لم تهدأ ردود الأفعال الطبية بعد التقرير الإخباري الذي بثته محطة MTV اللبنانية حول دواء الـ"كونكور"، والذي اعتبره كثر، تقريراً غير مهني، ويزخر بالمغالطات الطبية التي أدت إلى إثارة الذعر بين المرضى، مما فتح باباً واسعاً للنقاش حول دور الإعلام في تناول المواضيع الطبية والعلمية.
MTV decides to do a medical show saying concor is bad and will kill you. I get 10 calls today from patients with Angina and heart failure asking to stop it.MTV You are NOT allowed to give bad medical advise! It is dangerous!@MTVLebanon @MTVLebanonNews @mophleb
— Fadi Sawaya (@fjsawaya) March 5, 2025
دواء لأمراض القلب
والـ"كونكور"، أو ما يُعرف علمياً بـ"بيسوبرولول"، هو دواء يُستخدم بشكل شائع لعلاج ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، مثل الذبحة الصدرية وفشل القلب المزمن. ويعمل عن طريق تقليل معدل ضربات القلب وانقباض عضلة القلب، مما يقلل من استهلاك الأوكسجين ويحسن كفاءة ضخ الدم، وبالتالي يساهم في خفض ضغط الدم وخفض العبء على القلب.
وعلى الرغم من فعاليته، قد يسبب الـ"بيسوبرولول" بعض الآثار الجانبية، مثل الدوخة، التعب، بطء ضربات القلب، أو انخفاض ضغط الدم. في بعض الحالات، قد يؤدي إلى تفاقم أعراض الربو أو مشاكل في الدورة الدموية الطرفية لدى بعض المرضى. ومع ذلك، فإن هذه العوارض نادرة وقابلة للإدارة إذا تم استخدامه تحت إشراف طبي.
Spreading incomplete information is dangerous! Any medication has a side effect and we can not just talk about the POSSIBLE side effect and disregard the benefits! Patients are freaking out and stopping life threatening medication because of a reports done by @MTVLebanonNews pic.twitter.com/aIakonK6IO
— Bernard Harbieh (@harbiehbernard) March 5, 2025
تضخيم العوارض
إلا أن التقرير الإعلامي الذي بثته قناة MTV، تجاهل بشكل واضح الجوانب الإيجابية للدواء، وركّز بشكل مبالغ فيه على بعض العوارض الجانبية، مما أدى إلى نشر حالة من الذعر بين المرضى. وقال طبيب القلب برنارد حربية في تصريح لـ"المدن"، إن "الكثير من المرضى أصابهم الذعر ورفضوا تناول الدواء حتى بعدما تم شرح الموقف لهم". وقال: "علينا أن نفهم أن كل دواء له عوارض جانبية، والكونكور ليس استثناءً. لكن، يجب التعامل مع هذا الموضوع بشكل علمي بعيد من إثارة الهلع".
وأوضح حربية أن من حق الإعلام التحدث عن العوارض الجانبية للأدوية، لكن من الضروري أيضاً تسليط الضوء على فوائد هذا الدواء. وأشار إلى "ضرورة توجيه المرضى لاستشارة الطبيب قبل اتخاذ أي قرار". وقال: "هذه العوارض الجانبية موجودة، لكن لا يجوز التهويل بها من دون الحديث عن الفوائد العلاجية"، مشيراً إلى أن 80 إلى 90% من المرضى لا يختبرون هذه العوارض.
ورأى حربية أنه "من غير القانوني تحديد اسم دواء بعينه في التقارير الإعلامية، بل يجب تحديد المكونات الفعالة، وهو ما يُعد خرقاً للقوانين المعمول بها". وانتقد تحديد اسم الدواء في التقرير، معتبراً أن ذلك "يعكس نقصاً في الإلمام بالقوانين الإعلامية والصحية". كما أشار إلى أن الكثير من الناس نسي الفوائد العديدة التي يقدمها الدواء، وهو دواء معروف ويستخدم منذ أكثر من 50 عاماً. ورغم ذلك، "لم يعتمد التقرير على مراجع طبية موثوقة، بل اكتفى بالاعتماد على الإنترنت كمصدر للمعلومات".
Bad press gets the attention of the public @MTVLebanonNews @MTVLebanon This is an incredibly malignant message.It led to a total chaos among half of the patients that are on this drug for life-threatening arrhythmias, and the channel knows that very well... https://t.co/jNqO42Lb8c
— Bernard Abi-Saleh MD (@AbiSalehBernard) March 7, 2025
استجابة نقابة أطباء القلب
وأصدرت نقابة أطباء القلب تقريراً رسمياً بهذا الشأن، حسبما يقول حربية، مضيفاً أن "نقيب الأطباء تواصل مع وزير الصحة في محاولة لتوضيح الحقائق، كما تم التواصل مع القناة الإعلامية المعنية، لكن حتى الآن لم يتم الحصول على أي رد".
View this post on Instagram
A post shared by Dr. Bernard Harbieh (@bernardharbieh)
استغلال الإعلام
هذه الحادثة فتحت النقاش مجدداً حول كيفية تعامل الإعلام مع المواضيع الطبية والعلمية، مما يعكس الحاجة الماسة إلى الالتزام بمبادئ الدقة والمهنية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بصحة الناس وأمانهم. وفي ظل التطور السريع في عالم الأدوية والعلاج، أصبح من الواضح أن الإعلام قد يُستغل أحياناً كأداة لتمرير أجندات معينة أو للترويج لدواء جديد على حساب دواء آخر، وفق ما يرى متخصصون بالاعلام.
ويرى هؤلاء أن "هذا التلاعب الإعلامي قد يتخذ شكل تغطية غير متوازنة أو تركيز مفرط على عوارض جانبية معينة، من دون النظر إلى الفوائد أو السياق الطبي الكامل، مما يساهم في نشر معلومات مغلوطة قد تؤثر سلباً في المرضى".
ومن شأن تلك الخروق للأخلاقيات الاعلامية، أن تثير القلق، بالنظر الى أن تلك المداولات الاعلامية قد لا تضر بسمعة الأدوية فحسب، بل قد تُعرّض حياة المرضى للخطر، وقد اختبر العالم هذه المعضلة إثر شيوع المعلومات المضللة حول لقاح "كوفيد" قبل أربع سنوات، ونشطت حملات إعلامية تذكر بالاخلاقيات الاعلامية المتصلة بالمداولات الطبية.
ويُنظر الى هذا الترويج على أنه "غير متوازن"، وقد يتم "من خلال نشر معلومات مغلوطة أو التركيز على جوانب سلبية لدواء معين، في حين يتم تجاهل إيجابياته، مما يؤدي إلى خلق حالة من الارتباك والخوف بين المرضى".
وفي محاولة لاستبيان موقف MTV، حاولت "المدن" التواصل مع معد التقرير، الزميل ماريو دويري، من دون أن تتمكن من الحصول على تعليق أو توضيح.