عندما حدّد وزير الداخلية والبلديّات أحمد الحجّار يوم الرابع من شهر أيّار المقبل موعداً لإجراء الإنتخابات البلديّة والاختياريّة، بعدما جرى التمديد لها ثلاث مرّات منذ العام 2022، حيث كان يفترض عامها أن تجري تلك الإنتخابات، برزت جملة تحديات أمام الإستحقاق المحلي لا يتوقع، في ضوء الواقع اللبناني المعروف، أن تخرج تلك الإنتخابات بحلول ومخارج لها.
من أبرز تلك التحديّات يمكن الإشارة إلى ما يلي:
أولاً: يُعتبر قانون الإنتخابات البلدية السّاري منذ أوّل إنتخابات محليّة شهدها لبنان في العام 1952، من غير أن يطرأ عليه أيّ تعديلات جوهرية، عائقاً فعلياً أمام أن تشهد البلديات أيّ تغيير في عملها لتطوّر المجتمعات المحلية. ومع أنّ دعوات كثيرة برزت منذ ذلك الحين لإجراء تعديلات على ذلك القانون فإنّها لم تجد أيّ صدى، وبقي ذلك القانون نافذاً على الرغم من علاته والثغرات الكثيرة فيه.
ثانياً: يُنتظر أن تشهد إنتخابات بلدية بيروت والنتائج المتوقعة لها إرتدادات سياسية وطائفية عكسية، في ضوء غياب أيّ خيمة سياسية من شأنها أن تظلل عرف المناصفة بين المسلمين والمسيحيين فيها، الأمر الذي سيجعل نتائج الإنتخابات تسفر عن خلل في التمثيل لا يعكس التنوّع السّياسي والطّائفي في العاصمة، وكذلك الأمر في كلّ البلديات المختلطة، ما سيجعل كثيرين يرون أنّ تلك الإنتخابات أنتجت “أزمة” ستلازم المجالس البلدية المختلطة طيلة فترة ولايتها الممتدة ستّ سنوات.
ثالثاً: منذ حَراك 17 تشرين الأوّل من العام 2019 والإنهيار المالي والإقتصادي الكبير الذي أعقبه، عانت معظم البلديات من أزمة خانقة نتيجة تبخّر مستحقاتها المالية التي لم تعد قادرة حتى على دفع رواتب الموظفين وعناصر الشرطة لديها، ما أصاب البلديات بالشّلل التام، وعدم قدرتها على حلّ مشاكلها وعلى رأسها النّفايات، وهو واقع لا ينتظر أن يتغيّر كثيراً مع المجالس البلدية المرتقبة، في ظلّ عزوف كبير لرؤساء وأعضاء المجالس البلدية الحالية عن الترشّح مجدّداً نتيجة العجز المالي الكبير الذي تعانيه صناديقها.
رابعاً: تغيب البرامج الإنتخابية عن معظم المرشّحين للإنتخابات البلديّة، خصوصاً في البلديّات الكبرى، وإذا ما حضرت هذه البرامج فإنّها تبقى حبراً على ورق ولا تجد أبداً طريقها إلى التنفيذ، لأسباب لا تعود فقط إلى المرشحين الذي يدبّجون كلاماً إنشائياً لا يُغني ولا يسمن من جوع، إنّما بسبب قانون البلديات الذي يفرض تركيبة لا تجعل برنامج أيّ مرشّح أو لائحة يرى النّور.
خامساً: لطالما كانت العائلات اللاعب الأكبر في الإنتخابات البلديّة والإختيارية، والتي تفرض نفسها على إعلان المرشّحين وتشكيل اللوائح والتحالفات وصولاً إلى النتائج من غير أن تستطيع الأحزاب، حتى الكبيرة منها، إغفال أو تجاهل دور العائلات المؤثّر في الإستحقاق المحلي، حتى في البلديّات الكبرى، ما يجعل العصبيات العائلية تتقدم على ما عداها من قضايا بلديّة ملحّة، وأحياناً كثيرة على حسابها.
موقع سفير الشمال الإلكتروني