تشهد محافظة القنيطرة منذ أكثر من شهرين تصعيداً ملحوظاً في التحركات الإسرائيلية، حيث تنفذ القوات الإسرائيلية عمليات توغل شبه يومية في بلدات وقرى ريف القنيطرة الشمالي، الأوسط، والجنوبي. وتتم هذه التوغلات عبر دوريات بسيارات دفع رباعي محملة بالعناصر، يرافقهم ضباط إسرائيليون يتحدثون اللغة العربية بطلاقة، بهدف جمع معلومات دقيقة عن المنطقة وسكانها.تحركات يومية واستطلاعات مكثفةتدخل القوات الإسرائيلية إلى القرى في ساعات الصباح الباكر، حيث يتم تفتيش المنازل والالتقاء بالسكان الذين يتجمعون لمعرفة أسباب وجود هذه القوات. خلال اليومين الماضيين، سجلت عمليات توغل في بلدتي سويسة والدواية بريف القنيطرة الجنوبي، حيث دخل الجنود الإسرائيليون أحد المنازل وأجروا حواراً مع صاحبه حول استبيان تقوم إسرائيل بجمعه من السكان.خلال هذه اللقاءات، يطرح الضباط الإسرائيليون عدداً من الأسئلة على الأهالي، تتعلق باحتياجاتهم من المواد الغذائية، والخدمات، والبنية التحتية، بالإضافة إلى مقارنة الأوضاع بين المرحلة الحالية وما كانت عليه سابقاً في ظل الحكومة السورية. كما تشمل الاستفسارات مدى تواجد عناصر سابقة من ميليشيا حزب الله أو الحرس الثوري الإيراني في المنطقة، وعدد النقاط الطبية في البلدةعروض مغرية ورفض شعبيتحاول إسرائيل استمالة السكان عبر تقديم عروض مغرية، مثل السماح لهم بالعمل داخل الأراضي الإسرائيلية، ورفع سقف العروض المتعلقة بالدراسة، حيث عرضت منحاً جامعية كاملة للطلاب الراغبين في الدراسة بجامعات حيفا وتل أبيب، تشمل تغطية جميع التكاليف. لكن في المقابل، تطلب القوات الإسرائيلية معلومات دقيقة عن كل بلدة، بما في ذلك أرقام الهواتف والهويات الوطنية للسكان. رغم هذه العروض، يرفض أهالي القنيطرة بشدة أي تواجد إسرائيلي أو تطبيع للعلاقات.في سياق متصل، دخلت شاحنات محملة بالمساعدات قادمة من دروز إسرائيل إلى قرى وبلدات شمال محافظة القنيطرة، وتحديداً حضر، حرفا، والقرى الدرزية في جبل الشيخ. وبحسب مصادر محلية، سيتم إدخال المزيد من الشاحنات بمساعدة الجيش الإسرائيلي، ليتم تفريغها في إحدى القرى الدرزية شمال القنيطرة، قبل نقل قسم منها إلى محافظة السويداء.درعا والقنيطرةلم تقتصر التحركات الإسرائيلية على القنيطرة، بل امتدت إلى ريف درعا الشمالي، حيث وصلت القوات الإسرائيلية إلى تل المال، الذي يبعد حوالي 14 كيلومتراً عن السياج الفاصل بين القنيطرة والجولان المحتل. بالتوازي مع ذلك، يكثف الطيران الاستطلاعي الإسرائيلي طلعاته فوق محافظة القنيطرة وريف درعا الغربي والشمالي، في خطوة تعكس تصاعد الاهتمام الإسرائيلي بالمنطقة.وفي ظل هذه التطورات، يطالب أهالي القنيطرة الحكومة السورية بتقديم دعم عاجل للمحافظة، سواء عبر تحسين الخدمات والبنية التحتية أو عبر تعزيز الدعم الإغاثي، لمنع أي محاولات لاستغلال الأوضاع المعيشية الصعبة واستمالة بعض السكان بالمساعدات الإسرائيلية.ويبدو أن إسرائيل تسعى إلى تنفيذ "تطبيع ناعم" في القنيطرة، مستغلةً الواقع الاقتصادي والإنساني الصعب، إلا أن الرفض الشعبي لا يزال يشكل عائقاً أمام هذه المحاولات. ومع استمرار التوغلات العسكرية والاستطلاعات الجوية، تبقى الأوضاع في القنيطرة مفتوحة على تطورات قد تحمل مزيداً من التصعيد في الفترة المقبلة.