2025- 03 - 09   |   بحث في الموقع  
logo مسؤول سوري يكشف عن "الوضع الأمني" في السويداء logo قاسم "يكشف" عن موعد آخر لقاء واتصّال مع نصرالله! logo اختفاء عسكري في الجيش في مزرعة بسطرة logo قوى الأمن تُشيّع شهيدها المؤهل شربل رشيد عقل logo باسيل يُحذر: ما يجري في سوريا يهدد لبنان logo إيران ترفض التفاوض حول البرنامج النووي "تحت التهديد" logo بأقلّ من 24 ساعة... ترامب يوجّه ضربة قوية جديدة لزيلينسكي logo الشرع: لا خيار أمام "فلول الأسد" سوى الاستسلام
ماذا ستغيّر هويّة الحاكم الجديد لمصرف لبنان؟
2025-03-09 13:55:51


وضِعَ ملفُ تعيين الحاكم الجديد لمصرف لبنان على نارٍ حامية، بعدما أكّد وزير الماليّة ياسين جابر أنّ هذا المسار سيُحسم قبل نهاية الشهر الجاري. ومن حيث المبدأ، كان متوقعًا منذ البداية أن يحظى هذا التعيين بالذات بالأولويّة القصوى، إذ تنتهي ولاية نوّاب الحاكم الحاليين، الذي يشغل أوّلهم منصب الحاكم بالإنابة، في أواخر شهر تمّوز المقبل. وأي مسار جدّي لإعادة هيكلة المصارف، أو لصياغة خطّة التعافي المالي بالتفاهم مع صندوق النقد الدولي، يقتضي وجود حاكم أصيل يمتلك الصلاحيّات القانونيّة الكاملة. ولا تملك السلطة، على هذا الأساس، ترف المراوحة قبل تعيين الحاكم الجديد للمصرف، بخلاف بعض مناصب الفئة الأولى التي يشغلها مدراء بالوكالة.
هكذا، نشطت جميع الجهات –السياسيّة والماليّة وحتّى المصرفيّة- في طرح الأسماء التي تراها مناسبة للمرحلة المقبلة. وكانت "المدن" قد قدّمت في وقتٍ سابق أبرز الأسماء المتداولة والمرشّحة لهذا المنصب، مع نبذة عن السيرة الذاتيّة لكلِّ منها. لكنّ بمعزل عن المرشّح الذي يصل إلى الحاكميّة في النهاية، والذي قد يكون من خارج الأسماء التي كُشفت حتّى اللحظة، من الأكيد أنّ هويّة الحاكم الجديد ستحسمُ اتجاهَ المصرف المركزي بخصوص عدّة ملفّات حسّاسة وداهمة. وهذا يرتبط أولًا بطبيعة التحديات الماليّة التي ستعامل معها الحاكم، وثانيًا بحجم الصلاحيّات القانونيّة الواسعة التي منحه إياها قانون النقد والتسليف.

مصير خطّة التعافي المالي
ثمّة انطباع سائد يفترض أنّ صياغة خطّة التعافي المالي، والتفاوض مع صندوق النقد، سيبقى من مهام الحكومة والفريق المالي الذي ستشكّله، وهو ما يُبقي مَصرف لُبنان وحاكِمه في خانة المُنفّذ والمتلقّي لهذه الخطّة لاحقًا. وقد يكونُ هذا الانطباع ناتجًا عن تجربة حكومة حسّان الدياب، التي تحمّلت سمعة الخطّة التي وضعتها، ثم تجربة حكومة ميقاتي، التي حمّلت نائب رئيسها سعادة الشامي عبء الدفاع عن الخطّة الماليّة التي وضعتها. وفي الحالتين، ظلّت حاكميّة مصرف لبنان في موقع المنقلب على الخطّة لاحقًا، بعد وضعها، كما في حالة خطة حكومة دياب، أو المنكفئ عن الدفاع عنها، كما في حالة خطّة حكومة ميقاتي.
لكن من الناحية العمليّة، يمثّل مصرف لبنان القطب الثالث المعني بوضع الخطّة، إلى جانب وزارتي الماليّة والاقتصاد. هو يملك الأدوات التقنيّة لتنفيد الودائع المتبقية بحسب حجمها نوعها، ولاقتراح سبل التعامل معها. كما تملك دوائره الخبرة القانونيّة لاقتراح آليّات إعادة الهيكلة. وبهذا المعنى، سيبقى مصرف لبنان مسؤولًا عن الجانب التقني في أي خطّة مقبلة، تمامًا كما فعل أساسًا عند وضع خطّة حكومة ميقاتي (وإن لم يدافع المصرف عن الخطّة لاحقًا، كما أشرنا). وهويّة الحاكم هنا، ستغيّر الكثير.
لكن وبما يتخطّى التقنيّة، من المهم التذكير أيضًا أن حاكميّة مصرف لبنان كانت ممثلة دائمًا في فريق التفاوض الحكومي مع صندوق النقد الدولي، كما ساهمت في التحضير لتلك الاجتماعات. وبموازاة المفاوضات نفسها، يبقى مصرف لبنان مسؤولًا عن تنفيذ الجوانب النقديّة المرتبطة بالإصلاحات التي يطلبها الصندوق، والتي تبقى موضوع محادثات مستقلّة بين المصرف وبعثات صندوق النقد. عرقلة هذه الإصلاحات، أو السير بها، تبقى مسألة حسّاسة ومؤثّرة على تفاهمات لبنان المقبلة مع صندوق النقد.

هندسة التعاميم
مصير الودائع والرساميل المصرفيّة، على المدى البعيد، ستبقى من اختصاص خطّة التعافي الشاملة، التي ستُصاغ على أساسها التشريعات المطلوبة في مجلس النوّاب، ولاحقًا مراسيمها التطبيقيّة. لكنّ على المدى القصير، تبقى الحاكميّة مسؤولة وحدها عن هندسة التعاميم المصرفيّة، التي ما زالت تحدّد حتّى اللحظة سقوف السحوبات، وحجم المؤونات التي يقتضي تكوينها مقابل خسائر المصارف، ناهيك عن الاحتياطات التي يجب أن تكوّنها المصارف في حساباتها لدى المصارف المراسلة الأجنبيّة. وهذه التعاميم، كما هو معلوم منذ أيّام رياض سلامة، باتت عنصرًا محددًا لكيفيّة توزيع خسائر الأزمة، ولو بشكلٍ ضمنيّ ومن خارج الخطّط المعلنة.
على المستوى الداخلي، في مصرف لبنان نفسه، يبقى الحاكم مسؤولًا عن معايير الإفصاح المالي المعتمدة، بما فيها تلك التي تمس بشكل ميزانيّة مصرف لبنان. على سبيل المثال، كانت قرارات الحاكم سابقًا هي من أضاف ديونًا جديدة على الدولة، لمصلحة المصرف، بناءً على اجتهادات وتفاهمات "شفهيّة" سابقة مع وزارة الماليّة. وهذا النوع من القرار هو الذي استخدم معايير محاسبيّة تطفئ بنود الخسائر بزيادات قيمة الذهب. وفي مختلف السنوات، كانت قرارات الحاكم تضع وسائل غريبة وغير تقليديّة لاحتساب مؤشّرات مثل ميزان المدفوعات وغيره. وهكذا دواليك.
وكما فعلت القرارات السابقة فعلها في إضافة هذه المعايير المحاسبيّة، يمكن لقرارات مقبلة أن تصحّح الأخطاء السابقة. أو على العكس تمامًا، يمكن أن تفاقم الوضع القائم بإضافة اجتهادات محاسبيّة غير تقليديّة جديدة.
الشفافيّة وملاحقة الشبهات
حتّى الآن، اقتصرت عمليّات تقصّي الحقائق في ارتكابات الحقبة السابقة في مصرف لبنان على عمليّة التدقيق الجنائي، وبعض التحقيقات القضائيّة التي "تعاون" معها مصرف لبنان. لكن فعليًا، ظل أداء المصرف خجولًا في ما يتعلّق بالمبادرة إلى فتح الملفّات والتحقيق بها، ومن ثم استخدام حقّه القانونيّة في تحريك القضايا الجنائيّة لدى المحاكم. بمعنى أوضح، لم يتصرّف المصرف المركزي حتّى اللحظة كصاحب حق نشيط، يلاحق أمواله المختلسة، بدل انتظار طلبات القضاء أو التحقيقات الأجنبيّة التي تجري في محاكم أوروبا. ولعلّ أبرز دليلٍ على ذلك، كانت انتظار اللبنانيين استكمال التدقيق الجنائي في مصرف لبنان، بدل أن ننتظر، كما هو متوقّع، تدقيق قيادة المصرف نفسها بعمليّات المرحلة السابقة، إذا افترضنا أنها معنيّة بارتكابات تلك المرحلة.
في جميع الحالات، من الواضح أنّ هويّة الحاكم الجديدة ستُبت خلال فترة لا تتجاوز الأسابيع القليلة المعدودة. ومن الواضح أيضًا أنّ هذا القرار، الذي سيتخده مجلس الوزراء، سيترك أثرًا حاسمًا على جميع المسارات الماليّة والمصرفيّة خلال الفترة المقبلة. ما لم يتضح بعد، هو الآليّة التي سيتم اعتمادها لإنجاز هذا التعيين، بعدما تعهّد البيان الوزاري باعتماد معايير الكفاءة في إنجاز هذا النوع من التعيينات.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top