2025- 03 - 06   |   بحث في الموقع  
logo مسلحون يقتحمون مطعما في عكّار.. هذا ما حصل logo جرحى في حادث سير عند مدخل شكا logo 3 قتلى في لبنان logo وسط توتر مع إيران: قاذفات B-52 الأميركية تجوب سماء الشرق الأوسط logo في زيارته المقبلة إلى السعودية... حمادة: عون سيوقّع مشاريع اتفاقيات logo سطو مسلّح على مطعم في الشمال... سرقة تحت التهديد وسقوط جريح! logo اشتباك على الحدود الأردنية: مقتل 4 مهربين وضبط مواد مخدرة (صور) logo بعد "غرق الأوتوستراد" بالمياه... رسامني: نجري تحقيقًا دقيقاً!
محرقة نفايات وزيرة البيئة: كي لا نصبح كالدجاج بباريس
2025-03-05 14:55:46

احترق قلبي عندما استمعت الى وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين وهي تتكلم عن انشاء المحرقة لحرق النفايات جميعها. حل مبهر شعرت أن الوزيرة تريد حرق كل شيء دفعة واحدة مع قلوبنا المحترقة على لبنان.
انقبض قلبي لأن معاليها رمت كل الجهد والتعب الذي قام به ناشطون وباحثون وجمعيات لبنانية على مدار السنوات لإيجاد حلول لمعضلة النفايات. وقد ترك هؤلاء وحدهم لمواجهة مصير انفجار أزمة النفايات على مر العقود، في ظل منظومة سياسية على رأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي تفاخر به الزين بتسميتها وزيرة عبر محطته التلفزيونية.وزيرة غير ناشطةتمارا الزين الوزيرة عرّفت عن نفسها أنها غير ناشطة، كما قالت في أول إطلالاتها الإعلامية. فكانت أشبه بمن أدار ظهره للناشطين والباحثين ولكل جهود الوزير السابق الدكتور ناصر ياسين وللاستراتيجية الوطنية للنفايات الصلبة، التي جاءت بعد جهد جبار والكثير من الاجتماعات مع مئات الجمعيات المحلية والبلديات والاختصاصيين. ونتج عنها الهيئة الناظمة للنفايات. استراتيجية تنتظر على أحر من الجمر التعيينات لموظفين، من أصحاب اختصاص وكفاءة وذو أيدي نظيفة.اعتصر قلبي وانا استمع إلى الوزيرة وهي ترمي مليونين و500 طن من النفايات السنوية كاملة، وملايين الجهود والابتكارات في مجال إعادة التدوير والتسميد الحيوي والتقليل من انتاج النفايات من المصدر، في محرقة واحدة لإصدار الطاقة، تريد تلزيمها لشركة خاصة على شاكلة الشركة التي تلتزم هذا الموضوع في دبي.تتحدث الزين عن دبي، التي بالرغم من الجهود المبذولة لتحويل النفايات إلى طاقة، لا تزال ترسل كمية كبيرة من النفايات الى المكبات، ولا يزال العمل على الفرز من المصدر فيها بطيء. ثم تعيد وتكرر الحديث عن دبي بالرغم من قولها في البداية "بأن كل دولة تعتمد الحل الذي يناسبها". وتسترسل في الكلام رغم أن الحلول التي تناسب الدول، تعتمد على نقاط عدة منها طبيعة النفايات وقابليتها للحرق، وطبيعة وتكوين البلد المستقبل للمحرقة وظروفه. فكيف الحال ببلد مثل لبنان يعيش واقعا طائفيا معروفا؟ فهنا لا بد أن نتساءل بفضول شديد لمعرفة الطائفة التي سوف تستقبل مكان المحرقة المزعومة، وتتحمل وزر نفاياتها ونفايات الطوائف الأخرى. ومن أي صندوق سيتم تمويل مشروع كهذا يكلف حسب ائتلاف إدارة النفايات "ما يزيد على 160 دولاراً للطن الواحد"؟ فالكلفة تقدر بأكثر من 400 مليون دولار لهذا المشروع بأحسن التقديرات. هذا فيما البلد مفلس ولم يجد حلاً بعد لا لإعادة أموال المودعين ولا لتعويض أضرار الحرب الأخيرة.وصفة الزين هي المشكلةوصفة الزين لحل أزمة النفايات مثلها كمثل كل الحلول في لبنان التي تأتي مغايرة لطريقة العمل ومن خارج الاستراتيجيات الوطنية. فغالباً تجد شركات خاصة تتصيد صفقة فساد ما مع المنظومة السياسية لتقاسم الغنيمة، ويترك اللبنانيون لمصيرهم بمواجهة مأساتهم. ألا نتذكر صفقة سد المسيلحة الشهيرة التي أجرت لها وزارة الطاقة والمياه عام 2011 مناقصة تلزيم بقيمة تتجاوز 83 مليار ليرة لبنانية؟ رغم تحذير الناشطين والباحثين، وعلى رأسهم الدكتور سمير زعاطيطي، من طبيعة الأرض التي تبتلع المياه، حصلت الصفقة، ووقعنا في المحظور. ألم يحصل ذلك في كل صفقات البواخر والمطامر بالرغم من تحذيرات الناشطين وأصحاب الاختصاص من مغبة هذه الصفقات؟تقول الزبن في المقابلة نفسها إن قضية النفايات "ليست بالمطلق مسألة علمية". لكنني أخالفها الرأي. فكل ما يتعلق بصحة اللبنانيين المتدهورة يجب أن يكون علمياً. ووضع خطة معالجة وتطبيقها غير ممكن إلا بالانطلاق من القاعدة العلمية. فهنالك آلاف من الأبحاث البيئية الصحية لتقييم البرامج والسياسات على الأرض تنطلق من ضرورة الحفاظ على صحة الإنسان. هذا فضلاً عن الإجراء العلمي الذي يعرف بتقييم الأثر الصحي، الذي يستخدم بحسب منظمة الصحة العالمية "كأداة قيمة تساعد في وضع السياسات، فضلاً عن مساعدتها لصناع القرار". فلماذا لا يفتتح النقاش عبر هذه الأداة العلمية لتقييم التأثيرات الصحية المحتملة والمرتبطة بتركيب وتشغيل محرقة نفايات مع تحليل منهجي للتأثيرات الصحية المحتملة التي قد تنتج عن انبعاثات المحرقة مثل الديوكسين؟ فالأخير يقطع مسافات طويلة في الغلاف الجوي ويتراكم بسهولة في السلسلة الغذائية ولا سيما في اللحوم والبيض والاسماك ومشتقات الحليب. ولماذا لا تناقش تأثير ملوثات شبكة النقل المخصصة للمحرقة، وتجوالها على كل الأراضي اللبنانية للوصول إلى مكان المحرقة؟ وماذا عن نوعية الفلاتر التي ستستخدم وتأثير المحرقة على العاملين فيها وعلى المجتمعات المحيطة بها؟ألا يستحق اللبنانيون المتروكون لمصيرهم على الصعيد الصحي من دون تغطية صحية شاملة أن تكون صحتهم حقاً مشتركاً، وأن تؤمن الحكومة لهم مبدأ الحماية والوقاية، لا سيما عندما يكون هناك شك في وجود خطر محتمل عليهم في ظل عدم جهوزية الأدلة العلمية بوجود تقنية جديدة مثل محارق الجيل الجديد (في حال جاء من يقول لنا أننا سنركب محارق ذات تكنولوجيا عاليةِ)؟تجارب غير مشجعةلا بدّ من تذكير معالي الوزيرة ببعض التجارب العالمية حول المحارق استنادا إلى حقائق علمية: في عام 2023 في العاصمة الفرنسية باريس كشفت منظمة "توكسيكو ووتش" أن أجهزة الاستشعار الديوكسين المنبعثة من المحرقة الكبيرة في أفري سور سين، جنوب باريس، قد توقفت خلال عامين. ويشير الباحث أبيل أركينبوت لجريدة اللوموند الفرنسية إلى أن" العدد الكبير من ساعات تعطل معدات القياس يعود إلى أن عملية الاحتراق لم تكن مثالية بشكل دائم، مما يزيد بشكل كبير من احتمال انبعاث كميات كبيرة من الديوكسينات".وقد نشرت منظمة توكسيكو ووتش دراسة عام 2022 تسلط فيها الضوء على وجود نسب عالية من الديوكسين في بيض الدجاح المربى في الهواء ضمن نطاق البلديات المحيطة بالمحرقة. وهذا دفع الوكالة الصحية الإقليمية حينها إلى إصدار توصية بعدم استهلاك البيض المنتج في حظائر الدواجن المنزلية في جميع أنحاء إيل-دو-فرانس(باريس وضواحيها).على أمل ان نبتعد عن مصائب الديوكسين والملوثات الأخرى والمصائب التي تتكرر وتصيب اللبنانيين بكثرة، نقول لوزيرة البيئة ولكل الوزراء: ارحمونا من التصريحات المتفلتة واتركوا لنا نسمة هواء واحدة نلتقط فيها أنفاسنا بعد كل الدمار والتلوث الذي أصابنا علنا لا نلقى المصير عينه للدجاج بالقرب من المحرقة الباريسية.


المدن



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top