وسط الحرب... اختفاء القاصرات في السودان!
2025-03-13 09:25:49
تشهد العاصمة السودانية الخرطوم تصاعدًا مقلقًا في حالات اختفاء الفتيات القاصرات، خاصة في مناطق جنوب الحزام، حيث سُجلت أكثر من 11 حالة اختفاء خلال الأشهر الأخيرة، كان آخرها اختفاء الفتاة منال عبد الله (17 عامًا) في 28 شباط الماضي.
هذه الظاهرة أثارت العديد من التساؤلات حول أسبابها وخلفياتها. وأوضحت "غرفة طوارئ جنوب الحزام" أن أغلب الفتيات المفقودات تتراوح أعمارهن بين 16 و18 عامًا، وهن من أحياء جنوب الخرطوم مثل اليرموك، الأزهري، والمنصورة.
وأشارت المصادر إلى أن بعض الأسر أبلغت عن اختفاء بناتها في ظروف غامضة دون تلقي أي مطالب فدية أو رسائل تشير إلى أماكن وجودهن. وأصدرت "الغرفة" بيانًا رسميًا دعت فيه الأسر إلى الحذر.
وفي تصريح لـقناة "العربية"، قال أحد أقارب الفتيات المختفيات: "ابنة عمّي خرجت لقضاء حاجة قصيرة ولم تعد.. بحثنا عنها في كل مكان ولكن بلا جدوى". وأضاف أن العائلة تعيش كابوسًا مستمرًا.
حتى الآن، لم تتمكن أي جهة رسمية أو غير رسمية من تقديم تفسير واضح لهذه الحوادث المتكررة، ما فتح الباب أمام فرضيات متعددة.
وفي حديث لـ"العربية.نت"، أكدت مصادر مطلعة أن الاضطرابات الأمنية في البلاد منذ اندلاع الحرب ساهمت بشكل مباشر في تزايد حالات الاختفاء القسري، محذرة من أن استمرار هذه الظاهرة دون تدخل عاجل قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، خاصة مع المخاوف من استغلال الفتيات المختفيات في عمليات اتجار بالبشر أو أنشطة غير مشروعة.
وقد طالبت غرفة طوارئ جنوب الحزام الجهات القانونية والإنسانية بفتح تحقيق فوري لكشف ملابسات هذه الحوادث وضمان سلامة الفتيات والكشف عن مصيرهن. وأكدت أن القوانين الدولية، بما في ذلك اتفاقيات جنيف وقرار مجلس الأمن 1325، تلزم الجميع بحماية النساء والفتيات في أوقات النزاعات المسلحة.
من جانبها، أكدت المجموعة السودانية لضحايا الاختفاء القسري أن حالات اختفاء الفتيات شهدت ارتفاعًا غير مسبوق منذ بداية الحرب. ففي حين لم تسجل أي حالات مماثلة بعد فض اعتصام القيادة العامة في حزيران 2019، ولم تتجاوز حالة واحدة بعد 25 تشرين الأول 2021، فإن العام الأول من الحرب شهد اختفاء 149 فتاة من بين 1,140 حالة اختفاء قسري وثّقتها المجموعة.
وكشف عثمان البصري، عضو المجموعة، في تصريحات لـ"العربية"، أن هذه الأرقام قد لا تعكس الصورة الكاملة، إذ قد يكون العدد الحقيقي أكبر بكثير بسبب تردد العديد من الأسر في الإبلاغ عن اختفاء بناتها، إما بسبب العوائق الأمنية أو مخاوف اجتماعية تتعلق بوصمة العار المرتبطة بغموض اختفاء الفتيات.
أضاف البصري أن ظاهرة الاختفاء القسري في السودان لم تعد تقتصر على الاحتجاز السياسي، بل شملت أنماطًا أكثر خطورة، مثل الاتجار بالفتيات، استعبادهن للعمل القسري، تجارة الجنس، أو إجبارهن على الزواج القسري. وأشار إلى تقارير تفيد باختطاف بعض الفتيات بغرض الحصول على فدية أو استغلالهن في أنشطة إجرامية، أو حتى تعرضهن للعنف الجنسي.
وأعرب عن أسفه لأن الحرب خلقت بيئة خصبة لانتشار هذه الممارسات في ظل غياب الرقابة الأمنية والقانونية. كما شدد على ضرورة تحرك الجهات المعنية، سواء الحكومية أو الدولية، لمعالجة هذه الأزمة.
ودعا البصري اللجنة المعنية بحالات الاختفاء القسري إلى إرسال بعثة تحقيق إلى السودان لكشف الانتهاكات المستمرة بحق الفتيات المختفيات، مؤكدًا أن دور الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان بات أكثر أهمية لضمان إجراء تحقيقات شفافة في هذه القضايا.
وختم قائلاً: "على المجتمع الدولي أن يدرك أن هذه القضية ليست مجرد أرقام، بل هي مأساة إنسانية تمس مئات الأسر السودانية التي تعيش كل يوم في رعب بسبب غياب بناتها دون أثر".
وكانت عدة منظمات إنسانية وأممية قد أكدت في تقارير سابقة أن الصراع في السودان أدى إلى تزايد حالات اغتصاب النساء والفتيات، بما في ذلك بعض الفتيات بعمر 12 عامًا، واختطافهن. كما أشار فولكر تورك، مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، إلى وجود تقارير موثقة عن عمليات اغتصاب طالت النساء والفتيات في البلاد.
وكالات