لا يشكل المنشور الأخير لرامي مخلوف سوى استمرار لمحاولته تقديم نفسه على أنه شخص منفصل عن عائلة الأسد، وإظهار نفسه على أنه شخص يدعو للتسامح، منذ العام 2020 عندما بدأت الخلافات بينه وبين العائلات مع سيطرة أسماء الاسد على الشركات الاقتصادية، والمؤسسات الاجتماعية والجمعيات الخيرية التي نشطت في الساحل السورية، مثل جمعية "البستان".
وأثار المنشور ردود أفعال واسعة بين السوريين، حيث تباينت المواقف بين من رأى فيه اعتبره خطوة للتهرب من المسؤولية أو محاولة لإعادة التموقع سياسياً بعد سقوط النظام، وآخرين رأوا أنها محاولة فاشلة من شخصية دعمت الأسد طوال سنوات الثورة والحرب للظهور بمظهر الداعي للسلم الاهلي.واعتبر معلقون أن مخلوف الذي كان الواجهة الاقتصادية لنظام ابن عمته بشار الأسد منذ العام 2000، يحاول التبرؤ من الأحداث الأخيرة بعد فشل الفصيل المسلح الذي كان داعماً له، متهمينه بأنه شريك في المخطط لكنه تراجع بعد إخفاقه، وكتب أحد الناشطين: "رامي مخلوف نفسه اعترف بتجنيد مدنيين للقتال مقابل الأموال. هو ذاته قال إن مدنيين حملوا السلاح مقابل أموال دفعها (غياث) دلا! تخيلوا أن رامي فاهم وبعض جماعتنا ما فاهمين!"وذهب إلى وصف مخلوف بأنه يحاول التلاعب بالرأي العام، مستغلاً الظروف السياسية الحالية، وكتب: "بعد الفشل الذريع الذي خططت له إيران وإسرائيل وفلول النظام لتصوير القيادة الجديدة بأنها وحشية، وفبركة مجازر للحصول على تدخل دولي وتقسيم سوريا، يطل علينا رامي مخلوف كطفل وضيع يبرئ نفسه مما يحصل".ورأى آخرون أن مخلوف يسعى لاستغلال الطائفة العلوية مجدداً في محاولة لإعادة بناء نفوذه السياسي، فكتب أحدهم: "مازال يطمح لوجود دور له، ولهذا السبب يخاطب السلطة، مقدماً نفسه كوسيط قادر على تهدئة الناس في الساحل." وأضاف: "الفقرة الأخيرة من منشوره استخدم فيها لغة دينية وأعطى وعوداً لأبناء الساحل بأنه قادر على تغيير الواقع، وهذا يعني أنه لا يزال يعتبر نفسه المتحدث باسم الطائفة. المشكلة أن البعض قد ينجرف خلفه مجدداً، وهذا هو الخطر الأكبر".في المقابل، اعتبر بعض الناشطين أن منشور مخلوف جاء في الوقت المناسب لتهدئة الأوضاع المتوترة في الساحل السوري في محاولة لإنقاذ ما تبقى من البلاد عبر خطاب تصالحي، كتب أحد المعلقين: "عين العقل صنعت يا رامي مخلوف." في حين كتب آخر: "شكراً من القلب للأيادي البيضاء التي تدعو إلى السلم الأهلي.. سوريا بحاجة إلى جميع أبنائها للوقوف معها، وبحاجة إلى صوت العقل".ويرى أصحاب هذا الرأي أن المرحلة الحالية تتطلب حلولاً سياسية واجتماعية لوقف الدمار، وأن التصعيد لا يخدم أحداً، مشددين على أهمية التكاتف بين السوريين بدلاً من إذكاء الانقسامات الداخلية.إلى ذلك، كان التشكيك في صحة المنشور حاضراً في التعليقات، حيث تساءل بعض الناشطين عن سبب عدم ظهور مخلوف في فيديو مصور كما كان يفعل سابقاً. وكتب أحدهم: "لماذا لم يظهر مخلوف بفيديو كالعادة؟ قبل سقوط النظام، كان يخرج دائماً في تسجيلات مصورة ليهاجم الأسد ويدعي أنه يريد إنصاف الناس. الآن فجأة يكتفي بمنشور على فايسبوك؟ أين هو أصلاً؟ حدا بيعرف؟"، متسائلين عن مكان رامي مخلوف بعد سقوط الأسد.ويعكس هذا الجدل حالة الانقسام في الشارع السوري بين من يرى أن منشور مخلوف يمثل اعترافاً واضحاً بمسؤولية بعض قيادات النظام السابق عن المجازر، وبين من يعتقد أنه مجرد محاولة لإعادة تموضعه سياسياً أو أنه قد لا يكون صادراً عن مخلوف نفسه، خصوصاً في ظل عدم معرفة مكانه الفعلي حالياً.وكان مخلوف كتب منشوراً عبر صفحته في "فايسبوك"، وجه فيه اتهامات مباشرة لقائد الفرقة الرابعة السابق غياث دلا وآخرين من بينهم رئيس الأمن العسكري في زمن النظام، محملاً إياهما مسؤولية المجازر التي شهدها الساحل السوري، ومتهماً إياهما باستغلال المدنيين والزج بهم في معارك دامية.واتهم مخلوف دلا وحلفاءه بالمتاجرة بدماء المدنيين في الساحل السوري، حيث استغلوا حاجتهم إلى المال بعد فقدانهم وظائفهم، وأوهموهم بأنهم يسيطرون على المنطقة ويحتاجون إليهم لحمايتها، قبل أن يتركوهم لمصيرهم ويفروا من المواجهات. وأوضح أن عناصر دلا بدأوا بمهاجمة قوات الأمن العام السوري، ما دفع الأخيرة إلى الرد بعنف ترافق مع انتهاكات بحق مدنيين، ووجه مخلوف انتقادات لاذعة للرئيس السوري الهارب بشار الأسد، متهماً إياه بتدمير سوريا، وإفقار شعبها وتقسيمها وتجويع مواطنيها، قبل أن يفر بثروات ضخمة كانت كفيلة بإنهاء معاناة السوريين. واعتبر مخلوف أن النظام زج بالطائفة العلوية في صراع لا تمتلك مقومات النجاح فيه، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين. ومن غير المعروف أين يعيش رامي مخلوف حالياً، وكان خرج في فيديو قبل سقوط النظام بأيام، وعرض تقديم الدعم للجيش السوري بمبلغ 50 مليار ليرة في محاولته لإعادته إلى حضن العائلة.