حصيلة يوم أمس من الإشكالات التي شهدتها طرابلس ورافقتها إشتباكات مسلحة إستخدمت فيها أسلحة حربية كانت مرعبة، وتبعث على عدم الإطمئنان، نظراً لأنّ مسلسل هذه الإشتباكات الذي بدأ يوم السبت الماضي، في الأول من شهر رمضان، مستمر وفق وتيرة تصاعدية.
فالإشكال الذي وقع أمس في محلة المنكوبين بين أفراد من عائلة واحدة هي عائلة ديب، لأسباب لم تتضح بعد، أسفر في حصيلة أولية عن سقوط قتيل وثلاثة جرحى من بينهم شخص إصابته خطيرة، إلى جانب طفل أصيب خلال الإشكال، وسط أجواء من الرعب خيّمت على أهالي المنطقة الذين ينطبق عليهم واقع إسم المنطقة المقيمين فيها إجتماعياً وإقتصادياً وعلى كلّ الصّعد الأخرى.
هذا الإشكال لم يكن الوحيد الذي شهدته طرابلس يوم أمس، إذ عاشت عاصمة الشّمال أمسية مرعبة بكلّ معنى الكلمة، جرفت في طريقها الأمسيات الرمضانية المعتادة التي كانت تستقطب زوّاراً من مختلف المناطق، نظراً لما كانت تتضمنه من أجواء روحانية وسهر ممتعة، وكانت تجعل عاصمة الشّمال لا تنام حتى مطلع فجر اليوم التالي، بعدما كانت أسواقها ومقاهيها ومطاعمها وشوارعها تبدو وكأنّها خلية نحل لا تهدأ.
قبل ذلك، ومنذ اليوم الأوّل من شهر الصوم الذي مضى عليه 6 أيّام فقط، عاشت فيها طرابلس أجواء تفلّت أمني غير مسبوقة، كانت حصيلتها حتى مساء أمس 3 قتلى وعدد كبير من الجرحى، فضلاً عن ما تركته هذه الإشكالات من صورة سلبية على المدينة التي عانت وما تزال من تشويه صورتها، والتسبّب في انهيار إقتصادها، وفي تراجع خطير للوضعين الإجتماعي والإقتصادي، فضلاً عن الأمني، فيها.
واللافت أنّ هذه الإشكالات لم تنحسر في طرابلس فقط، وإنْ كانت عاصمة الشّمال شهدت العدد الأكبر منها، إذ كانت مدينتي بيروت وصيدا ومناطق في البقاع وعكّار والجنوب تعيش أجواء مماثلة، ما طرح تساؤلات مشروعة حول مدى قدرة الدولة فعلياً على ضبط هذا الإنفلات الأمني ووضع حدّ له، بعدما بات يهدّد بانهيار أكبر للوضع الأمني الهشّ إذا لم يتم تداركه قبل فوات الأوان، بعدما تبيّن أنّ كلّ الخطط الأمنية التي أُعلنت في السّنوات السّابقة، في طرابلس وغيرها، أنّها غير ناجعة لأنّها مؤقتة وليست دائمة، ومجرد حبر على ورق، لأنّ الأمن لا يكون موسمياً، كونه لا يُغيّر الواقع الأمني المتصدّع في بلد تحمي أغلب الطبقة السياسية والأمنية الزعران فيه، وتدعمهم وترعاهم.
وما يثير القلق والرعب أكثر أنّ السّلاح الفردي منتشر على نطاق واسع بين المواطنين الذين يحرصون على شرائه من السوق السوداء المزدهرة أكثر من حرصهم على تأمين لقمة عيشهم وقوت عائلاتهم، ما يجعل أيّ إشكال فردي يقع ولو كان تافهاً يتحوّل إلى اشتباك مسلح يسقط نتيجته ضحايا وجرحى، ويدفع الجيش وبقية القوى الأمنية الأخرى للتدخل بقوة لضبطه.
إزاء ذلك، برزت تساؤلات حول المسار الإنحداري الذي تسير فيه هذه الإشكالات وأن تبقى بلا معالجة، ما قد يؤدّي إلى انفلات أكبر وخروج الوضع عن السّيطرة في بلد ما يزال يعاني من هشاشة وضعه الأمني، ومدى تأثير ذلك سلباً على استحقاق الإنتخابات البلدية المنتظر في أيّار المقبل وعلى مستقبل موسم الإصطياف المنتظر.
موقع سفير الشمال الإلكتروني