لم تكن عادية الضربات التي تعرض لها حزب الله خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان. جاءت نتيجتها قاسية، وخصوصاً مع اغتيال أمينه العام السيد حسن نصر الله الذي يمتلك مكانة خاصة في قلوب جمهور الحزب، وكان من الطبيعي أن يخلف هذا الاغتيال أثره على واقع الحزب و"مستقبله"، وقد بدأت تظهر تبدلات في تشكيلات العمل السياسي، وحتى في الظهور الإعلامي، وعودة أشخاص لاعتلاء المنابر بعد فترة من "الجمود".
نقاش على مستوى استراتيجيداخل أروقة الحزب نقاشات على مستوى استراتيجي تتعلق أولاً بتقييم الحرب التي وقعت وتفاصيلها، ومستوى الخروقات التي تمكن العدو من تحقيقها، والتكنولوجيا التي استخدمها للنجاح بتحقيق هذا الكم من الأهداف، وتقييم النتائج وما يترتب عليها من رؤية جديدة لمسار جديد في المنطقة، وكيف يمكن مواجهته، وبأي وسائل وأساليب، وضمن أي مدى زمني، كذلك هناك نقاشات أساسية تُعنى بمرحلة الترميم، لكل ما تعرض للضربات داخل الحزب، على المستوى البشري وغير البشري، وإعادة البناء، لكن ليس هذا كل النقاش.ضبط إعلامي!فهناك ما هو أبسط وأوضح بالنسبة للجمهور، ويتعلق بمسائل على تماس مباشر مع عواطف بيئة الحزب وجمهوره، كمسألة المصارحة التي أطلقها النائب السابق والقيادي في الحزب نواف الموسوي، والتي فتحت الباب أمام أسئلة عديدة بين جمهور الحزب، فهل أن ما قاله السيد الموسوي كان منسقاً مع القيادة أم لا، أم كان في نية التصويب على جهاز الأمن داخل الحزب فهل هو مخوّل لذلك أصلاً، أم هي فعلاً محاولة فردية منه لمصارحة الناس ببعض التفاصيل التي تتناقلها الألسن وتسببت بهذا "الزلزال" الكبير داخل الحزب وبين بيئته؟تختلف الآراء، وهناك من يقول أنه منسق مع القيادة التي تُريد تمرير الرسائل للجمهور واختارت الموسوي لشخصيته الجدلية والصريحة والمباشرة منذ انطلاقته.
مجرد سماع هذه الأسئلة وهذا الكلام الذي قاله الموسوي حول الحرب والخروقات داخل بيئة الحزب، يعني أن أمراً ما تبدل وينبغي إعادة ضبطه، وهنا يكمن الحديث عن عودة ضابط الإيقاع داخل الحزب الذي كان يُلزم مسؤوليه بكل كلمة وتفصيل يتفوهون به، فلا يتحدث أحد بما ليس له فيه ولا يتطرق لما لا ينبغي التطرق إليه، وهذا نقاش بحسب معلومات "المدن" يدور اليوم في أروقة الحزب، وعلى مستوى قياديّ، حول كيفية إعادة ضبط الخطاب الإعلامي والظهور الإعلامي، علماً أنه بحسب المعلومات فإن الأمانة العامة للحزب تعمم كل فترة على الخطباء والنواب والمسؤولين توجهات الخطاب الرسمي.حماية إرث السيد ..بالإضافة إلى الخطاب الإعلامي الرسمي للمسؤولين، تولي القيادة في الحزب أهمية اليوم لمسألة استشهاد السيد نصر الله وضريحه، والمسألة هنا، بحسب مصادر متابعة، من شقين، يتعلق الشق الأول بضريح السيد نصرالله ومحاولة البعض التعامل معه كما يتم التعامل مع "مقامات الأئمة" في العراق أو إيران، ورمي الأموال فيه لطلب النذر، وهو ما قررت القيادة منعه بشكل مطلق، مشيرة إلى أن نجل نصر الله السيد محمد، يحاول أيضاً أن يلعب دوراً في توجيه المحبين والجمهور حيث ينبغي لمنع المغالاة والتشبيه المسيء، علماً أن التشبيهات بكربلاء وأئمة الشيعة كان ولا يزال محط خلاف بين الجمهور، وقد ساهمت سابقاً بخلق إشكالات على وسائل التواصل بين أبناء المدارس الدينية المختلفة.
والشق الثاني يتعلق بالتحركات الإعلامية التي رافقت تشييع السيد نصر الله، والمقصود هنا عدد من المقربين للسيد الذي ظهروا عبر الإعلام وتحدثوا عن تفاصيل حياته وعمله واستشهاده ودفنه، وقد قررت قيادة الحزب، حسب المصادر، حصر هذا الموضوع قدر الإمكان، لمنع "تقزيم" هذه القضية، ولو أنها مقتنعة بأن أحداً لا يتقصد ذلك، لكنها مقتنعة أيضاً بضرورة تقديم ما تستحق من اهتمام إعلامي وإعداد أفلام قصيرة ووثائقيات تتضمن ما يجب أن تتضمنه من معلومات وروايات لكي تُنشر أمام الجمهور بصورة تليق بهذا "القائد التاريخي".