2025- 03 - 10   |   بحث في الموقع  
logo الساحل السوري: أبوعمشة والحمزات يتابعون القتل والنهب logo دمشق: الشرع يوقّع اتفاقاً مع عبدي.. لدمج قسد بالدولة logo زيلينسكي وروبيو في السعودية لحلّ مسألة المساعدات والحرب logo مصادر "المدن": توجه لاتفاق مع السويداء..مماثل للاتفاق مع قسد logo بعد فيديو "الانتهاكات"... الإدارة السورية تقبض على عنصرين في الأمن logo إدارة ترامب تُلغِي 83% من برامج "USAID" logo الشرع يتهم إيران دون تسميتها: قتل العلويين يهدد الوحدة logo سلام: فقدنا في السنوات الماضية فرصًا كبيرة
فسبكات عن الساحل السوري: هنادي العلوية وإيلي الماروني
2025-03-10 14:55:44

هنا مختارات من الفسبكات التي كتبت حول الحرب والمأساة الأخيرة في الساحل السوري.
مروان أبي سمرا
منذ الأمس لم تفارقني مأساة الكاتبة والناشطة السورية هنادي زحلوط التي فقدت أشقاءها الثلاثة في مجزرة قرية "صنوبر جبلة" العلوية في الساحل السوري. لقد أُعدِم أشقاؤها وشباب القرية جميعاً إعداماً ميدانياً بدم بارد، فقط لأنهم علويون. وهنادي زحلوط نفسها كانت قد اعتقلت وسجنت وعذبت في بداية الثورة السورية. وكما يروي الكاتب السوري جولان حجي في كتاب "إلى أنْ قامت الحرب، نساء في الثورة السورية"، فإن هنادي عُنّفت في المعتقل تعنيفاً مضاعفاً لأنها من قرية علوية في جبال الساحل. بل أن التعنيف أتاها من كل حدب وصوب، فقريتها نفسها تبرّأت منها. وعندما اقتيدت إلى المحاكمة في المجلس العدلي، هاجمتها قريبتها، المحامية المنتظرة أمام البوّابة، وضربتها، ثأراً من الفضيحة باقتلاع شعر رأسها، وشتمتها: يا عاهرة، تريدين أنْ تعارضي النظام، و"صرماية" بشار الأسد تساوي عائلتك كلّها؟
ربما لم تفارقني مأساة هنادي لأنها أعادتني إلى المأساة التي عاشها بعض أصدقائي اليساريين المسيحيين في حروبنا اللبنانية المتناسلة. هل يمكننا في لبنان تقدير عدد المسيحيين اليساريين الذين قتلوا في "بيروت الغربية" لأنهم مسيحيون، وأولئك الذين قتلوا في" بيروت الشرقية" لأنهم يساريون "خونة"؟
(هنادي زحلوط)لم تفارقني منذ الأمس صورة صديقي إيلي الذي فقدته في حرب السنتين. كم من المرات جرى توقيف إيلي واعتقاله في بيروت الغربية بصفته صيداً ثميناً؟! فإيلي لم يكن مسيحياً فقط وإنما مارونياً أيضاً، بل أن جرمه الماروني كان مضاعفاً، فقد كان من بلدة الكحالة. وان تكون مارونياً من الكحالة في المخيلة الطائفية آنذاك، كان مثله مثل أن تكون اليوم في سوريا علوياً من القرداحة. وفي أحدى المرات لم تشفع لإيلي اسماء وأرقام تلفونات كوادر وقيادات في أحزاب يسارية ومنظمات فلسطينية، فاعتقلته إحدى الميلشييات التي كانت شبيهة بشعار "لا للطائفية، نعم للإسلاَم"، وضربته وعذبته ولم ينج من براثنها إلا بأعجوبة. لست أدري حقا ما الذي في نهاية المطاف دفع إيلي، وبإصرار غريب، للعودة إلى الكحالة في بدايات العام ١٩٧٦، مع أنّ معرفته جيدا بأنه سيكون فيها مهددا وملاحقاً بصفته يسارياً بل و"عميلاً" للفلسطينيين. ربما كان يعتقد أن أسرته وموقعها الاجتماعي المحلي سيحميانه من التعديات والَمضايقات.
لكن لم يكن قد مضى أكثر من شهر على عودة إيلي الزغبي إلى الكحالة حين اختطفته من البيت العائلي إحدى الميليشيات، ثم "صفّته" بدم بارد بوصفه "عميلاً للغرباء"، وأعادت جثته إلى أسرته وأجبرتها على الإعلان بأنه قتل بقصف مدفعي من بيروت الغربية استهدف الكحالة.
إنها لعنتنا الطائفية القاتلة، بالأمس (؟) في لبنان، واليوم في سوريا.وداد نبي
أنا وداد نبي، وُلِدتُ لعائلة كردية سنية، تزوجتُ رجلاً ينحدر من عائلة علوية سورية. كل ما حاولتُ وجاهدتُ من أجله هو أن أكون خارج تصنيف الهويات وصراعها الذي يدور اليوم على أشده.
كان صعبًا دائمًا أن تختار ذاتك وهويتك بما لا يتناسب مع المجتمع الذي وُلدتَ فيه، لكنني اخترتُ الطريق الصعب دائمًا. وحين أحببتُ وتزوجتُ، اخترتُ رجلاً يشاركني النظرة ذاتها تجاه الانتماء للإنسان، تجاه قيم الحريات والعدالة والخير. ورفضتُ الانخراط في أي مشروع أو فعل ثقافي له رائحة هوياتية ضيقة. رددتُ دوماً: "لست من هناك، ولست من هنا، أنا هي أنا".
أنجبتُ طفلاً متنوعًا وغنيًا بهويته: ألماني الولادة والجنسية، كردي وعربي في آن. قلتُ: هذا التنوع الهوياتي سيجعله أكثر غنى وثراء. سيأخذ الأجمل من هنا ومن هناك.
دخل بيتنا الصغير في برلين أشخاص من مختلف الهويات والانتماءات، لكن لم يكن يومًا للحديث الطائفي أو الهوياتي مكان في بيتنا. وحين خرجتُ عام 2015 من سوريا، خرجتُ مهزومة ومدركة أنه لم يعد لي بلد ولا مسقط رأس أعود إليهما.
عدتُ قلقة إلى فكرة الجذور والبحث عنها حين أصبحتُ أماً. وحين سقط النظام في 8 ديسمبر، شعرتُ بسعادة هائلة، لأسباب عدّة، كان من بينها، هي أنه سيصبح لابني بلادًا أخرى تمنحه حضنها حين تدير له الأولى ظهرها. حتى أنني، في ذروة حماسي، فكرتُ في العودة والاستقرار في بلد الهويات القاتلة، سوريا.
لكن قبل حوالي شهرين، وحين بدأت حملة الكراهية ضد الأكراد، أصبتُ بالرعب، الرعب من كمية الكراهية والإقصاء لدى الأصدقاء قبل الغرباء. وكانت الحجة دائمًا هي قسد، في حين كان الأمر قوميًا وطائفيًا وعنصريًا. قلتُ حينها لشريكي: "مستحيل أن آخذ طفلي إلى مستنقع الكراهية هذا".
ومنذ بدأت المذبحة في الساحل، وأنا أتابع كمية الكذب والإنكار حول ما يحدث هناك من فظائع، أدركتُ أكثر من أي وقت مضى... أن سوريا أصبحت بلدًا تضيق اليوم بهوياتها المتنوعة. سوريا أصبحت بلداً يدفعها أبناؤها والعالم المحيط بها وتاريخ الأسدية فيها نحو الهويات القاتلة، للتخندق صوب جهة واحدة: جهة القتل هنا أو القتل هناك.
وكل خطاب الدعوة للتفاؤل هو من وجهة نظري، سذاجة عاطفية، لذا، إن كان لي ولابني حصة في هذا الخراب... فأنا أتخلى عنها لقتلة اليوم، لصراخهم بإبادة كل من لا تتطابق رواياتهم مع رواية سوريا الجديدة. هذه حصتنا من هذه البلاد نمنحكم إياها... فارسموا خريطة سوريا التي تشبهكم.روزا ياسين حسن
ممتنة لكل صوت وطني وأخلاقي جرّم قتل المدنيين بالساحل كأنه يجرّم قتل أهله، ممتنة لكل من ساعد عائلة علوية هرّبها أو خاطر بحياته وخبّاها ببيته من أهل البلد السنة وهم كثر. ممتنة لكل الأصدقاء اللي تواصلوا معي ليطمئنوا على أهلي وأصدقائي وكلهم لهفة وحب. هذه سوريا والسوريون/ات الذين أعرفهم والذين يهبون الأمل بالمستقبل.
الأمور شكلها إلى تهدئة في الساحل ولكن لم يستتبب الأمن تماماً والخوف مازال طاغياً، الأمل الكبير اليوم أن يتوقف قتل وترهيب الأبرياء، الذين بلغ عددهم حتى الآن 717 مدني ومدنية في الساحل وقراه وريف حماة الغربي. بالنسبة لأهلي فالأمور حتى الآن اقتصرت على الاقتحامات والتهديد والشتم والتكسير لم يتأذَ أحد منهم جسدياً الحمدلله، أما بالنسبة للأصدقاء الشخصيين، واللي هم بالنسبة لي أهل أيضاً، والمعارف اللي خسروا أهلهم وحبايبهم فقلبي معكم والرحمة لأرواحهم والعار لقاتليهم. الرحمة كذلك لأرواح قوى الأمن العام شباب البلد الذين قتلتهم الفلول، فمنذ البداية كنت مقتنعة أن فلول النظام هم الخطر الأكبر على الساحل والبلد، لن يهدؤوا ولن يكلّوا حتى يجرّوا الطائفة والبلد إلى الكارثة، لكن هذا لا يبرّر قتل المدنيين الأبرياء في بيوتهم بذريعة محاربة الفلول وهذا ما يجب أن نعترف به، اعترافنا به وشجبه واجبنا وواجب الدولة اليوم، أن تثبت بحق أنها دولة لكل السوريين وتعيد الثقة عبر محاسبة الفصائل أياً كانت التي ارتكبت المجازر الطائفية بحق مدنيين عُزّل علويين، كما إدارة محاكمات عادلة للجرائم المرتكبة أيام النظام السابق، والانفتاح للتعاون والمشاركة مع القوى الوطنية في وقت عصيب وخطر، بدون ذلك سيظل الحابل مختلطاً بالنابل وربما دفع ضحايا جدد من مدنيين أبرياء أثماناً لجرائم لم يرتكبوها لمجرد أنهم من منطقة أو طائفة الفلول. الأمر الذي سيعقّد الحالة أكثر ويقطع الطريق على لملمة سوريا والبدء برحلة البناء الوطني. القطيعة الأخلاقية والأدائية والقيمية مع نظام الأسد كلمة سر النجاة.
دعوات التجييش الطائفي التي خرجت مؤلمة للغاية ومهينة تهشّم الروح خصوصاً من رفاق ثورة، ولا تقود إلا إلى شماتة نظام الأسد وأكاد أرى الهارب يضحك مبتهجاً، لكنها رغم كل شيء لم تستطع أن تطغى على صوت التضامن الوطني العالي.
ما زال عندي إيمان بسوريا الموحدّة الملونة وسلامتك يا بلد.عبد الوهاب عزام
من أكبر أخطاء النظام الجديد في سورية عدم إنشاء محاكم علنية لرموز النظام السابق ومجرميه. تأخير المحاسبة تعني فتح الباب للانتقام كخيار شبه وحيد لدى الشرائح التي تعرضت لظلم مرعب تحت قمع الأسد. المحاكم تعني القانون الذي سيعاقب كل المخالفين بما فيهم القتلة والشبيحة الجدد باسم الثورة والشرعية الثورية ان خالفوا القانون. المحاكم العلنية هي قطيعة مع نسق النظام القديم وخيار أمام المجتمع الذي لا يملك خبرات أو أدوات تعبير ديمقراطية نحو بناء مؤسسات قانونية والاعتماد عليها. إرسال سلفيين جهاديين (وعيهم يتنافى مع فكرة الدولة الحديثة ويعيدنا لانساق ما قبل الدولة) إلى مناطق الأقليات يحمل خطورة دائمة لبدء تصفية عرقية. القانون وتطبيقه هو الحل الأول وليس خطاب الشرع المتخبط وتمنينه للشعب السوري بأنه لم يبدأ حربا آهليه وبانه لا يسعى للثأر. هذا الخطاب لا يحق لموظف في الدولة اسمه رئيس مؤقت، كان واسطة نفسه للوصول إلى هذا المنصب، تقديمه.أحمد سعداوي
يقول مناصرو النظام السوري الجديد بأن ما حصل في مدن وقرى الساحل هو لاحباط محاولة انقلاب من أزلام النظام السابق وفصل الساحل عن سوريا.
يعني.. هم يؤيديون سوريا الموحّدة، ووحدة البلد لا يعني فقط وحدة التراب الوطني، وإنما وحدة القوانين المطبّقة على المواطنين جميعاً، بغضّ النظر عن خلفياتهم.
ولكن، ما الذي حصل؟ مجازر مروّعة بحقّ المدنيين، حتى القنوات الاعلامية المؤيدة لنظام دمشق الجديد، لم تنجح في "فلترة" البشاعة، واعترف رئيس النظام الجديد نفسه بأن هناك "تجاوزات" حصلت من بعض المنفلتين!
ولكن هذا الاعتراف "المفلتر" لا يعفي أي نظام كان، اسلامي او علماني، ملكي أو جمهوري، ديموقراطي أو ديكتاتوري، من مسؤوليته عن الاخلال بأهم وظيفة لأي نظام بأي بلد: حماية المواطنين وممتلكاتهم، وحماية السلم الأهلي.
التجاوزات تحوّلت الى اعدامات مصوّرة بكاميرات المحمول، وعشرات الآف النازحين الى قرى الشمال اللبناني، بعدما قضوا ليلهم يهيمون في الغابات والطرقات طلباً للنجاة، هرباً من الاستهداف الطائفي.
هل تؤيديون سوريا الموحّدة، واحباط محاولات المغرضين لتقسيم البلد؟
تمام... لقد طبّقتم هذا المشروع عملياً. التفكير العقائدي المغلق لا يبني البلدان بل يقسّمه.هيثم حسين
كلّ الحروب قذرة، فلا وجود لحرب "نظيفة". مهما كانت دوافعها أو غاياتها، فإنّها تترك آثاراً مدمّرة، وتحمل في طيّاتها معاناة لا يمكن تبريرها. الحرب هي الفوضى، التشريد، والدمار، وما من حرب تنتهي من دون خسائر أخلاقيّة وإنسانيّة عميقة. فهل يمكن للدم أن يكون وسيلة للعدالة؟ وهل يولد السلام حقّاً من ركام قذارات الحروب أم يبقى أسيرها؟


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top