المهمّة في الممالك والامبراطوريّات التي مرّت أو نشأت في المنطقة، ما جعل منها، كما ذكرت د. جمانة شهّال تدمري في مقالها، "إحدى المدن اللبنانيّة التي تركت فيها جميع الحضارات التي مرّت في المنطقة آثاراً لا تُمحى على الحجر".وحمل الباب الثالث من المجلَّد عنوان "طرابلس... رؤىً مستقبليّة" شارك فيه ستّة أقلام، أضاءت على ما في المدينة من إمكانات تؤهّلها لأن تكون مدينة سياحيّة بامتياز، سواء من خلال الآثار التاريخّية فيها، أو من خلال الأسواق والحياء القديمة بما فيها من فنّ عمارة عريق يجذب السواح ويمتّعهم إذا ما نُفض عنه الغبار وبات مؤهلاً لتنشيط الحركة السياحية فيه. كما طرح بعض الكتاب أفكاراً مهمة حول إحياء بعض الحرف والصناعات اليدويّة المحلّية، من مثل صناعة الصابون والنقش على النحاس، وترميم قوارب الصيادين، بما يجعل المدينة نقطة جذب لسياحة منظمة من شأنها أن تنشّط الحركة الاقتصادية فيها وتوفّر فرض العمل وتزيد الناتج المحلّي.والملاحَظ أن المقالات تناولت جوانب ومواضيع ليست من صلب الثقافة كنتاج مكتوب أو معبَّر عنه بالكلمة، مثل "الحرف الطرابلسيّة" و"المطبخ الطرابلسيّ" و"مراكب الصيّادين". لكن هذه النواحي، وكلّ أشكال التعبير العمراني والحرفي والصناعي في أي مجتمع يساهم بشكلٍ فعّال في تكوين شخصيّة الفرد والجامعة على مرّ السنين، فتترسخ صور هذه الموضوعات في ذهنه ونفسيّته، ولا بدّ أن تجد لها متنفَّساً في النهاية، فيعبّر عنها في ما ينتجه من فنون، سواء في الأدب أو الشعر أو الرسم أو السينما أو المسرح، ولذلك لا غرو إن تحدّث عنها المجلّد لما لها من صلة وثيقة بالنتاج الثقافيّ. ونلفت هنا إلى أنّ هذه المواضيع الواقعة في محيط الثقافة والفاعلة فيها عكستها مثلاً الفنّانة صوفيا حدّاد ابنة طرابلس، عبر مشاركتها في حفل إطلاق الكتاب، بالأغنية التي أهدتها إلى المدينة من تأليفها وتلحينها وغنائها، وقد مرّت فيها على كلّ هذه المعالم التي تكوّن تراث طرابلس وميزتها ووجهها الحضاري والثقافي.هذا ما أراد ناشر الكتاب، ناصر جروس، صاحب دار نشر جروس برس، الإضاءة عليه من تراث مدينته التي أحبّها وعمل فيها ولها على مدى عقود، في مجال النتاج الفكريّ والمعرفيّ مشجّعاً أهل الفكر والثقافة، ومساهماً بأشكال مختلفة في ألق هذه المدينة التي حاول أصحاب النوايا السيّئة كثيراً تشويه صورتها. وهذه حربه، وحرب أهل الفكر مع هؤلاء، والذي عبّرت عنه في مقالتها الدكتورة تدمري حين أضاءت على "الكنز الهائل من التراث الثقافيّ والتاريخيّ" واعتبرت أنّ "الحفاظ عليها هي ضمان لهويّة البلاد واستمراريتها. فطرابلس تمثّل مخزوناً بشريّاً، اقتصاديّاً وثقافيّا مهمّاً (...) فهي شاهدة على تاريخ طويل من التنوّع الثقافي والدينيّ الذي شكّل هوّية طرابلس".____________________
(*) طرابلس حاضنة الثقافة لكلّ الأزمان، مجموعة من الكتاب، دار جرّوس برس، ناشرون، طرابلس، 2024.أهدى الناشر الكتاب إلى أخته رندة جروس، التي توفّيت في السنة الماضية بعد صراع مرير مع المرض. وقد كانت مديرة الدار، تشارك وتُشرف وتساعد على تنظيم مختلف النشاطات التي كانت الدار تُحييها. وبوفاتها خسر الوسط الثقافي في طرابلس نصيراً مهمّاً للثقافة والأدب.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top