رغم سقوط الأسد... الكبتاغون "يتغلغل" في الشرق الأوسط
2025-03-13 14:55:50
تحوّل النظام السوري السابق إلى دولة مخدرات، معتمداً بشكل أساسي على تجارة وتصنيع الكبتاغون كمصدر مالي رئيسي، إلا أن سقوطه في كانون الأول الماضي لم يُنهِ هذه التجارة، بل نقل إدارتها إلى قوى أخرى.
تحقيق فرنسي نشرته صحيفة "لو فيغارو" كشف أن حزب الله والمجموعات العراقية المرتبطة بإيران باتوا الفاعلين الرئيسيين في هذه التجارة، التي لا تزال تُغرق منطقة الشرق الأوسط بكميات غير مسبوقة من المخدرات.
شهدت السنوات الأخيرة تدفقاً هائلاً لمادة الكبتاغون في المنطقة، حيث أفاد مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بأن الكميات المضبوطة بين 2010 و2024 زادت بشكل يفوق أي نوع آخر من المخدرات في العالم. ومع سقوط النظام السابق، تسعى أطراف جديدة إلى فرض سيطرتها على هذه السوق المُربحة.
العراق، بحكم موقعه الجغرافي، أصبح مركزاً رئيسياً لهذه التجارة، لا سيما في إقليم كردستان، حيث تزايدت أعداد التجار والمروجين. وبحسب بيانات أممية، ارتفعت كمية الكبتاغون المصادرة هناك من 118 كغم عام 2019 إلى أربعة أطنان عام 2024، مما يعكس تنامي نفوذ المهربين وضعف الرقابة على الحدود البرية.
رغم أن سقوط بشار الأسد شكّل نقطة تحول في المشهد السياسي السوري، إلا أن الخبراء يؤكدون أن القضاء على مختبرات تصنيع المخدرات التابعة للنظام السابق لا يعني بالضرورة انتهاء هذه التجارة. المحلل السياسي الفرنسي فينسنت جولي أوضح لـ"لو فيغارو" أن تفكيك شبكات الكبتاغون القديمة أدى إلى ظهور لاعبين جدد، حيث تسعى الجماعات المسلحة إلى تقاسم السوق بدلاً من إنهائها.
وتأكيداً لهذه الفرضية، اندلعت في شباط الماضي اشتباكات عنيفة بين قوات النظام الجديد وعشائر مرتبطة بحزب الله عند الحدود السورية-اللبنانية، ما يعكس الصراع على النفوذ داخل تجارة المخدرات، خصوصاً بعد خسارة الحزب العديد من مصادر تمويله.
تشير تقارير أممية إلى أن حزب الله أصبح ثاني أكبر منتج للكبتاغون بعد سقوط النظام السابق، مستغلاً خبراته السابقة في التهريب عبر الحدود السورية واللبنانية. ورغم الضربات التي تعرض لها من قبل إسرائيل، لا يزال الحزب يعتمد على هذه التجارة لتمويل عملياته وإعادة بناء شبكاته.
وتظهر مقاطع فيديو انتشرت عقب سيطرة الفصائل المعارضة على دمشق، حجم المختبرات التي تم العثور عليها داخل المصانع والمباني المهجورة، فضلاً عن مخزونات ضخمة من الكبتاغون كانت تُهرّب عبر شبكات معقدة تشمل الأردن ولبنان والعراق.
لم يقتصر الأمر على سوريا ولبنان، إذ شهد إقليم كردستان العراق زيادة ملحوظة في عمليات تهريب الكبتاغون، خاصة من قبل مجموعات عراقية وأكراد مرتبطين بإيران. ووفقاً لتحقيق "لو فيغارو"، فإن العراق انتقل من كونه مجرد معبر لهذه التجارة إلى نقطة إنتاج رئيسية، مع ظهور مصانع جديدة في محافظة الأنبار الحدودية مع سوريا.
وتنقل الصحيفة عن أحد سكان كردستان قوله إن "الكبتاغون وصل أولاً عبر إيران، بمشاركة مجموعات مثل الحشد الشعبي وحزب الله، بالإضافة إلى فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني"، مما أدى إلى انتشار واسع للإدمان داخل المجتمع المحلي وتحويل كثيرين إلى تجار ومروجين.
في ظل انهيار النظام السوري السابق، يبقى من غير المرجح أن يتوقف تدفق الكبتاغون على المنطقة. فبدلاً من القضاء على هذه التجارة، يبدو أنها تمر بمرحلة إعادة تشكيل، حيث تسعى الفصائل المختلفة إلى ترسيخ سيطرتها على سوق المخدرات الذي يُدر مليارات الدولارات سنوياً.
وكالات