يوم الاثنين أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون أن لجنة مراقبة تنفيذ القرار 1701 برئاسة الجنرال الاميركي جاسبر جيفرز ستعقد اجتماعا في اطار الاجتماعات الدورية لها، عصر الثلثاء في الناقورة. طلب الرئيس عون أن يلتقي الجنرال الاميركي قبل التوجه الى الناقورة. فعقد اللقاء صباح الثلثاء في القصر الجمهوري في حضور السفيرة الأميركية ليزا جونسون ونائبة مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ناتاشا فرانشيسكي والملحق العسكري الأميركي في لبنان الكولونيل جوزيف بيكر وعدد من معاوني جيفرز.عون للضغط على اسرائيلفي الاجتماع، قال رئيس الجمهورية للضيوف الاميركيين إن أسابيع مرت على مهلة الثامن عشر من شباط ولم يتحقق حتى اليوم وقف اطلاق النار أو وقف العمليات الحربية والغارات والاغتيالات والطلعات الجوية. والاخطر استمرار الاحتلال للتلال الخمس والتمدد الاسرائيلي بشكل فرض منطقة عازلة حدودية. كما مرت أسابيع وقضية الاسرى لا تزال عالقة، لم تتقدم أي مفاوضات بشأن تسليمهم للبنان. في وقت أن لبنان يلتزم بجانبه من الاتفاق.
وبما أن اللجنة ستجتمع بحضور الجانب الاسرائيلي، طلب الرئيس من الجنرال الاميركي جيفرز التشدد مع اسرائيل والضغط عليها للوفاء بالتزاماتها، ما دامت الولايات المتحدة أحد الطرفين الاساسيين، الى جانب فرنسا، المؤثرين عليها. وُعد الرئيس خيرا وغادر الضيوف بعبدا عائدين أدراجهم بطوافة عسكرية. في اجتماع الناقورة، نقلت ملاحظات رئيس الجمهورية وموقفه الرافض لاستمرار الخروقات والاعتداءات والاحتلال والاسر. وجه الجانب الأميركي طلبا واضحا لإسرائيل للقيام بخطوات إيجابية والالتزام بجانبها من الاتفاق. فكانت الموافقة السريعة على اطلاق دفعة من الاسرى اللبنانيين لديها، وعددهم خمسة. تحرك الصليب الاحمر اللبناني مباشرة وانجزت التدابير اللوجستية وسلم أربعة من خمسة. نقل اثنان الى المستشفى لحاجة الاول الى معالجة جراء اصابته في كسر في ظهره، والثاني لاصابته بجروح متفرقة، فيما سلم اثنان الى ذويهما. أما الخامس وهو الجندي في الجيش اللبناني زياد شبلي الذي اختطفته اسرائيل في التاسع من الشهر الجاري في خراج بلدة كفرشوبا، يسلم بشكل منفصل.
حل ثلاثي؟لم تنجح اسرائيل بالادعاء بحسن النية بالموافقة على اطلاق دفعة من الاسرى. اذ أصر الجانب اللبناني على الحصول على أجوبة على الانسحاب الاسرائيلي من التلال الخمس والمباشرة بحل قضية الحدود والنقاط الـ 13 المتنازع عليها، الى جانب اقفال ملف الاسرى بشكل نهائي. في الانسحاب من التلال المحتلة بعد الثامن عشر من شباط واقامة مناطق عازلة، تذرعت اسرائيل بأن وجود جنودها على تلال اللبونة، جبل بلاط، جل الدير، مركبا، وتلة الحمامص، بالاضافة الى مناطق عازلة في الضهيرة وبسطرا وطريق كفركلا العديسة، هو من أجل أمن مستوطنات ومستوطني الشمال، لان قسما كبيرا منهم يرفض العودة طالما لم يشعروا بأن أمنهم مستتب.ولان لبنان مصر على الحصول على أجوبة وترجمة فعلية لها، ليس فقط بموضوع الاسرى، وهذا ما أفهمه الرئيس عون للجنرال جيفرز في اجتماع بعبدا، وهو أعطى توجيهاته للجانب اللبناني المشارك في اللجنة بالتشدد بموقف لبنان تجاه اسرائيل، اتفق في محصلة النقاش على مقاربة كل الملفات العالقة بين لبنان واسرائيل بالتوازي، عبر تشكيل ثلاث لجان تقنية عسكرية منبثقة من لجنة الرقابة، تتولى كل منها مهمة محددة.اللجنة الاولى تتولى ملف الاسرى، والثانية تتولى النقاط الـ13، والثالثة تتولى ملف التلال. في ملف الاسرى، لا يزال هناك 7 أسرى لحزب الله معروفة هوياتهم، ومن ضمنهم القبطان البحري عماد امهز الذي اختطفته اسرائيل بعملية انزال بحري في البترون. مع العلم أن هناك معلومات أن عدد الاسرى الحقيقي هو 16 وليس 11. لكن لا يمكن تحديد هوياتهم لان أعداد المفقودين من مقاتلي الحزب كبير، ولا يعرف ما اذا استشهدوا ولم يتم العثور على جثثهم أو أن بعضهم في الإسر. هذا الملف ستعمل اللجنة المصغرة على استكماله، والجانب اللبناني يطمح الى انهائه في أقرب فرصة ممكنة.
تثبيت حدود اتفاق 1923في ملف النقاط الـ13 المتنازع عليها منذ حرب تموز العام 2006، كان انجز قبل حرب الاسناد الاتفاق على سبع نقاط من الـ13 من خلال اللجنة الثلاثية التي يشارك فيها لبنان واسرائيل واليونيفيل. بعد الحرب عادت الامور الى نقطة الصفر، واليوم سيكثف التفاوض من خلال اللجنة المصغرة لانجاز التفاهم حولها كلها، ولبنان يصر على ازالة الاعتداءات واحتلال المواقع التي تمتد من رأس الناقورة الى مزارع شبعا.حل النزاع حول النقاط الـ13، كما الانسحاب من التلال الخمس ونقاط العزل المستحدثة بعد الحرب الاخيرة، يعني العودة الى تثبيت الحدود الجنوبية المعترف بها دوليا بموجب الاتفاق بين الدولتين اللبنانية والفلسطينية في العام 1923. حدود اعتمدت كأساس في اتفاقية الهدنة مع اسرائيل في العام 1949، والتي لا يزال لبنان يتمسك بها حتى اليوم. كما يعتبر أن اتفاق الهدنة يمكنه أن ينظم أي وضعية في المستقبل لتثبيت استقرار وأمن الحدود بموازاة تطبيق الـ1701 كاملا، وانتشار الجيش اللبناني واحتكاره السلاح في الجنوب، كما على سائر الاراضي اللبنانية.التعيينات سلكتولأن التحديات الأمنية كبيرة بدءاً من الجنوب، وما دامت اسرائيل تراوغ وتعتدي ولا تلتزم باتفاق ولا تحدد أفقا زمنيا لانسحابها ووقف خروقاتها واعتداءاتها، تقدم ملف التعيينات العسكرية والامنية على ما عداه من تعيينات عديدة في أسلاك الدولة الاخرى.
في جلسة مجلس الوزراء الخميس ستسلك هذه التعيينات في سلة واحدة بعدما كانت ستقر بالمفرق. الاسهل فيها كانت قيادة الجيش وأمن الدولة. الكلمة الفصل في الترشيح للموقعين لرئيس الجمهورية الذي رشح مدير العمليات في الجيش اللبناني العميد رودولف هيكل لقيادة الجيش، وممثل لبنان في اللجنة الخماسية لمراقبة تنفيذ ال1701 قائد قطاع جنوب الليطاني في الجيش العميد ادغار لاوندس لموقع المدير العام لامن الدولة. اقرار التعيينات العسكرية والامنية في سلة واحدة، كان اصطدم في البداية بالتباين بين الثنائي أمل وحزب الله حول الشخصية التي ستتولى المديرية العامة للامن العام من جهة، وتحفظ رئيس الجمهورية على الاسماء التي طرحها الثنائي من جهة أخرى. فالرئيس نبيه بري كان رشح العميد في الامن العام مرشد سليمان، وحزب الله طرح العميد في الامن العام فوزي شمعون. لكن رئيس الجمهورية تحفظ على ترشيح سليمان، وطرح على الثنائي اسم رئيس فرع مخابرات البقاع في الجيش العميد محمد الامين. الثنائي اعتبر أن الامين محسوب على الرئيس، وأنه في هذه الحال لن يكون له كلمة في التسمية في الموقع الشيعي الامني الارفع في الدولة، حاول تسويق اسم العميد في الامن العام خطار ناصر الدين. لكن هذا الترشيح رفض أيضا، وانتهى الامر بتوافق الرئيس والثنائي على نائب رئيس جهاز أمن الدولة العميد حسن شقير لتعيينه مديرا عاما للامن العام، الذي كان في الاساس مرشح الثنائي للموقع منذ سنتين. والرئيس لم يعارض لما يعرف عن مناقبية ومهنية شقير ونجاحه في المهام التي تولاها من أبرزها ملف الفيول العراقي للبنان. أما العميد مرشد سليمان فسيحل محل شقير كنائب مدير عام أمن الدولة. أيضا لم تكن الامور سالكة في تعيين المدير العام لقوى الامن الداخلي. ففي معلومات المدن أن الرئيس فؤاد السنيورة كان دخل على خط الملف وطلب تعيين العميد محمود قبرصلي. اسم لم يطابق المواصفات التي حددها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة فاتفق على العميد رائد عبدالله الذي تردد أن تيار المستقبل طرح اسمه وأن رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة اعتبرا أنه يطابق المواصفات المطلوبة للموقع. كل هذا يأتي على وقع مشهد يزداد تعقيدا في الجنوب، على الرغم من الخرق الوحيد في ملف الاسرى، خصوصاً وان اسرائيل تحاول أن تستغل طرح تشكيل اللجان الثلاث لجر لبنان الى محادثات تمهد للتطبيع عبر ضم ديبلوماسيين الى صفوف العسكريين في اللجان، الامر الذي رفضته بيروت مشددة على الدور التقني البحت للجان المصغرة كما للجنة الخماسية ، تتولى مفاوضات بوساطة دولية لحل المسائل العالقة مع اسرائيل في اطار استكمال تطبيق القرار 1701، ولن يشكل عملها أي مقدمة للتطبيع.