2025- 03 - 06   |   بحث في الموقع  
logo سلام استقبل وفداً من الموارنة في قبرص والتقى نائب رئيس جمعيّة المقاصد logo السويداء: مظاهرة مناهضة للإدارة السورية الجديدة..ما علاقة المجلس العسكري؟ logo إسرائيل تكثّف توغلاتها في ريف القنيطرة.. مساعٍ لتطبيع ناعم logo لقاء عمل بين توتال وإدارة كهرباء زحلة logo إسرائيل تتحضر لاستئناف القتال في غزة مع تصاعد الأزمة logo طعن في قرار وزير سابق... تحذير ودعوة لاتخاذ إجراءات صارمة! logo سلاح قوي سيردع إسرائيل وأميركا... هل تعتمده الدول العربية؟ logo "أزمة خانقة تهدد اللبنانيين"... والعين على قروض الإسكان!
رسامة الكاريكاتير السياسي الوحيدة في إدلب...أماني العلي: لن يحبطوني!
2025-03-06 14:25:45

ربما تكون رسامة الكاريكاتير السورية، أماني العلي، واحدة من النساء القليلات العاملات ضمن هذا المجال في سوريا، والوحيدة في محافظة إدلب شمالي غرب البلاد، لا سيما عندما بدأت مسيرتها الفنية مع بداية الثورة السورية، متجاوزةً التحديات الاجتماعية والثقافية والسياسية والأمنية لتقديم رسوم عن مواضيع مختلفة، مع تركيز خاص على قضايا المرأة.
لم يكن طريق العلي في عالم الكاريكاتير ممهداً، ومنذ طفولتها، كانت تحب الرسم، إلا أنها لم تحصل على دعم العائلة لها، حيث كان ينظر إلى الفن على أنه "بلا هدف". رغم ذلك، لم تتخلَّ عن شغفها، وعملت كمدرسة لمادة الرسم في إحدى المدارس. ودرست العلي هندسة الكومبيوتر من دون أن تعمل في المهنة، وسرعان ما أدركت أن قلبها مع الرسم، وبدأت بتطوير مهاراتها. وقالت في حديث مع "المدن": "مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، بدأت أرى كيف يستخدم الفنانون الرسم للتعبير عن القضايا المختلفة وتسليط الضوء عليها. كان ذلك مصدر إلهام كبير لي"، مضيفة: "من خلال وسائل التواصل، تعرفت على الأستاذ عماد حجاح. عندما دخلت صفحته، انبهرت بأسلوبه الفني، وأحببت كيف يستطيع أن يلخص القصة من خلال رسومه. عندها، قررت أنني أريد أن أصبح فنانة بكل معنى الكلمة، وأن أطور مهاراتي للوصول إلى ذلك".ومع انطلاق الثورة السورية، وجدت العلي أن الرسم لم يعد مجرد شغف، بل ضرورة. ومع كل قصف أو اعتقال أو تهجير، كانت الفرشاة أداتها لتوثيق الألم. وأوضحت: "كنت أشعر بطاقة هائلة تدفعني للرسم، كأنه أمر لا يمكن تأجيله. كان أصدقائي والأشخاص من حولي يندهشون من سرعة استجابتي، فبمجرد وقوع أي حدث من قصف أو اعتقال، كانت لدي القدرة على ترجمة تلك اللحظة إلى لوحة على الفور. كانت الأحداث نفسها محفزاً داخلياً يدفعني للرسم بلا توقف. ربما لأن ما رأيته من معاناة الناس، من النزوح والاعتقالات والمآسي، كان محفوراً بعمق في داخلي، وكان لا بد أن يخرج إلى العالم بطريقة ما، وكان الرسم طريقتي الخاصة لفعل ذلك".ورغم المخاطر، ظلت العلي ترسم عن جميع الأطراف المتنازعة، ليس بهدف الهجوم على أشخاص بعينهم، بل لانتقاد الأفعال الصادرة عنهم. وأفضت حياتها في منطقة حرب تعرضت لحصار طويل، إلى كثير من الضغوط والتهديدات على حياتها وعلى صحتها النفسية أيضأً. وعلقت: "في جميع أنحاء العالم، غالباً ما يكون رسام الكاريكاتير شخصاً نشأ في بيئة صعبة أو تعرض لضغوط كبيرة. أما بالنسبة لي، كنت أعيش في منطقة حرب، حيث لا أمان ولا استقرار. ورغم ذلك، حاولت أن أظل بعيدة قدر الأمكان عن تأثير هذه الظروف".ولم تتعرض العلي لتهديدات مباشرة نتيجة فنها السياسي أو الناقد بحكم أنها كانت تعيش في منطقة محررة من حكم الأسد المخلوع آنذاك، لكنها كغيرها من النساء واجهت انتقادات وتعليقات مزعجة في مواقع التواصل من أشخاص مجهولين أرسلوا لها رسائل مهينة، أو قللوا من أهمية عملها، أو اكتفوا بوضع تعليقات ساخرة ومهينة، مثل: "هذا ليس مكانك، أو لماذا تتدخلين في هذه القضايا؟"، لكنها لم تسمح لتلك التعليقات السامة بإيقافها، بل على العكس، جعلتها أكثر تصميماً على مواصلة عملها لأن "هذه الانتقادات دفعتني لتطوير نفسي وأدواتي. لم تكن أبداً سبباً للتراجع".ولا تعتبر العلي نفسها ناشطة سياسية، رغم أن طبيعة القضايا التي تتناولها في رسومها تضعها أحياناً في هذا الإطار، خصوصاً عندما ترسم عن انتهاكات أمنية أو قمع للحريات، وشرحت: "أحياناً تفرض علي المواضيع التي أرسم عنها أن أعبّر عن رأيي السياسي، لكنني لا أرى نفسي ناشطة بالمعنى التقليدي. الرسم بالنسبة إلي ليس أداة للدعاية السياسية، بل هو طريقة للتفاعل مع الواقع المحيط بي والتعبير عن القضايا التي تؤثر في مجتمعي".وتتناول أماني في رسومها قضايا سياسية تتعلق بسوريا والمنطقة العربية، من دون أن تكون جزءاً من أي تيار سياسي معين حيث ترسم "ببساطة ما أراه مهماً وأؤمن بضرورة تسليط الضوء عليه، بغض النظر عن الجهة التي قد يزعجها ذلك".والحال أن سوريا ككل، وليس إدلب فقط، مازالت بيئة جغرافية تحكمها العادات والتقاليد وتناضل فيها المرأة حتى يُسمع صوتها، ولم يكن من السهل على العلي كسر الصور النمطية حول الفن النسائي، خصوصاً عندما يتعلق الأمر برسم الكاريكاتير، ورأت أن "الفن النسائي ليس مقبولاً بشكل عام في مجتمعاتنا، وليس فقط في إدلب". ورغم كل المحاولات لإبعادها عن هذا المجال، سواء من المجتمع أو حتى بعض المحترفين الذين وجهوا لها رسائل شخصية مثل "لا تقتربي من هذا المجال، أرسمي للأطفال أو اكتفي بالرسم التقليدي"، فإنها لم تتراجع.وكانت العلي تشعر أحياناً بالتردد للرسم حول بعض المواضيع، رغم أهميتها، مثل قضية التحرش بالأطفال، التي سمعت بها وتأثرت كثيراً ثم لم تستطع تجاهلها، فقررت تناول الموضوع في إحدى لوحاتها، و"لم تواجه اللوحة اعتراضأً عند نشرها، بل على العكس، حظيت بانتشار واسع، حتى وصلت إلى صحيفة سويدية". وأضافت: "لا يمكنني القول إنني أفرض رقابة مشددة على نفسي، بل أختار ما أراه مهماً وما أشعر أنه يستحق أن يتم تسليط الضوء عليه. لا أحد يفرض عليّ رقابة، بل أنا من أقرر ما أريد التعبير عنه وبما يتناسب مع قناعاتي".وتستلهم العلي أفكار لوحاتها من الشارع والتعليقات والمنشورات في مواقع التواصل، ومنحتها السوشال ميديا الفرصة للاطلاع على هموم الناس والتفاعل معهم، بشكل انعكس في أعمالها الفنية. ومن بين جميع رسومها، تحمل العلي ارتباطاً خاصاً بلوحة "ميساء"، التي تصور امرأة تعرضت للضرب حتى الموت على يد زوجها في أحد المخيمات. وعلقت العلي عن تلك اللوحة المؤثرة: "أردت أن أعبّر عن مأساتها بطريقة قوية، فصورتها وكأنها تتعرض للقصف، لكن القصف هذه المرة لم يكن بالقنابل، بل بصواريخ تحمل شوارب الذكورية. انتشرت اللوحة على نطاق واسع، وأثارت جدلاً كبيراً حول قضايا العنف ضد النساء وباتت رمزاً للقهر والعنف الذي تواجهه النساء تحت مظلة التسلط الذكوري. هذه اللوحة كانت واحدة من أكثر أعمالي تأثيراً، وشعرت أنني دافعت من خلالها عن ميساء، وعن كل النساء اللواتي يواجهن المصير نفسه".والحال أن العزلة التي فرضت على العلي بسبب الحرب التي شنها النظام البائد على معارضيه، وأغلق المدن وحاصرها، لم تمنعها من السفر عبر لوحاتها إلى دول عربية وعالمية لتشارك عبر فنها في معارض في فرنسا وكندا وإيطاليا وهولندا. وأقامت أول معرض لها في بريطانيا بتنظيم مجموعة من الأطباء السوريين، حيث عرضت أعمالها عبر "سكايب". وقالت: "كانت لحظة رائعة. استطعت من خلال مجموعة من اللوحات أن أحكي قصة سوريا". كما ساهمت في مواقع وصحف محلية وعربية، مثل "العربي الجديد"، "سوريتنا"، و"حرية برس".وبقيت العلي في إدلب رغم كل ما مر على المدينة من ويلات القصف والحصار من قبل قوات النظام والطائرات الروسية، ورغم مرورها بلحظات إنسانية صعبة جداً، بقيت العلي هناك، تعبر من خلال فنها، عن القسوة التي شاهدتها من حولها. وأوضحت أنها لا تستطيع ترك إدلب: "أنا جزء من هذا المكان. مررت بلحظات صعبة فكرت فيها بالمغادرة سابقاً وحاولت لكنني لم استطع، لكنني أدركت أن هذا كان خطأ كبيراً. إدلب هي أنا، وأنا لن أتركها. والآن بعد سقوط الطاغية، من المستحيل أن أترك مدينتي".وتُثبت تجربة العلي أن الفن ليس مجرد أداة تعبير، بل هو سلاح مقاوم، وصوت لا يمكن إسكاته. ومن إدلب، حيث تعيش بين التحديات اليومية، رسمت طريقها بنفسها، متحديةً العادات والظروف الأمنية والمجتمعية، وجعلت من الكاريكاتير أداة لتوثيق الواقع والدفاع عن القضايا الإنسانية. ورغم المصاعب، تؤمن العلي أن رسومها يمكنها إحداث تأثير، وأن المرأة، مهما كانت القيود التي تواجهها، تستطيع أن تصنع فارقاً، طالما تمسكت بشغفها وإبداعها.ووجهت العلي رسالة واضحة لكل امرأة ترغب في دخول عالم الفن أو أي مجال إبداعي آخر: "عبّرن عن أنفسكن وكنّ واثقات بإبداعاتكن. المرأة تتعرض إحباطات كثيرة، لكن هذا لا يجب أن يمنعها من ممارسة ما تحب. مهمة المحبطين هي التأثير عليكِ لإيقافكِ، لكن يجب أن يكون ذلك دافعاً للاستمرار وليس سبباً للتراجع". وأضافت: "من المستحيل أن أترك الفن بسبب تعليق سلبي، ويجب على كل امرأة أن تدافع عما تحب، وتستمر به، مهما كانت العوائق".وحظيت العلي باهتمام دولي، حيث تم تسليط الضوء على تجربتها في فيلم وثائقي بعنوان "الرسم للمقاومة" عُرض في قنوات فرنسية واستعرض تحدياتها كرسامة كاريكاتير في بيئة محافظة ومتأثرة بالحرب. كما ظهرت في الفيلم الوثائقي "Behind the Lines" الذي يوثق تجربتها كرسامة كاريكاتير. وحاز الفيلم على جائزة مهرجان "كان" للفيلم الوثائقي لتسليطه الضوء على دور المرأة في تحقيق التغيير رغم الظروف القاسية.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top