تدعي الشرطة العسكرية الإسرائيلية أنها بدأت مؤخراً التحقيق في استخدام الجيش الإسرائيلي مدنيين فلسطينيين كدروع بشرية خلال الحرب على قطاع غزة. وتحقق الشرطة العسكرية الإسرائيلية، بإيعاز من النيابة العسكرية، في ست حالات استُخدم فيها مدنيون فلسطينيون كدروع بشرية.
يأتي هذا التحقيق في أعقاب تقرير صادر عن الصليب الأحمر الدولي، في كانون الثاني/يناير الماضي، وضغوط دولية على إسرائيل، علماً أن القوات الإسرائيلية استخدمت مدنيين غزيين كدروع بشرية منذ بداية الحرب تقريباً. وتصف القوات الإسرائيلية هؤلاء المدنيين الغزيين بأنهم "شاويش"، بمعنى "خدم" و"عبيد"، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس"، اليوم الاثنين.شهادات سكانوسلم الصليب الأحمر قائد القيادة الجنوبية للجيش الإسرائيلي يارون فينكلمان، شهادات أدلى بها سكان في قطاع غزة، جرى إرغامهم على أن يشكلوا دروعا بشرية، بعد تهديدهم هم وعائلاتهم بأنهم سيُستهدفون في حال لم ينفذوا أوامر الجيش الإسرائيلي في هذا السياق، وبعضها موثق بصور ومقاطع مصورة.وأكد الصليب الأحمر في تقريره، أن تسعة جرائم كهذه على الأقل، ارتكبتها القوات الإسرائيلية بين كانون الأول/ديسمبر 2023 وكانون الثاني/يناير 2025، هي شهادات موثوقة ومؤكدة، فيما نقلت الصحيفة عن جنود إسرائيليين كثيرين تأكيدهم أنهم كانوا شاهدين على جرائم استخدام مدنيين كدروع بشرية، وأن "ألوية ناحال وغفعاتي والكوماندوز مسؤولة عن معظم الحالات التي جرى التحقيق فيها وتبين أن موثوقة".مقتل كلاب الجيشوطولب المدنيون بداية بإضرام النار في مبانٍ سكنية وشقق ومخازن، وأحياناً تم إرسالهم إلى داخل المباني المشتعلة من أجل التأكد من أن النيران انتشرت في أنحائها، "وإذا لم تنتشر، فإن مهمتهم إضرام النار في المكان كله"، حسب الصحيفة.وأشارت الصحيفة إلى أن استخدام المدنيين الغزيين كدروع بشرية تزايد بعد مقتل كلاب الجيش الإسرائيلي أو أنها فقدت قدراتها العملياتية، ونقل جنود وحدة الهندسة القتالية الخبراء في تفكيك الألغام من القطاع إلى لبنان، وتعطل آليات هندسية، وحدوث نقص في سائقين محترفين."وحل المدنيون مكان جميع هؤلاء (الجنود) واختيروا بشكل عفوي، وتم تكليفهم بزرع مواد ناسفة في مبان مدنية ومراكز حماس التي سعى الجيش الإسرائيلي إلى هدمها"، وأحياناً طولبوا بالتأكد من عدم وجود مقاتلين فلسطينيين وألغام في الأنفاق، "وفي حالات أخرى – وفقاً للشهادات – زرعوا ألغاماً من أجل تفجير بنية تحتية في غزة، بدون دروع واقية أو خبرة أساسية في زرع الألغام"، وفق الصحيفة.هليفي يعلم وحسب الصحيفة، فإنه في إحدى الحالات أطلق مقاتلون فلسطينيون النار على أحد الفلسطينيين الذين حولهم الجيش الإسرائيلي إلى درع بشري، بعدما اعتقدوا أنه "متعاون" مع الجيش.وأكدت الصحيفة أن جهاز الأمن الإسرائيلي كان على علم بهذه الظاهرة، وبضمن ذلك رئيس أركان الجيش السابق هيرتسي هليفي، وقائد القيادة الجنوبية وكذلك النيابة العسكرية.ونقلت الصحيفة عن جندي إسرائيلي قوله إن الفلسطينيين الذين يستخدمهم الجيش الإسرائيلي كدروع بشرية، "هم مواطنون ليسوا مشتبهين بأي شيء، ولا يؤخذون إلى التحقيق، وليس واضحاً لنا كيف يختارونهم. وأحيانا يُستخدمون لأسابيع طويلة ويُنقلون من وحدة إلى أخرى. وهم ينامون في سلم داخل بناية استولت عليها وحدات عسكرية، وغالباً ما يحرسهم جندي. وهم يأكلون إذا ألقى أحد بالصدفة شيئا يأكلوه. وهم يخدمون القوات في حمل أحمال ثقيلة".ونقلت الصحيفة عن جندي إسرائيلي، قوله إنه "في الجيش الإسرائيلي يعلمون أن هذا لم يكُن حدثاً لمرة واحدة نفذه قائد سرية شاب وغبي قرر بنفسه القيام بذلك. وكان هذا ينفذ بعلم قائد لواء على الأقل. وطالب جنود كثيرون بتفسير لهذا الإجراء، لكن الضباط منعوا أي نقاش حول ذلك. وقالوا إن حياتنا أهم بكثير من حياتهم (الفلسطينيين)، ويفضل في نهاية الأمر أن يكون جنودنا على قيد الحياة وأن ينفجر اللغم بهم" أي بالفلسطينيين.