لم يمض على إعلان المدعي العام التمييزي، القاضي جمال الحجار، قراره بإعادة التعاون مع المحقق العدلي في قضية المرفأ، طارق البيطار، ساعات قليلة حتى رُفعت شكوى قضائية بحق البيطار بجرم اغتصاب السلطة المدنية والنفوذ لمنعه من استكمال الملف وجلسات التحقيق.شكوى ضد البيطارهي شكوى مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي، جُهزت في الرابع والعشرين من شباط الماضي، من قبل حسن أمين وهو شقيق إبراهيم أمين، أحد ضحايا تفجير المرفأ ووالدته يسرى أبو صالح، تحسبًّا لأي تطور في الملف لا يتناسب مع وجهة نظرهم. وجُمدت هذه الشكوى فلم تُقدم أمام النيابة العامة التمييزية بعد تحضيرها. وبعد إعلان الحجار قراره بإعادة التعاون مع البيطار، سُحبت هذه الشكوى من الأدراج وقُدمت يوم أمس الثلاثاء 11 آذار أمام الحجار بعد إلغاء قرار المدعي العام التمييزي السابق غسان عويدات. ما يعني أن الدعاوى كانت مُجهزة للإطاحة بالبيطار فور عودته للملف.
ما حصل كان متوقعًا وليس مستغربًا، فإن مجموعة من "عوائل شهداء المرفأ" (كما يفضلون تسميتهم) يعتبرون بأن البيطار تقصد تسييس الملف، ويتهمونه بأنه "المسؤول عن أحداث الطيونة وأدخل القضية في دهاليز المصالح السياسيّة"."تسوية سياسية"من جهته، كان إبراهيم حطيط، شقيق ضحية المرفأ ثروت حطيط، وهو أحد مؤسسي لجنة العوائل التي انشقت عن لجان أهالي الضحايا بعد المواجهة التي أطلقها الثنائي الشيعي ضد البيطار، واضحاً في حديثه لـ"المدن"، إذ وصفت خطوة الحجار بأنها انقلاب على القضية، وأن ما حصل كان نتيجة "تسوية سياسية"، لافتًا إلى أن هناك "صفقة" جرى الاتفاق عليها بين الطبقة السياسية والقضاة من أجل إنهاء ملف المرفأ وتسييسه، ووصف إعادة التعاون مع البيطار بمثابة "المؤامرة"، مكررًا بأن البيطار لا يملك حق العودة للملف.شكاوى ودعاوىوحسب معلومات "المدن" فإن حالة من الاستياء تسيطر على الأهالي نتيجة إعادة التعاون مع البيطار. وهناك عدة اجتماعات نُظمت خلال الساعات الماضية بهدف اتخاذ الموقف المناسب من هذه القضية ومنع البيطار من العودة لملفه. ووفقًا لمصادر "المدن" فإن مجموعة من الأهالي يتجهزون لتقديم الشكاوى والدعاوى ضد البيطار، ولم تنف مصادر من أهالي الضحايا احتمال "تقديم شكوى ضد الحجار بسبب كسره لقرار عويدات وإعادة التعاون مع البيطار".
ما أهمية هذه الدعوى؟بحسب مصادر "المدن" فإن هذه الشكوى ليس بمقدورها منع البيطار من متابعة جلسات استجواباته خلال الأسابيع المقبلة. لكن تقديمها أمام النيابة العامة التمييزية هو من أجل الضغط أكثر على القاضي الحجار، لأنه في هذه الحالة يتطلب منه متابعة هذه الشكوى وبدء التحقيق فيها وبالجرائم المتهم بها البيطار من قبل المدعين، وفي حال توصل لمعطيات معينة، بامكان الحجار الادعاء على البيطار، ما يعني أنها خطوة تهدف لإحراج الحجار أكثر.
في المقابل، تفيد مصادر قضائية لـ"المدن" إلى أن البيطار سيعيد تحويل الدفع الشكلي الذي تقدم به العميد المتقاعد في الأمن العام محمد حسن مقلد للنيابة العامة التمييزية لإبداء الرأي من أجل البت به قبل موعد جلسة التحقيق، وبعد انتهاء هذه الجلسة تبدأ المرحلة الأخيرة من ملف المرفأ وهي جلسات استجواب السياسيين والقضاة والأمنيين. ووفقًا لمصادر "المدن" فإن هذه المرحلة لن تنطلق قبل اتضاح آلية التعاون بين البيطار والحجار، وسيسبقها سلسلة من الاجتماعات القضائية وسيسلم البيطار الاستنابات والمحاضر من النيابة العامة التمييزية التي منعت سابقًا عنه.
إذن، لا يُملّ من مشهد عرقلة تحقيق المرفأ، وهي محاولات جديدة لمنع البيطار من ختم تحقيقاته وإصدار قراره الظنيّ. يُذكر أنه سبق وأن توقف عن متابعة ملفه لأكثر من عام ونصف نتيجة 44 دعوى قضائية مقامة ضده، إلى حين إعداده الدراسة القانونية استند فيها إلى اجتهاد قانونيّ وقرر العودة لملفه.