جرت العادة في السّنوات الثلاث الأخيرة أن لا تكون “النّوايا الحسنة” و”استكمال الإجراءات الإدارية واللوجستية” كافية لإنجاز الإنتخابات البلديّة والإختيارية بموعدها. فخلال هذه السنوات، وتحديداً منذ العام 2022، أقرّ المجلس النيابي تأجيل الإستحقاق المحلّي 3 مرّات متتالية، آخرها في نيسان الماضي، لأسباب مختلفة لا يُستبعد، وسط الأجواء الحالية، أن يُعتمد إحداها تكون دافعاً لتأجيل رابع، إلا إذا كان ثمّة قرار على أعلى مستوى قد اتخذ لإجراء الإستحقاق البلدي والإختياري في موعده المرتقب في شهر أيّار المقبل.
وإذا كان وزير الداخلية والبلديات أحمد الحجّار قد أعلن يوم أمس أنّ “التحضيرات جارية على كلّ المستويات، وإنْ شاء الله في أقرب فرصة تكون كلّ التحضيرات مكتملة”، لافتاً إلى أنّ “الحكومة ووزارة الداخلية عازمتان على إجراء الانتخابات البلدية في موعدها خلال شهر أيّار على أربع مراحل”، فإنّ سلفه الوزير بسّام مولوي قام بهذا الإجراء في الأعوام الثلاث الماضية، لكنّ النتيجة كانت أنّ الإنتخابات تأجلت وجرى تمديد ولاية المجالس البلدية والإختيارية عاماً إضافياً.
وكما قيل سابقاً أيّام الوزير مولوي أنّه “يقوم بشغلو”، في ما يتعلق بإعلانه إنجاز الإجراءات والتحضيرات اللازمة لإجراء الإنتخابات البلدية، فإنّه ينتظر أن يقال الكلام ذاته عن الوزير الحجّار، برغم أن الأخير حدّد مواعيد إجراء هذه الإنتخابات وهو ما لم يفعله مولوي، معلناً أنّها ستجري على أربع دورات: الأولى ستنطلق في 4 أيّار المقبل في محافظتي الشّمال وعكّار، والثانية في 11 أيّار في محافظ جبل لبنان، والثالثة في 18 أيّار في محافظات بيروت والبقاع وبعلبك ـ الهرمل، والرّابعة والأخيرة في 25 أيّار في محافظتي الجنوب والنبطية.
في السنوات الثلاث السّابقة جرى تأجيل الإنتخابات البلديّة والإختيارية لأسباب مختلفة. ففي العام 2022 تأجّلت نتيجة تزامن إجراء الإنتخابات النيابية مع الإنتخابات البلدية، وفي العام 2023 بسبب عدم قدرة الدولة على تأمين التمويل اللازم، أمّا العام الماضي فتأجلت بفعل العدوان الإسرائيلي على لبنان، ما طرح تساؤلات هل أنّ أسباباً وذرائع جديدة ستعتمد لتأجيل الإنتخابات المحلية، ولو لفترة زمنية قصيرة حتى شهر أيلول المقبل، أم ستجري في موعدها في أيّار المقبل؟
ذرائع تأجيل الإنتخابات البلديّة كما جرى سابقاً غير متوافرة. فالإنتخابات النيابيّة المقبلة ستجري العام المقبل، وبالتالي ليس هناك من تزامن بين الإستحقاقين. والتمويل متوافر وفق ما أوضح رئيس لجنة الدفاع الوطني والداخلية والبلديات النائب جهاد الصّمد يوم أمس خلال اجتماع للجنة، بتوضيحه أنّ “هناك مبلغ 11 مليون دولار في موازنة العام 2024، ما يعني أنّ الإعتمادات اللازمة متوفرة وما من عائق أمام إجراء الإنتخابات في مواعيدها”، كما أن العدوان الإسرائيلي على لبنان قد توقف، وإنْ كانت نتائجه وتداعياته ما تزال حاضرة بقوة.
برغم ذلك، فإنّ مصير الإنتخابات البلدية والإختيارية يبقى مُعلقاّ بانتظار إيجاد حلول ومخارج لثلاث عقبات: هي:
أولاً: تظهر الإنتخابات في محافظات الجنوب والنبطية والبقاع وبعلبك ـ الهرمل وفي الضاحية الجنوبية من بيروت كعقبة أمام إجراء هذا الإستحقاق نتيجة الدمار الكبير الذي أصاب هذه المناطق جرّاء العدوان الإسرائيلي ونزوح أهالي هذه المناطق منها، فهل أنّه سيتم إستثناء هذه المناطق من الإنتخابات وتأجيلها إلى موعد لاحق، بينما تجرى هذه الإنتخابات في بقية المناطق كما جرى في العام 1998. الإجابة رهن الأيّام المقبلة.
ثانياً: ينتظر الإستحقاق المحلي موافقة السلطة والقوى السياسية على إجرائه. ذلك أنّ معارضة هؤلاء لإجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية إنطلاقاً من أنّها لا تناسبهم حالياً ويفضّلون تأجيلها، فإنّ ذلك يعني أنّ لا إنتخابات محلية قريبة.
ثالثاً: العقبة الأبرز التي يُرجّح أن تكون سبباً لتأجيل الإنتخابات البلدية هو مصير بلدية العاصمة بيروت. فمن دون وجود “ضامن” سياسي لتثبيت عرف المناصفة في مجلسها المكوّن من 24 عضواً، بين المسلمين والمسيحيين، فإنّ ضغطاً سيمارس لتأجيل هذه الإنتخابات كلّها، بعدما كشفت أغلب استطلاعات الرأي إلى أنّ المسيحيين لن يحصلوا، في غياب أيّ ضامن سياسي، على أكثر من 4 أعضاء في أحسن الأحوال.
The post الإنتخابات البلديّة: 3 عقبات تنتظر حلولاً وإلّا التأجيل!.. عبدالكافي الصمد appeared first on .